كتب أحمد عبد الحميد
شهدت محافظة الإسكندرية، حادثا بشعا قام خلاله رجل مسن، بطعن القمص أرسانيوس وديد، كاهن كنيسة السيدة العذراء وماربولس بالإسكندرية، مما أدى إلى حالة من الحزن الشديد لدى جميع المصريين بسبب هذا الحادث المؤسف.
والقمص أرسانيوس وديد، من مواليد 1966، وسيم كاهنًا بيد المتنيح قداسة البابا شنودة الثالث في 16 يونيو 1995، ونال درجة القمصية في 16 أكتوبر 2021، بيد صاحب القداسة البابا تواضروس الثانى.
ملابسات الواقعة
وذكرت وزارة الداخلية، في بيان أمس الخميس، أن الخدمات الأمنية بمديرية أمن الإسكندرية تمكنت من ضبط مسن عمره 60 عاماً قام بالاعتداء على رجل دين مسيحي، في أثناء سيره بالكورنيش بمنطقة سيدى بشر بالإسكندرية باستخدام "سكين" كان بحوزته.. وتم نقل المصاب لأحد المستشفيات لتلقى العلاج إلا أنه توفى حال إسعافه.
بيان الكنيسة حول الواقعة
بينما ذكرت الكنيسة في بيان حول مقتل القمص أرسانيوس وديد: “استشهاد القمص أرسانيوس وديد كاهن كنيسة السيدة العذراء وماربولس كرموز بالإسكندرية في حادث إجرامى بشع. ففي حوالي الساعة الثامنة من مساء الخميس قام مجرم في منطقة سيدي بشر بطعن القمص ارسانيوس وديد فى الرقبة مما أدى إلى قطع بالشريان الرئيسى وتم القبض على الجانى ونقل القمص ارسانيوس إلى المستشفى العسكرى بسيدى جابر وتمت عدة محاولات لإنعاش القلب ولكن لم يستجب.”
وقد أدى الأنبا إيلاريون أسقف كنائس غرب الاسكندرية والأنبا هرمينا أسقف كنائس وسط وشرق والأنبا بافلى أسقف كنائس المنتزة والقمص إبرام أميل وكيل عام الكاتدرائية في الاسكندرية، إلى جانب عدد من الأباء الكهنة، صلاة الجنازة بالكنيسة المرقسية على القمص أرسانيوس وديد عصر اليوم الجمعة، وسط حضور شعبى من الأقباط والمسلمين تزامناً مع عيد البشارة المجيد.
وشارك العشرات في توديع القمص أرسانيوس عصر اليوم الجمعة، إلى مثواه الأخير بمدافن الشهداء إلى جوار شهداء كنيسة القديسين والكنيسة المرقصية.
وخلال الجنازة، رفع عدد من المشاركين بها صور القمص أرسانيوس وديد في مظاهرة حب، خلال توديعه إلى مثواه الأخير.
تحقيقات النيابة وأقوال المتهم
وفي بيانها حول الواقعة، ذكرت النيابة العامة أن القمص أرسانيوس وديد كاهن كنيسة السيدة العذراء وماربولس في كرموز لقي مصرعه في حادث إجرامي، بعدما اعتدى شخص مسن بسلاح أبيض على كاهن كنيسة السيدة العذراء بمحرم بك أثناء سيره بطريق الكورنيش.
وقد توفي المجني عليه بالمستشفى متأثرًا بإصابته من جراء ذلك الاعتداء، وبعرض الأمر على المستشار النائب العام أمرَ بالتحقيق العاجل في الواقعة.
وانتقلت النيابة العامة على الفور لمناظرة الجثمان، فتبينت ما به من إصابات، وندبت الطبيب الشرعي لتوقيع الكشف الطبي عليه بيانًا للإصابات وسبب الوفاة، كما عاينت مسرح الواقعة، وكلفت الشرطة بإجراء التحريات العاجلة حول الواقعة.
وقد عُرِض المتهمُ على النيابة العامة لاستجوابه -وذلك بعد أن قام الأهالي بضبطه، والتحفظ عليه وعلى السلاح الذي استخدمه، حتى وصلت قوات الشرطة- وجارٍ استجوابُه، وسؤالُ شهود الواقعة، واستكمالُ التحقيقات.
