رئيس مجلس الإدارة   
            د/ نبيلة سامى                   

                                               

          صحافة من أجل الوطن 

              (  مجلة مصر )

                             ( أحدث إصدارتنا)

الجمعة 27 ديسمبر 2024 5:30 م توقيت القاهرة

المؤامرة .............. الجزء الرابع والثلاثين والاخير بقلم مالك عادل

المؤامرة .............. الجزء الرابع والثلاثين والاخير
..
رحبت إيران بشكل كبير بأحداث ٢٥ يناير المصرية، وقد عبرت عن هذا الترحيب منذ البداية، غير أن الموقف الأقوى لإيران جاء عبر خطبة الجمعة التى ألقاها مرشد الثورة الإيرانية، على خامنئى، فى ٤ فبراير، والتى أكد فيها أن نظام مبارك كان عميلًا حينما وقف إلى جانب الكيان الإسرائيلى وسانده طيلة الحرب التى شنها على قطاع غزة.
ودعا خامنئى الجيش المصرى إلى الوقوف إلى جانب الشعب فى ثورته المزعومة، مطالبًا الثوار بعدم الثقة بالدور الأمريكى والغربى الذى كان مساندًا للنظام قبل ذلك ثم تخلى عنه الآن، مشيرًا إلى أن واشنطن تسعى إلى تقديم وجوه جديدة عميلة لها لمنصب الرئاسة. وشدد خامنئى على أهمية استمرار الثورة المزعومة إلى أن تبلغ غاياتها، كما حرص على دعوة المصريين إلى متابعة نضالهم حتى «إقامة نظام شعبى قائم على الدين»، واصفًا ما يحدث بمصر بأنه نتاج للثورة الإيرانية.
وكان من اللافت أن خامنئى قد ألقى خطبته هذه باللغة العربية فى محاولة منه لخلق تواصل مباشر مع المتظاهرين المصريين، إلا أن خطابه لم يجد تجاوبًا من المعتصمين والمتظاهرين فى ميدان التحرير أو فى المدن المصرية الأخرى، بل إن بعض اللافتات ارتفعت فى ميدان التحرير ترفض التدخل الإيرانى وتندد به، وإن لم تظهر هذه اللافتات كثيرًا فى التغطية الإعلامية الكثيفة وذات الطابع التحريضى لقناة الجزيرة لأسباب معروفة.
.
وقد سبق هذا الخطاب تصريحات أخرى لوزير الخارجية الإيرانى، على أكبر صالحى، فى ٣١ يناير، أعرب فيها عن ثقته بأن ثورة الشعب فى مصر ستساهم فى قيام شرق أوسط إسلامى، معلنا دعم طهران للتظاهرات المطالبة بسقوط نظام الرئيس مبارك. وأكد صالحى أنه «من خلال معرفتنا للشعب المصرى الثورى الكبير وصانع التاريخ فإننا على ثقة بأنه سيضطلع بدوره جيدًا فى إيجاد شرق أوسط إسلامى يتعلق بكل الأحرار ومريدى العدالة والاستقلال فى المنطقة». غير أن «صالحى» أفصح أيضًا عن خشية إيران من تدخل الولايات المتحدة التى وصف موقفها بالمتخبط والمرتبك.
.
وفى الوقت نفسه انخرطت الدبلوماسية الإيرانية ووسائل الإعلام الرسمية فى إيران، فى تناول أحداث ثورة يناير بقوة، عبر بيانات تأييد لتحركات المعتصمين والمتظاهرين وتحدث قائد الحرس الثورى الإيرانى عن انتقال الأحداث من مصر إلى دول أخرى. وأصدرت لجنة كانت قد أشرفت على إنتاج الفيلم المثير للجدل «إعدام فرعون» بيانًا ترحيبيًا بالثورة المزعومة.
.
وفى وقت لاحق صرح الرئيس الإيرانى الأسبق، أكبر هاشمى رافسنجانى، فى مقابلة نشرتها صحيفة «جمهورى إسلامي» الراديكالية فى ١٠ فبراير، قائلا بأن «وجود قائد مثل الإمام الخمينى أمر ضرورى لمصر»، داعيا المصريين إلى الاستمرار فى مظاهراتهم.
أما الرئيس الإيرانى، محمود أحمدى نجاد، فقد صرح فى اليوم نفسه فى الذكرى الثانية والثلاثين لانتصار الثورة الإيرانية، بأن ثورتى مصر وتونس نتيجة للثورة الإيرانية عام ١٩٧٩.
