رئيس مجلس الإدارة   
            د/ نبيلة سامى                   

                                               

          صحافة من أجل الوطن 

              (  مجلة مصر )

                             ( أحدث إصدارتنا)

الاثنين 13 يناير 2025 7:29 م توقيت القاهرة

المحسوبية والوساطة .. أنا (2 )

المحسوبية والوساطة .! وانا .؟ { 2 }

المستشار الاعلامى
احمدمحسن المطعني

كلٌّ من الواسطة والمحسوبية تعبر عن واقع مؤلم والرضا به يعتبر قناعة من نوع حقير كونه أكثر أنواع الفساد شيوعًا بالأوساط الإدارية وهما الأشهر ويمكن أن تلغي حقًّا أو تحق باطلاً وآفة اللجوء إليها لتحقيق الرغبات وبلوغ الآمال وتسيير الأمور اليومية مهما كبُرت أو صغُرت يزيد الطين بلة ومن أخطر نتائج الواسطة والمحسوبية أنهما يؤديان إلى إيقاع الظلم على كثير من الضعفاء الذين لا سند لهم ولاواسطة ومصادرة حقوقهم وعلى المدى البعيد يفقد هؤلاء الثقة في النظام السياسي ما يُضعف الشعور بالمواطنة والانتماء القائم على العلاقة التعاقدية بين الفرد والمجتمع وتراجع روح الابتكار وانخفاض مستوى الهيبة على مستوى الإدارات وكذا انتشار شتى أنواع الإهمال ما ينتج عنه من هجرةٍ للعقول وغياب للاستثمار وحصول الشرخ في النسيج الوطني.

كما تنطوي المحسوبية تحت لواء الفساد؛ فالمحاباة والتمييز بين المواطنين بسبب الدين أو العرق أو الصداقة أو القرابة - يمكن تفسيره لدى القائم به على أنه خدمة لقطاع أو مجموعة معينة غير أن خطورة هذا الشكل تكمُن إضافةً إلى الإجحاف الاقتصادي بحق مجموعات أخرى من السكان إلى تحويل المجتمع إلى مجموعات من ذوي المصالح التي تتصارع فيما بينها للحصول على أكبر نصيب من الغنيمة، ويشكل الفساد الإداري أكثر صور الممارسات اللاأخلاقية التي تعاني منها المجتمعات عامة وتنتشر بصورة أكبر في دول العالم الثالث؛ حيث أدركت الكثير من الدول المتقدمة خطورة التباطؤ في القضاء على تلك الممارسات، فتحركت الجهود لمحاربتها باعتبارها وباءً يفتك بالمجتمعات ويفتت جهودها ويَهدر طاقات أبنائها، غير أن في الدول النامية ما زالت القوانين والأنظمة البيروقراطية وغياب الشفافية تحكم قبضتها في أماكن العمل وتقف حاجزًا دون قدرة الفرد على المساهمة في تحقيق الخدمة المثلى لمجتمعه من خلال عمله والاستفادة في نفس الوقت من مقدرات بلاده.

وتقف المحسوبية حائلاً دون تحقيق التنمية الإدارية في المجتمع فالتنمية الإدارية السليمة تقوم على معطيات من قاعدة سيادة القانون التي تعمل المحسوبية على تدميرها ويُكرِّس استعمال الواسطة ظاهرة الاستقواء بأصحاب النفوذ بدلاً من الاستقواء بالقانون أي إن { قانون القوة يحل محل قوة القانون} وإذا عمَّت المحسوبية أصبح يشغل المواقع في الوظائف العامة ليس أكفأ الأشخاص ولا أنسبهم، بل الأقل كفاءة ولا يخفى ما يمكن أن يترتب على ذلك من تكوُّن بؤرٍ غير صحية في مواقع العمل؛ لشعور الموظفين بالظلم والتمييز والعنصرية ولن يكون من السهل على المرء عندما يتعثر ويخطو الخطوة الأولى نحو بؤرة الفساد الاجتماعي التي هي أشبه بهاوية شديدة الانحدار أن يتراجع وأن يوقف انحداره السريع نحو عُمق تلك الهاوية لكن التجارب الإنسانية على مر العصور قد أثبتت أن معالجة هذه المشكلة الاجتماعية تحتاج إلى تضافر جهود الفرد مع مَن حوله ومن باقي أفراد المجتمع؛ لأن الفرد لا يعيش منعزلاً وأن صلاح النفوس لا يمكن أن يتم إلا بدافع الإيمان الذي هو السبيل إلى تغلب المرء على نزواته وعلى دوافعه نحو الفساد وبأنه طوق النجاة والوسيلة التي تساعده على السير في طريق الصلاح والهداية والتي تقوده أيضًا إلى السكينة وإلى راحة الضمير.

وعليه فإن الحديث عن الفساد الاجتماعي تقود دراسته لاستقراء أساليب الانحراف وحياد بني البشرعن الطريق القويم للفطرة الإنسانية والتجرد من المثل الأخلاقية التي أفرزها الوجود الإنساني على وجه البسيطة حيث إن هذا النوع من أنواع الفساد يشوه البنى الاجتماعية والنسيج الاجتماعي من خلال صعود الأقلية على حساب الأكثرية وسوء توزيع الدخول بشكل غير متكافى الأمر الذي يؤدي إلى حدوث تحولات سريعة ومفاجئة في التركيبة الاجتماعية ويُكرِّس التفاوت الاجتماعي وتراجُع العدالة الاجتماعية نتيجة لتركيز الثروات والسلطات وتدني المستوى المعيشي لأغلبية أفراد المجتمع ويدفع البعض منهم لارتكاب الجرائم وبالتالي تعطيل قوة فاعلة في المجتمع.

تصنيف المقال : 

إضافة تعليق جديد

CAPTCHA
This question is for testing whether or not you are a human visitor and to prevent automated spam submissions.