بقلم / محمـــد الدكـــروري
الحمد لله على إحسانه، والشكر له على توفيقه وإمتنانه، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له تعظيما لشأنه، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله الداعي إلى رضوانه، صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم تسليما كثيرا، ثم أما بعد، يقول أبو الدرداء رضي الله عنه لئن أستيقن أن الله قد تقبل مني صلاة واحدة أحب إلي من الدنيا وما فيها إن الله يقول " إنما يتقبل الله من المتقين " ولو علمت أن الله تعالي تقبل صلاة واحدة، لكان عندي شيئا عظيما ولشعرت بطمأنينة، ونحن نعمل ولا ندري أيقبل منا أو لا يقبل، لكن يجب أن يكون عندنا حسن ظن بالله تعالي أنه يقبلها منا، إذا صليت وصمت يجب أن يكون عندك حسن ظن بالله أنه يقبلها منك، لكن هل تقطع لنفسك أنها قبلت؟ لا، حسن الظن بالله أنه يقبل.
ورجاء أن يقبل لا يعني أنك تقطع لنفسك أنه قبلك، فإذا بقيت على هذا الشعور بين الرجاء وحسن الظن بالله أنه يقبل، وبين الخوف من ردها عليك وعدم قبولها، أو حبوطها، لكان المسلم يعمل ويعمل وهو على خير عظيم، وكذلك من الأمور المهمة في تربية النفس على العبادة التنويع في العبادة هو التنويع فيها، حيث أن من رحمة الله سبحانه وتعالى بنا، أن نوع علينا العبادات، فمنها ما يكون بالبدن كالصلاة، ومنها ما يكون بالمال كالزكاة، ومنها ما يكون بهما معا، مثل حج بيت الله الحرام، فإنه تجتمع فيه العبادتان المالية والبدنية، ومنها ما هو باللسان كالذكر والدعاء، وحتى النوع الواحد ينقسم إلى فرائض وسنن مستحبة، والفرائض تتنوع والسنن تتنوع، هذه الصلاة فيها فرائض متنوعة في الوقت، وعدد الركعات.
وسنن الصلاة متنوعة، فهناك سنن رواتب وهناك ما هو أعلى منها في قول بعض أهل العلم وهو صلاة الليل، ويوجد ما هو أدنى منه وهو مثل صلاة الضحى والأربع التي قبل العصر أي بين الأذان والإقامة حيث قال صلى الله عليه وسلم فيها "رحم الله امرأً صلى قبل العصر أربعا" فهذه سنة، ولكن دون السنن الراتبة الاثني عشر في المرتبة، وإذا التفت إلى هذا النوع من قيام الليل لوجدته أنواعا متنوعة، فمنه تستطيع أن تصلي واحدة وثلاثا وخمسا وسبعا وتسعا، وإحدى عشرة، وتستطيع أن تصلي مثنى مثنى، وفي قول بعض أهل العلم في رواية "يصلي أربعا فلا تسأل عن حسنهن وطولهن، ثم يصلي أربعا" ووردت رواية "أنه يصلي خمسا بتشهد وسبعا بتشهد واحد وتسعا بتشهد واحد" فإذن الكيفيات تتنوع.
فالتحيات وهي الصلاة الإبراهيمية صيغها متنوعة، ودعاء الإستفتاح متنوع الصيغ، وهذا التنوع يمنع الملل، وهذا من رحمة الله تعالي، وكذلك الصيام فيه معنى لا يوجد في الزكاة، والزكاة فيها معنى لا يوجد في الصلاة، والحمد لله أن عبادات هذا الدين ليست نوعا واحدا ولا متماثلا وإنما هي متنوعة تنوعا كثيرا، ولذلك يحصل التجدد في النفس، فلا تمل وتنجذب وتستلذ بالعبادة، وسبحان الذي جعل أبواب الجنة منوعة على أنواع العبادات، فقد قال النبي صلى الله عليه وسلم والحديث في البخاري "من أنفق زوجين في سبيل الله" من أي شيء؟ من الإبل أو من البقر أو من الغنم أو من الذهب أو من العبيد "نودي من أبواب الجنة يا عبد الله هذا خير فمن كان من أهل الصلاة دعي من باب الصلاة، ومن كان من أهل الجهاد دعي من باب الجهاد، ومن كان من أهل الصيام دعي من باب الريان، ومن كان من أهل الصدقة دعي من باب الصدقة"
إضافة تعليق جديد