وقد أمرت النيابة العامة، بحبس المتهم بقتل القمص « أرسانيوس وديد رزق » كاهن كنيسة السيدة العذراء بمحرم بك 4 أيام احتياطيًّا على ذمة التحقيقات، وتنفيذ قرار المحكمة المختصة بإيداعه تحت الملاحظة الطبية بأحد المستشفيات العامة المتخصصة في علاج الأمراض النفسية والعصبية لبيان حقيقة ما ادعاه خلال استجوابه من سابقة معاناته من أمراض نفسية تُفقده السيطرةَ على أفعاله.
واستجوبت النيابة العامة المتهم فيما نُسب إليه من قتله المجني عليه عمدًا، فأقرَّ خلال مواجهته شفاهةً بالاتهام بارتكابه الواقعة، ثم عاد وعدل عن إقراره وقرَّر أنه وفد إلى الإسكندرية منذ أيام بحثًا عن عمل بعدما تنقل من محافظة إلى أخرى، ومكث يبيت في الطرق العامة حتى عثر على سكينًا بمجمع للقمامة، فاحتفظ بها دفاعًا عن نفسه، ثم ادعى أنه يوم الواقعة وبعدما رأى المجني عليه أمامه لم يشعر بما ارتكبه قِبَله، حتى ألقى المتواجدون القبض عليه.
وفي خلال مناقشة واستجواب النيابة العامة المتهمَ لاحظت تلقيه الحديثَ والإجابة عما يوجه إليه من أسئلة بصورة طبيعية، خاصّة وقد تمت مناقشته في تفاصيل حياته الاجتماعية، وما تلقاه من تعليم جامعي، وما يطالعه من كتب للتثقيف العام، إلا أن المتهم -بعد عدوله عن إقراره في مستهل التحقيقات- ادَّعى سابقَ إصابته باضطرابات نفسية منذ نحو 10 أعوام دخل على إثرها أحد مستشفيات الصحة النفسية لتلقي العلاج، وأنه يفقد السيطرة على أفعاله أحيانًا.
شيخ الأزهر يعزي البابا تواضروس
وتقدم فضيلة الإمام الأكبر الدكتور أحمد الطيب، شيخ الأزهر، بخالص العزاء وصادق المواساة إلى البابا تواضروس الثاني، بابا الإسكندرية، وبطريرك الكرازة المرقسية، ولعموم الإخوة المسيحيين، في حادث مقتل القمص أرسانيوس وديد، مؤكدًا أن قتل النفس كبيرة من الكبائر التي تستوجب غضب الله وعذابه فى الآخرة، وقد جعل الله قتلَ نفسٍ واحدة كقتل الناس جميعًا؛ فقال تعالى {من قتل نفسًا بغير نفس أو فساد فى الأرض فكأنما قتل الناس جميعًا ومن أحياها فكأنما أحيا الناس جميعًا}.
كما تمنى شيخ الأزهر، أنه يتنبَّه الجميع إلى أن هذا الحادث وأمثاله هو طريق مُعبَّد لإشعال الحروب الدينية بين أبناء الوطن الواحد، وبخاصة بعد أن نجَّا الله مصر من هذه الحروب بفضله تعالى وبيقظة شعبها وقادتها، ويُطالب الجميع بأن يتيقَّظوا لمثل هذا المخطط، وأن يعملوا على إجهاضه أولًا بأول.
محافظ الإسكندرية ينعي الكاهن الراحل
ويتقدم اللواء محمد الشريف محافظ الإسكندرية، باسمه وباسم مواطني الإسكندرية، بخالص العزاء وصادق المواساة إلى قداسة البابا تواضروس الثاني بابا الإسكندرية وبطريرك الكرازة المرقسية، والأساقفة والرهبان والقسوس وشعب الكنيسة الأرثوذكسية بالإسكندرية، في حادث إنتقال القمص أرسانيوس وديد، مقدماً خالص العزاء إلى أسرته، وداعيًا الله عز وجل أن يحفظ مصر ويديم على شعبها الأمن والأمان.
إضافة تعليق جديد