السبب في فتح الأبواب المسدودة.. بقلم / محمـــد الدكـــروري

الحمد لله وكفى والصلاة على النبي المصطفى ومن بآثاره اقتفى، وبعهد الله وفى، وسلام على عباده الذين إصطفى، وبعد يقول الله سبحانه وتعالي في كتابه الكريم " ومن يتقي الله يجعل له مخرجا " ومعنى الآية في سياقها أيها الإخوة الكرام أنها آية جامعة مانعة، لعل في سياقها وهي في سورة الطلاق، أي من يتقي الله في تطليق زوجته يجعل الله له مخرجا إلى إرجاعها، إذا كان طلقها طلقة واحدة وفق السنة، حيث من الممكن أن بعد يومين يكون خف غضبه، وشعر بحاجة إليها، ورأى أن الأمر لا يستدعي ذلك، أو بعد أيام راجعها، فعادت إليه بلا عقد، وبلا أي شيء، فيكفي أن يقول لها راجعتك فهي له، ومن يتقي الله في تطليق زوجته يجعل الله تعالي له مخرجا إلى إرجاعها، أما الطلاق البدعي بطلقات ثلاث، وكلما حلل لك شيخ حرم عليك عشرة، فهذا طلاق بدعي.
وهذا الإنسان سد على نفسه الطريق، ومن يتقي الله في تطليق زوجته يجعل الله له مخرجا إلى إرجاعها، وهذا المعنى السياقي، ولكن عظمة القرآن الكريم أنك إذا نزعت آية من سياقها منهج، وهو منهج كامل، من يتقي الله في إختيار زوجته يجعل الله له مخرجا من الشقاء الزوجي، ومن يتق الله في تربية أولاده يجعل الله له مخرجا من عقوقهم، ومن يتق الله في كسب ماله يجعل الله له مخرجا من إتلاف المال وضياعه، ومن يتق الله في توحيده يجعل الله له مخرجا من الشرك، من يتقي الله في علاقاته المهنية يجعل الله له مخرجا من الإحباط في عمله، في آية لا تنتهي، ولكن الذي ألح عليه القسم الثاني منه، قال تعالى " ومن يتقي الله يجعل له مخرجا ويرزقه من حيث لا يحتسب " وهذا كلام خالق الأكوان، وهذا كلام رب العالمين، وهذا الكلام مطبق في كل زمان ومكان.
رغم أنف كل الظروف، وكل الأوضاع المعيشة السيئة، وكل الأبواب المسدودة، ويقول أحد علماء دمشق قال جاءه شاب بلا عمل ولا شهادة، ولا يملك شيئا، وإقترب من الثامنة والعشرين، ولا أمل بزواجه، ولا أمل أن يسكن في غرفة في رأس الجبل، قال له هذا العالم اتقي الله، قال هذه الكلمة لا تعني شيئا الآن، أين أصرفها ؟ قال هذا الذي عندي، اتقي الله، يبدو أن هذا الشاب فهم هذه الكلمة بأبعادها البعيدة، فهو يعمل موظفا في محل تجاري، وبدأ يعمل وكأن المحل له، فضبط وقته بالدقائق، فإن ذهب إلى الصلاة ثماني دقائق وإعتنى بالزبائن عناية مذهلة، وهو صدق هذا العالم، أنا سأتقي الله، لكن لا أمل، لا بيت، ولا زواج، والمعاش لا يكفي خمسة أيام، قال له اتقي الله، ويقول هذا الأخ الكريم العالم بعد سنتين جاءني رجل بثياب حسنة، ودعاني إلى بيته لأزوره في أرقى أحياء دمشق،
قال له من أنت ؟ نسي، لأن الواحد يلتقي في اليوم مع خمسين شخصا، قال أنا الذي جئتك قبل سنتين، وقلت لك كلمة اتقي الله أين تصرف، وأنا الآن متزوج، وعندي بيت في أرقى أحياء دمشق، قال له ما القصة ؟ قال صاحب العمل لما رأى هذه الإستقامة وهذا الصدق وهذا الدوام الصارم، وهذه العناية الفائقة بالزبائن اشترى بيتا فخما، ولم يخبرني، قال كلما أراد أن يكسو هذا البيت قال لي تعالى إختر البلاط، أنا أثق بذوقك، بعدما انتهى قال له هذا البيت لك، وابنتي رشحتها لك زوجة اذهب وانظر إليها، فيا أيها الإخوة الكرام، والله ثم والله ثم والله، في أصعب الظروف، وأشد الحالات من يتقي الله يجعل له مخرجا، ويرزقه من حيث لا يحتسب، لأن الله عز وجل أمرك بيده، ما سلمك لأحد، هو الرزاق ذو القوة المتين، فاتقي الله، وأتقن عملك، وإضبط جوارحك، وإضبط لسانك.
وإضبط دخلك، وكن ورعا، وترفع عن الحرام، وسوف ترى من الله ما لا يصدق، وهذا الكلام ليس خاصا بهذا الشاب ولكن هذا الكلام لكم جميعا، وكل شخص منا قابل لأن يقطف ثمار هذه الآية، فاتقوا الله عباد الله، وصلوا وسلموا على محمد بن عبدالله كما أمركم الله في كتابه وقال صلى الله عليه وسلم "من صلى عليّ صلاة واحدة، صلى الله عليه بها عشرا" اللهم صلي على محمد وعلى آل محمد، كما صليت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم، إنك حميد مجيد، وبارك على محمد وعلى آل محمد، كما باركت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم، إنك حميد مجيد، وارض اللهم عن الخلفاء الراشدين، الأئمة المهديين، أبي بكر وعمر وعثمان وعلي، وارض اللهم عن الصحابة أجمعين، وعن التابعين، ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين، وعنا معهم بمنّك وكرمك وإحسانك يا أكرم الأكرمين.