مالك عادل
لابد الانتباه من الأيديولوجيات الكاذبة، التي تدعي أنها تتحري الحقائق ولكنها في الواقع تعمق الاستعباد الذهني؛ مما يولد الانقسام في النسيج الاجتماعي، وتفتيت الوطنية إلي قوميات متعددة، وعدم القدرة الفرد او المجتمع علي الحلم او حتي التفكير.
مثل تلك الأيدولوجيات لا تقدم أي دليل حقيقي لدعم ادعاءات العدو. ولذلك فإن علم هندسة النظم الاجتماعية، محاولة لحماية مجتمعاتنا من تلك الاختراقات الفكرية، ولاننا أصبحنا حقل تجارب وأرضية للصراعات العالمية وتصفية الحسابات، وأصبحت نفسيتنا الضحية والأكثر انهياراً في تلك الحروب الدافئة.
بدأت الحروب الدافئة بمجموعة من أعضاء تضم جي بي مورجان، وأسرة روكفلر، وروتشيلد من أوروبا، وأوربرغ من ألمانيا، وآخرين، والذين وضعوا خطة لإنشاء نظام عالمي من قبل القطاع الخاص للسيطرة المالية الكاملة والهادئة علي كل بلد والاقتصاد العالمي ككل. هذه المجموعة من أغنياء العالم أسست معهد تافيستوك لدراسة السلوك البشري، ووضع الخطط اللازمة لتغير الثقافات على مدى ١٠٠ عام من أجل الهيمنة العالمية. وتم تطوير الطرق اللازمة لإدارة الإدراك والسيطرة على الوعي الجماعي، وفيها هندسة الإعلام الاجتماعي لتحقيق السيطرة على وسائل الإعلام الرئيسية، لانها تعتبر أساس الوعي الجماعي.
وسائل الاعلام الرئيسيّة لها دور مهم في التأثير وتعريف القيم التي يعمل بها المجتمع إلى حد كبير، وعلي المعايير الاجتماعية، وطريقة التفكير والخريطة المعرفية للمجتمع. لأن التصورات التي تخلقها تؤدي إلى اتخاذ قرار مدروس غير متعمد أو اتخاذ قرار عشوائي نابع من العقل الباطن، وذلك اسميه التفكير بدون تفكير، وهو يؤدي في نهاية المطاف إلى سلوكيات غير واعية وغير مدروسة. وللاسف، كل ما عليهم القيام به هو الاستمرار في إرسال معلومات معينة ضمنية، ولا يهم إذا كانت المعلومات صحيحة أم لا، لان للاسف سيوافق المجتمع عليها، لان تم توصيلها بسهولة بوسائل الاعلام الحديثة وسلاسة بالافلام وبرامج الأطفال وبتكرار واخيراً بمرجعية بمواقع الانترنت والكتب.
إن التصورات السلبية تضخم الصورة إلى درجة تشويهها للواقع، ومثل تلك الممارسات تسمي نظام Divide و Conquer في الحروب النفسية، وسلاحها هو الرسالة التي تحملها، لان غالباً يستخدم فيها أسلوباً للانقسام، مثل "نحن" و"هم". ضمن هذا النظام يتم ضخ الرسائل المحبطة في العقول الغير واعية. يتم فيها نقل الرسالة اللاشعورية للمجتمع، بعد تقسيمه إلي طرفين، ليصبح كل منهما عدواً للاخر، وبالتالي سيحتاجون إلى طرف ثالث ليحكم بينهم وبالتدريج يسيطر علي حياتهم، وبالطبع ينبغي على الطرفين أن يعجبوا ويحترمون ويثقون فقط بالطرف الثالث. هذا النظام فعال جداً عندما يتم عرضه بشكل متكرر حتي يكون من الصعب مقاومة برمجة العقل الباطن للمجتمع، وعدم القدرة على المقاومة، وفي النهاية الخضوع لليأس. أنه يؤثر عن طريق نشر رسائل ضمنية بمزج بعض الاكاذيب في وسط الحقائق لخلق الانقسامات وكراهية الاخر، تفتيت الوطنية إلي قوميات، ثم تحول الصراع إلي داخل القومية الواحدة حتي ينعدم الثقة في اي فرد في ذلك المجتمع. هذا تكتيك في الحرب النفسية يهدف إلي الكراهية الذاتية للأفراد في المجتمع الواحد، التي تتغذي على العديد من المشاعر الكاذبة والتفوق الكاذب للمجتمعات الآخري.
هذا التكتيك في الحروب النفسية يقمع دون قتال عن طريق استخدام ما اسميه الحرب الدافئة، لتعزيز الانقسامات في الكيان الواحد، ثم الغزو بالحروب النفسية. ولأن المظلومين يسهل السيطرة عليهم عندما يُشعروهم بالشعور بالذات، فهذا التكتيك في الحروب النفسية، خبيث وبارع للغاية بحيث أنه لا يجعل المجتمع أكثر تقبلاً للهيمنة العدو فحسب، بل إنه في الواقع يجعل الكثيرين يفضلون ذلك.
ولقد استخدم تكتيك الحرب النفسية الخبيث لإنشاء سجن متقن للعقول من خلال تضليلنا بالاكاذيب، والاستسلام لليأس.
وهذه الحرب الدافئة السرية هي أصل تلك المشاعر العميقة المتمثلة في الكراهية الذاتية ومشاعر التفوق الكاذب للعدو، التي تؤثر الآن للاسف على العديد من الناس.
إضافة تعليق جديد