وأن «رسالة الثورة الإسلامية قد تم نقلها طوال الأعوام الاثنين والثلاثين الأخيرة إلى العالم، وقد استفاقت النفوس والقلوب الآن». غير أن الطريف أن أحمدى نجاد أعطى أبعادًا دينية للوضع فى الشرق الأوسط، حيث كان قد أكد فى وقت سابق فى حديث نشره الموقع الإلكترونى للتليفزيون الرسمى الإيرانى، أن «التحرك الأخير بدأ.. إننا فى وسط ثورة عالمية يقودها الإمام المهدى». وأضاف: «صحوة ضخمة تحصل ويمكن رؤية يد الإمام المهدى فيها».
.
و كان من اللافت أيضًا أنه بعد خطبة خامنئى بثلاثة أيام فقط، قام حسن نصرالله، الأمين العام لحزب الله اللبنانى، بإلقاء خطاب حماسى عن انتفاضة الشباب فى مصر، حرّض فيه الشعب المصرى على الاستمرار فى الثورة ضد نظام مبارك، بل وعرض وضع إمكانيات حزبه ومن معه من حلفاء لدعم انتصار الثورة المزعومة.
وهكذا فقد كان من الواضح أن الموقف الإيرانى الرسمى يأمل فى تقويض النظام فى مصر بالكامل، بما ينتج عنه قيام نظام جديد يتفق فى جزء من توجهاته الرئيسية مع المواقف والمطامح الإيرانية أو لا يكون متعارضًا معها على الأقل، أو تحول مصر لحالة من الفوضى ولو لبعض الوقت بما يعنى إحداث خلل فى التوازنات الإقليمية لصالح إيران بشكل أساسى، حيث تستطيع عندئذ الانفراد بالأنظمة الحاكمة فى الخليج العربى بدءًا بالبحرين مرورًا بباقى بلدان مجلس التعاون الخليجى، مع الانفراد بتسيير الأوضاع فى العراق، وأخيرًا اتساع الأفق أمام برنامجها النووى عبر تغيير المعادلات الحاكمة للمنطقة، ومن ثم تغيير الميزان التفاوضى بين إيران والغرب فيما يتعلق بهذا الملف والحلول المطروحة له.
.
وفى المقابل تحدث الرئيس الإيرانى الأسبق، محمد خاتمى، فى ٨ فبراير بنبرة مختلفة تمامًا، تناولت الأبعاد الحضارية والسمات المشتركة، وأشاد بنهضة الشعب المصرى، وقال إن «إيران ومصر جناحان انطلقت منهما الحضارة الإسلامية ووصلت إلى ذروتها، وإذا كان هناك بلد مشابه لإيران فهى مصر. وإذا ما كان هناك من بلد يعتبر نظيرًا لإيران فهو مصر»، مضيفًا أن «لمصر قاعدة ومكانة ومنزلة كبيرة، وكان بلدًا مؤثرًا فى العالم الإسلامى، وأنه فى المائة والخمسين عامًا الماضية كانت مصر مركز النضال ضد الاستعمار، وكانت السباقة فى الدفاع عن حقوق وحرمة الشعب ومحاربة أى تدخل أجنبى فى البلاد».
كما تحدث خاتمى عن تأثير مصر على الحركة الإصلاحية التاريخية فى إيران، وقال: «إن مصر هى المكان الأنسب لكى ينطلق منه مشروع الإسلام الحديث، كذلك رأى أن مصر هى المكان الأنسب لكى تنطلق منها جهود الكفاح ضد الاستبداد والاستعمار. فمصر كانت كذلك ولا تزال، ومصر مرت بتجارب مختلفة، وكانت فيها الحركات والتيارات الإسلامية المختلفة». وأكد خاتمى أن إيران تأثرت بالفكر الإسلامى المتنور من مصر، وهى برأيه إحدى قواعد نشر الفكر الإسلامى المتنور، وأشار إلى أن المصريين كانوا السباقين فى الدفاع عن نضال الشعب الفلسطينى، والتنديد بممارسات وجرائم الكيان الصهيونى وحتى مقاومة الاحتلال وجرائمه. ودعا خاتمى الشعب الإيرانى إلى الاستمرار فى حركة الإصلاح والمطالبة بالتغيير، مستلهما من الشعب المصرى، وأن تستمر الانتقادات للسلطة وللتزييف والاستبداد على حد تعبيره .

