رئيس مجلس الإدارة   
            د/ نبيلة سامى                   

                                               

          صحافة من أجل الوطن 

              (  مجلة مصر )

                             ( أحدث إصدارتنا)

الأحد 8 ديسمبر 2024 2:54 م توقيت القاهرة

الكلام لا نخسر به شيئا.. بقلم / محمـــد الدكـــروري

اليوم : الخميس الموافق 21 نوفمبر 2024
الحمد لله رفع السماء بلا عماد، وبسط الأرض فكانت نعم المهاد، أحمده جل شأنه وأشكره أتم نعمته على العباد، وأشهد أن لاإله إلا الله وحده لا شريك له إليه المرجع والمعاد وأشهد أن نبينا وحبيبنا محمدا عبد الله ورسوله صلى الله على هذا النبي العظيم وعلى الآل والصحب الأمجاد، وعلى من سار على درب الهدى يبتغي الرشاد أما بعد، يا أخي الكريم اعلم بأن السعادة ليست في الحسب ولا النسب ولا الذهب، وإنما في الدين والعلم والأدب وبلوغ الأرب، وأسعد عباد الله عند الله أبذلهم للمعروف يدا، وأكثرهم على الإخوان فضلا، وأحسنهم على ذلك شكرا، فإذا لم تسعد بساعتك الراهنة فلا تنتظر سعادة سوف تطل عليك من الأفق أو تنزل عليك من السماء، وفكر في نجاحاتك وثمار عملك وما قدمته من خير وافرح به واحمد الله عليه، فإنه هذا مما يشرح الصدر.
واعلم بأن الذي كفاك هم أمس يكفيك هم اليوم وهم غدا، فتوكل عليه، فإذا كان معك فمن تخاف؟ وإذا عليك فمن ترجو؟ واعلم بأنك بينك وبين الأثرياء يوم واحد، أما أمس فلا يجدون لذته، وغد فليس لي ولا لهم وإنما لهم يوم واحد فما أقله من زمن، وإن من القول الحسن الذي أمرنا به المولي سبحانه وتعالي عندما قال تعالي " وقولوا للناس حسنا " هو التلطف مع الزملاء ومع أصحابنا ومع إخواننا ومع زملائنا، فقال رجل للحسن البصري "يا أبا سعيد، قال لبيك، قال تقول لي لبيك، قال إني أقولها لخادمي" فيقول أنا أقولها لجميع الناس، الكلام لا نخسر به شيئا، وهذا رجل سيد من السادة، كبير، نال مرتبة عالية بين قومه، فجاءه رجل سمع به، فقال له بماذا نلت هذا الشرف؟ قال بلا ثمن.
فبينما السائل قاعد في مجلسه إذ دعا هذا الرجل جاريته، فقيل نائمة، فقال أنام الله عينها عن الشر، فدعا غلامه، فقيل مشغول، قال شغله الله بطاعته، فيقول السائل فتبسمت، فالتفت إليّ، وقال أضحك الله سنك، هذا إنسان يوزع الكلمات الطيبة في مجلسه، لماذا يدعو الإنسان على هذا، ويسب ذاك، ويشتم الآخر، هل يستفيد شيئا؟ وإن للناس مثلا في الحج، تجد كثيرا من الناس يخرج من طوره ويغضب في أماكن الزحام، ويتصرف بتصرفات غير لائقة حتى إن الإنسان من ذوي المروءات يخجل أنه إبتلي بصحبة هؤلاء مما يسمع من مهاترات وسب وشتم، ولربما أراد الواحد منهم أن ينزل، ويهارش الآخرين، وعليه إحرامه، ونحن نقول لهؤلاء الناس بدلا من هذا الكلام السيئ لو قلتم للناس كلاما طيبا، ما الذي يضركم؟
حينما تتكلمون بهذه العصبية، وتزجرون الناس، وتشتمون هذا، وتسبون هذا، وتتحملون الأوزار، وتفسدون الإحرام، هل ينفرج عنكم ذلك كله؟ وهل يذهب الزحام؟ وهل يقول الناس تفضلوا وتنقشع الزحمة عن عرفة ومزدلفة ومنى، وتصلون بلحظات إلى مطلوبكم؟ أبدا، لا يحصل شيء من ذلك، فلماذا الإنسان يتخير العبارات السيئة، ولا يتخير العبارات الطيبةالنتيجة واحدة، لا يحصل مطلوبه من جهة ذلك الأمر الذي أغضبه، لكنه يؤجر ويجاهد نفسه وترتقي مرتبته، ويكون ممن يحملون أخلاق الأنبياء، وهكذا نبتعد دائما عن الكلمات الموهمة، وقد يتكلم الإنسان بكلام يفهم منه الباطل، وهذا الربيع بن سليمان من أخص أصحاب الشافعي، يقول أتيته وهو مريض فقلت له قوى الله ضعفك.
فقال لو قوى ضعفي لقتلني، يعني لو زاد ضعفي لمت، فقال والله ما أردت إلا الخير" يعني أنا لم أقصد هذا المعنى السيء، فقال الشافعي رحمه الله لثقته به "أعلم أنك لو شتمتني لم تريد إلا الخير".

تصنيف المقال : 

إضافة تعليق جديد

CAPTCHA
This question is for testing whether or not you are a human visitor and to prevent automated spam submissions.