رئيس مجلس الإدارة   
            د/ نبيلة سامى                   

                                               

          صحافة من أجل الوطن 

              (  مجلة مصر )

                             ( أحدث إصدارتنا)

السبت 12 أكتوبر 2024 2:54 م توقيت القاهرة

الطريق إلى العملة الافريقية الموحدة تحديات وأفاق

بقلم د.محمد عبد العزيز
كاتب وباحث إقتصادي ...
إعلامي ومحاضر بمركز أراك للتدريب والإستشارات ...
     تسعى دول افريقيا منذ نهاية الإستعمار الاوروبي إلى تعزيز التعاون الإقتصادي بين شعوب القارة وبعضها البعض للتخلص من التبعية والهيمنة للغرب ، ويهدف الأفارقة إلى إنشاء بنك مركزي موحد وإصدار عملة موحدة  لتعزيز أوجه التعاون الإقتصادي بينهم ، وسبق وأعلن محافظ البنك المركزي المصري السيد طارق عامر في نهاية عام 2018 بصفته رئيس جمعية البنوك المركزية الأفريقية أنه من المستهدف إنشاء بنك مركزي أفريقي موحّد وعملة أفريقية موحّدة بحلول عام 2043، وأكد على أن جمعية البنوك المركزية الأفريقية بدأت بالفعل بالخطوات نحو تحقيق هذا الهدف ووضع القواعد والإجراءات اللازمة لذلك .
ومن الجدير بالذكر أنه توجد بالفعل عملة أفريقية موحدة لعدد 12 دولة أفريقية في غرب أفريقيا تحت مسمى "الفرانك الافريقي" مما يؤكد على توافر القدرات والرغبة لدى الأفارقة ومع زيادة التنسيق والتعاون تزداد إمكانية تعزيز التعاون للوصول إلى عملة موحدة على مستوى القارة ككل .
تم تأسيس المجموعة الاقتصادية الأفريقية بموجب اتفاقية "أبوجا" التي وُقّعت في نيجيريا عام 1991 وكانت منذ البداية تدعو لإصدار عملة أفريقية موحدة  تسمى "أفرو" لكن تم تأجيل المسألة حينها ، ومما لا شك فيه أنه توجد صعوبات وتحديات تعوق تحقيق الهدف المرجو وهو إصدار عملة أفريقية موحدة تتمثل في ما يلي:-
- تباين السياسات والأدوات المالية والنقدية بين الدول الأفريقية .
- إنتشار الفساد الإداري والتبعية للغرب .
- إنتشار الجريمة والإرهاب والقلاقل والجماعات المسلحة .
- تباين المؤشرات الإقتصادية بين الدول الافريقية بشكل يعوق أن تكون جميعا ممثلة من خلال بنك مركزي واحد وعملة واحدة .
- تفاوت التشريعات الإقتصادية بين الدول الافريقية .
ومن المتوقع إذا ما إستطاعت الدول الافريقية تعزيز التعاون وتقريب التشريعات ومؤشرات الاقتصاد فيما بينها من حيث من " معدّلات النمو ، التضخّم ، الفقر ، الديون ، البطالة ، الاحتياطات النقدية وعجز الموازنات"  فإن الدول الافريقية سوف تكون قادرة بصورة أكبر على إصدار العملة الموحدة وحينئذ سوف تتحقق منافع إقتصادية عديدة أهمها ما يلي:-
- زيادة حجم التبادل التجاري بين الدول القارة الأفريقية
- زيادة معدلات النمو الإقتصادي في الدول الافريقية
- تشجيع الإستثمارات المتبادلة بين الدول الأفريقية
- خفض معدلات التضخم والبطالة والفقر في الدول الافريقية
- سهولة حركة رؤوس الأموال وحركة الأفراد بين الدول الأفريقية
ومن الجدير بالذكر الإشارة إلى قيام بعض الدول في غرب أفريقيا بالإتفاق على إصدار عملة أفريقية موحدة  تحت مسمى "إيكو" وهو مشروع وحلم الرئيس الليبي الراحل "معمر القذافي" الذي أفادت تقارير إستخباراتية أنه قتل بسبب ذلك الحلم حيث أرادت فرنسا في عهد "ساركوزي" ألا تخسر هيمنتها على الدول الناطقة بالفرنسية فكان تدخل فرنسا والناتو في ليبيا دعما للفوضى وليس للشعب الليبي وهو ما جاء في صحف ومجلات عالمية مثل "برافدا" الروسية و"كيا افريقيا" بالإشارة إلى ما ورد أيضا في تسريبات وزيرة الخارجية الأمريكية "هيلاري كلينتون" أثناء فترة ما يعرف بثورات الربيع العربي ، ومنذ أيام قليلة أعلن رؤساء الدول الآتية أسمائها :-
بنين ، بوركينا فاسو ، غامبيا ، غانا ، غينيا بيساو ، كوت ديفوار ، الرأس الأخضر ، ليبيريا ، مالي ، النيجر ، نيجيريا ، السنغال ، سيراليون وتوجو  إصدار عملة أفريقية موحدة  تحت مسمى "إيكو" ولتصبح هي العملة الوحيدة المعتمدة في كافة المعاملات التجارية إعتبارا من عام 2020 بين تلك الدول وبعضها البعض وبديلا عن أي عملة أخرى مثل الفرنك الافريقي وهذا يعني أنه يتعين على تلك الدول أن تتخلى أيضا عن إستخدامها لعملة الفرنك الفرنسي والمرتبط هو الأخر باليورو الأوروبي فهل تتخلى فرنسا ودول الإستعمار الأوروبي القديم عن الهيمنة الإقتصادية بتلك السهولة مع العلم أنه يجب على الدول الإفريقية التي قامت بالشراكة الإقتصادية مع فرنسا منذ عام 1960  يجب عليها الاحتفاظ بنسبة 50% من احتياطياتها من العملات الأجنبية في الخزانة الفرنسية ، وأصبحت فرنسا تحتفظ بودائع بالمليارات الأفريقية في شكل الفرنك الفرنسي  مع معدل فائدة قدره 0.72%  وكل هذا يحقق لفرنسا فوائض مالية كبيرة لتمويل الميزانية الفرنسية ذاتها ، فهل تتخلى فرنسا ومن ورائها أوروبا عن تبعية أفريقيا الإقتصادية لفرنسا وأوروبا ؟ وهل ينجح القادة الافارقة في إصدار عملة أفريقية موحدة ؟ ، هذا ما سيتضح مع الوقت وتجيب عليه أحداث المستقبل .

تصنيف المقال : 

إضافة تعليق جديد

CAPTCHA
This question is for testing whether or not you are a human visitor and to prevent automated spam submissions.