بخلاف الأحداث التونسية التى تم استيعابها ولم تثر الكثير من القلق لدى الدول العربية إلا على مستويات محدودة، فقد أحدثت ٢٥ يناير المصرية قلقًا طاغيًا فى كل المنطقة العربية، ووقف الجميع يرقبون المشهد الذى باغتهم كما باغت كل العالم.
.
وكان أحد أهم العوامل التى أثرت على المواقف العربية من أحداث يناير ومساراتها هو الإحساس العميق بأن ما سوف تؤول إليه الأوضاع فى مصر سوف يخلق نموذجًا جديدًا سوف تمتد آثاره إلى كل الدول العربية، سواء أنظمة الحكم الملكية فى الخليج والأردن والمغرب أو الجمهوريات شبه الوراثية فى اليمن وليبيا وسوريا، أو تلك الدول التى تعانى نوعًا من القلق وعدم الاستقرار الداخلى مثل الجزائر والعراق.
.
وذلك بحسب أن التغيير فى مصر بما عرف عنها من استقرار واستمرارية فى النظام منذ ثورة ٢٣ يوليو ١٩٥٢ ومؤسسات وهياكل أمنية قوية، سوف يشجع الكثيرين من الرافضين أو المعارضين لأنظمة الحكم فى بلادهم على اقتلاعها أو الإطاحة بها وهى بلا شك أقل تجذرًا وأكثر هشاشة من نظام حكم الرئيس الأسبق مبارك.
.
وأصبح من الواضح أن سقوط نظام مبارك سوف يؤدى ليس فقط لسقوط الركيزة الرئيسية لمعسكر الاعتدال فى العالم العربى فقط، وإنما سوف يؤدى أيضًا إلى سقوط النهج الذى كان يحبذه الجميع بعد أن أشاعه النظام المصرى، وهو ذلك النهج الذى يُعلى من شأن حالة الاستقرار فى النظام الرسمى فى الواقع العربى، والذى تحول بمرور الوقت إلى نوع من تكريس البنيان الرسمى للدولة العربية .
.
وبمعنى أن المواقف المترددة أحيانًا، والخائفة والقلقة فى معظم الأحيان، تعود فى أساسها ليس إلى المخاوف الداخلية من تكرار نموذج الأحداث المصرية فقط، وإنما أيضًا إلى ما سوف تطرحه من احتمالات تغيير للكثير من معادلات وقواعد العمل العربى أيضًا.
.
وهكذا التزمت أغلب الدول العربية الصمت فى الأيام الأولى لأحداث يناير، وجرى التعامل مع التطورات على الأرض، وتقلبات الموقف بين كل من النظام والمتظاهرين والمعتصمين فى ميدان التحرير، باعتبار أنها شأن داخلى، مع ملاحظة أن معظم البلدان العربية كان يحدوها الأمل فى أن تنتهى الأوضاع فى مصر إلى الاستقرار، وأن تعود الأوضاع إلى طبيعتها. ولم يبد من تصريحات معظم المسئولين العرب الميل لمصر الشعبية والاعتراف بما حدث
.
فأشار بعضها إلى أنهم يراقبون الوضع عن كثب، وهذا ما عبرت عنه الأردن والمغرب، بينما أكدت سوريا على أن ما يجرى فى مصر «شأن داخلي»، وكان الموقف الجزائرى أقرب ما يكون من الموقف السورى، حيث أعلنت الجزائر أنها «تحترم إرادة الشعوب وتتعامل مع الحكومات المنبثقة منها».
.
وكان الموقف القطرى الذى برز فى عمليات التغطية والتحريض الواسعة التى قامت بها قناة الجزيرة ضد نظام مبارك تعد استثناء فى هذا المجال، إذ إنها عبرت بطبيعة الحال عن التوجهات القطرية دون أن تصدر موقفًا رسميًا فى هذا الخصوص.
.
أما تخلى الرئيس الأسبق عن الحكم ، فقد كانت أكثر الدول العربية ترحيبًا بالتغيير فى مصر هي: قطر والسودان وتونس، فاعتبرت قطر أن نقل السلطة إلى المجلس العسكرى الأعلى يشكل خطوة إيجابية مهمة على طريق تحقيق تطلعات الشعب المصرى فى الديمقراطية والإصلاح والحياة الكريمة، بينما أعربت الحكومة المؤقتة فى تونس عن إكبارها لنضال الشعب المصرى وتضحيات شهدائه من شباب مصر. وأكد بيان الحكومة الأردنية على أنها «تعبر عن ثقتها بقدرة المجلس الأعلى للقوات المسلحة المصرية على النهوض بالمسئولية الكبيرة الملقاة على عاتقه». وكانت المغرب أكثر تحفظًا على ما جرى فى مصر، فبعد صمت طويل أصدرت وزارة الخارجية فى ١٢ فبراير بيانًا رحبت فيه «بالتزام السلطة العسكرية الجديدة فى مصر بضمان الانتقال السلمى نحو السلطة المدنية».
.
أما الحكومة السودانية فقد التزمت الصمت منذ اندلاع الأحداث فى مصر إلى أن تم الإعلان عن تنحى الرئيس مبارك، فأصدرت رئاسة الجمهورية بيانًا رحب بـ«انتصار الثورة فى مصر»، والدعم غير المشروط للانتفاضة الشعبية المصرية، وبَدَا أن حزب المؤتمر الحاكم فى السودان سعيد بالتغيير فى مصر باعتبار أن حركة الإخوان المسلمين المصرية ستكون أحد أطراف النظام القادم فى مصر، وأن هذا سوف يعنى المزيد من التعاون والدعم لنظام الإنقاذ على أسس إسلامية (لإعادة بناء وادى النيل على أسس إسلامية)، أو ربما أراد حزب المؤتمر الترويج لهذا المعنى فى محاولة منه لإضفاء المزيد من القوة على موقفه إزاء معارضيه فى الداخل.
.
وكده وضحنا موقف الدول العربية من احداث يناير ..
.
و للحديث باقية بخصوص أحداث مؤامرة 25 يناير 2011 , إذا كان فى العمر باقية

تصنيف المقال : 

إضافة تعليق جديد

CAPTCHA
This question is for testing whether or not you are a human visitor and to prevent automated spam submissions.