بقلم / محمـــد الدكـــروري
الحمد لله على إحسانه، والشكر له على توفيقه وامتنانه، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له تعظيما لشأنه سبحانه وأشهد أن نبينا محمدا عبد الله ورسوله الداعي إلى رضوانه، صلى الله وسلم وبارك عليه وعلى آله وأصحابه وإخوانه أما بعد، يقول المصطفي صلى الله عليه وسلم لصديقه وحبيبة أبي بكر الصديق رضي الله عنه "لا تحزن إن الله معنا " فهذه الكلمة الجميلة الشجاعة قالها صلى الله عليه وسلم وهو في الغار مع صاحبه أبي بكر الصديق، وقد أحاط بهما الكفار، فقالها قوية في حزم، صادقة في عزم، صارمة في جزم، فما دام الله معنا فلم الحزن ولم الخوف ولم القلق، فإسكن واثبت وإهدأ وإطمئن، لأن الله معنا، لا نُغلب ولا نُهزم ولا نضل ولا نضيع ولا نيأس ولا نقنط، لأن الله معنا.
فالنصر حليفنا، والفرج رفيقنا، والفتح صاحبنا، والفوز غايتنا، والفلاح نهايتنا لأن الله معنا، فمن أقوى منا قلبا، ومن أهدى منا نهجا، ومن أجلّ من مبدأ، ومن أحسن منا سيرة، ومن أرفع مان قدرا؟ لأن الله معنا، وما أضعف عدوّنا، وما أذلّ خصمنا، وما أحقر من حاربنا، وما أجبن من قاتلنا، لأن الله معنا، فلن نقصد بشرا، ولن نلتجئ الى عبد، ولن ندعو إنسانا، ولن نخاف مخلوقا، لأن الله معنا، فنحن أقوى عدة وأمضى سلاحا، وأثبت جنانا وأقوم نهجا، لأن الله معنا، ونحن الأكثرون الأكرمون الأعلون الأعزّون المنصورون، لأن الله معنا، فيا أبا بكر اهجر همّك، وأزح غمّك واطرد حزنك، وأزل يأسك لأن الله معنا، ويا أبا بكر ارفع رأسك وهدئ من روعك وأرح قلبك لأن الله معنا، ويا أبا بكر أبشر بالفوز وإنتظر النصر.
وترقّب الفتح لأن الله معنا، فغدا سوف تعلو رسالتنا وتظهر دعوتنا وتسمع كلمتنا، لأن الله معنا، وغدا سوف نسمع أهل الأرض روعة الأذان وكلام الرحمن ونغمة القرآن، لأن الله معنا، وغدا سوف نخرج الإنسانية ونحرر البشرية من عبودية الأوثان، لأن الله معنا، ويقول الله تعالي لحبيبه المصطفي محمد صلى الله عليه وسلم " وإنك لعلى خلق عظيم " أي بمعني والله إنك لعظيم الأخلاق، كريم السجايا، مهذب الطباع، نقيّ الفطرة، والله إنك جمّ الحياء، حيّ العاطفة، جميل السيرة، طاهر السريرة، والله إنك قمة الفضائل، ومنبع الجود، ومطلع الخير، وغاية الإحسان "وإنك لعلى خلق عظيم" فيظلمونك فتصبر، يؤذونك فتغفر، يشتمونك فتحلك، يسبّونك فتعفو، يجفونك فتصفح، ويحبك الملك والمملوك والصغير والكبير والرجل والمرأة والغني والفقير والقريب والبعيد.
لأنك ملكت القلوب بعطفك، وأسرت الأرواح بفضلك، وطوّقت الأعناق بكرمك، فهذبّك الوحي وعلمك جبريل وهداك ربك وصاحبتك العناية، ورافقتك الرعاية، وحالفك التوفيق، فالبسمة على محياك، والبشر على طلعتك، والنور على جبينك، والحب في قلبك، الجود في يدك، والبركة فيك، والفوز معك، فمن زار بابك لم تبرح جوارحه وتروي أحاديث ما أوليت من منن، فالعين عن قرّة والكف عن صلة والقلب عن جابر والسمع عن حسن"وإنك لعلى خلق عظيم" لا تكذب ولو أن السيف على رأسك ولا تخون ولو حزت الدنيا ولا تغدر ولو أعطيت الملك لأنبي نبيّ معصوم وإمام قدوة وأسوة حسنة"وإنك لعلى خلق عظيم" صادق ولو قابلتك المنايا وشجاع ولو قاتلت الأسود وجواد ولو سئلت كل ما تملك.
فأنت المثال الراقي والرمز السامي"وإنك لعلى خلق عظيم" سبقت العالم ديانة وأمانة وصيانة ورزانة، وتفوقت على الكل علما وحلما وكرما ونبلا وشجاعة وتضحية.
إضافة تعليق جديد