بقلم / محمـــد الدكـــروري
الحمد لله رب العالمين قيوم السماوات والأرض جعل المرض رحمة للطائعين يرفع به درجات المؤمنين في جنات النعيم وأشهد لا إله إلا الله وحده لا شريك له ، القائل في كتابه العزيز " وبشر الصابرين الذين إذا أصابتهم مصيبة قالوا إنا لله وإنا إليه راجعون أولئك عليهم صلوات من ربهم ورحمة وأولئك هم المهتدون " وأشهد أن سيدنا محمدا عبده ورسوله صلى الله عليه وسلم وعلى آله وصحبه أجمعين وعلى التابعين وتابعي التابعين لهم بإحسان إلى يوم الدين أما بعد إن الحياء من الأيمان، فالمسلم عفيف حييي والحياء خلق له والحياء من الأيمان والأيمان عقيدة المسلم وقوام حياته فعن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال " الأيمان بضع وسبعون أو بضع وستون شعبة فأفضلها لا إله إلا الله وأدناها إماطة الأذى عن الطريق والحياء شعبة من الأيمان " رواه البخاري ومسلم،
وسر كون الحياء من الأيمان أن كلا منهما داعي إلى الخير صارف عن الشر مبعد عنه، فالأيمان يبعث المؤمن على فعل الطاعات وترك المعاصي والحياء يمنع صاحبه من التقصير في الشكر للمنعم ومن التفريط في حق ذي الحق كما يمنع الحيي من فعل القبيح أو قواه اتقاء للزم والملامة ومن هنا كان الحياء خيرا، ولا يأتي إلا بخير كما صح ذلك عن رسول الله صلى الله عليه وسلم في قوله " الحياء لا يأتي إلا بخير " رواه البخاري ومسلم، وقال بعض الحكماء من كساه الحياء ثوبه لم ير الناس عيبه، وقال بعض البلغاء حياة الوجه بحيائه كما أن حياة الغرس بمائه، وقال بعض البلغاء العلماء يا عجبا كيف لا تستحي من كثرة ما لا تستحي وتتقي من طول مالا تتقي ؟ قال الجنيد رحمه الله الحياء رؤية الآلاء ورؤية التقصير.
فيتولد بينهما حالة تسمى الحياء وحقيقته خلق يبعث على ترك القبائح وبمنع من التفريط في حق صاحب الحق، ومن كلام بعض الحكماء أحيوا الحياء بمجالسة من يستحى منه، وعمارة القلب بالهيبة والحياء فإذا ذهبا من القلب لم يبق فيه خير، وقال الفضيل بن عياض رحمه الله تعالي خمس علامات من الشقوة، هي القسوة في القلب وجمود العين وقلة الحياء والرغبة في الدنيا وطول الأمل، وقال يحيى بن معاذ من استحيا من الله مطيعا استحيا الله منه وهو مذنب، وكان يحي بن معاذ يقول سبحان من يذنب عبده ويستحي هو، ويقول الله عز وجل ابن آدم إنك ما إستحييت مني أنسيت الناس عيوبك وأنسيت بقاع الأرض ذنوبك ومحوت من أم الكتاب زلاتك وإلا ناقشتك الحساب يوم القيامة"
ويقول الله عز وجل "ما أنصفني عبدي يدعوني فأستحي أن أرده ويعصيني ولا يستحي مني" وكما يجب الحرص على الحياء والدعوة إليه، حيث أن المسلم إذ يدعو إلى المحافظة على خلق الحياء في الناس وتنميته فيهم إنما يدعو إلى خير ويرشد إلى بر، إذ الحياء من الأيمان والأيمان مجمع كل الفضائل وعنصر كل الخيرات، وفي الصحيح من حديث ابن عمر بن الخطاب رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم " مر على رجل من الأنصار وهو يعظ أخاه في الحياء فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم دعه فإن الحياء من الأيمان " فدعا بذلك إلى الإبقاء على الحياء في المسلم ونهى عن إزالته ولو منع صاحبه من إستيفاء بعض حقوقه، إذ ضياع بعض حقوق المرء خير له من أن يفقد الحياء الذي هو جزء أيمانه وميزة إنسانيته ومعين خيرته.
ورحم الله امرأة كانت قد فقدت طفلها فوقفت على قوم تسألهم عن طفلها فقال أحدهم تسأل عن ولدها وهي منتقبة فسمعته فقالت لأن أرزأ في ولدي خير لي من أرزأ في حيائي أيها الرجل.
إضافة تعليق جديد