بقلم امينة ربيع عبدالله
فكرتنا النمطية عن ضحية العلاقات السامة إنها تكون ضعيفة وإنقيادية، فكرة خاطئة بوجه عام في كثير من الحالات الواقعية.
فالمرأة ذات الإنجازات الواضحة والشخصية المتميزة هي التي تثير اهتمام الرجال ذوي الشخصيات النرجسية.
الشخصيات النرجسية:
وهو اضطراب نفسي في الشخصية، ليس له علاج شافي شفاء نهائي، قد تستجيب بعض الحالات للعلاج النفسي الطويل بحيث تتعلم السيطرة على سلوكها (بافتراض أن الشخص اعترف أن عنده مشكلة وتقبل فكرة أنه محتاج لعلاج) و من أهم سمات هذه الشخصيات المريضة هي الأنانية المفرطة، والذات المتضخمة والغرور و الشعور بالاستحقاق العالى غير المبرر والأفضلية على الآخرين، والكذب المرضي، وعدم القدرة على الشعور بالآخرين أو التعاطف بأي شكل، وعدم الشعور بالذنب أو تأنيب الضمير.
فالشخص من هذا النوع قانونه في الحياة هو “أنا ومن بعدي الطوفان والغاية تبرر الوسيلة” فيحقق أغراضه على حساب الآخرين بكل وسيلة، مهما تسبب ذلك في ضرر أو تدمير لهم. ويتلاعب بهم ويسيطر عليهم بالإدعاء والكذب والتضليل ليصل لما يريده، ثم يلقي بهم. يفعل ذلك بدم بارد تماماً دون أي شعور بالذنب، ثم ينطلق للبحث عن ضحية جديدة. ويتبع نفس هذا الأسلوب في العلاقات الشخصية، التي غالباً ما تكون عابرة بغرض الإستمتاع الوقتي.
فبالتالي المرأة اللامعة تمثل تحدي قوي يدعو هذه الشخصيات لإقتناصه، وإستغلاله، ثم تدميره والتخلص منه، للشعور بنشوة الانتصار! أما المرأة الضعيفة المستكينة محدودة الإنجاز فلا تمثل بالنسبة لهم نفس مستوى التحدي المطلوب لإشعارهم بالإنجاز.
و تعتمد هذه الشخصيات على الجاذبية الشديدة، والوسامة في أحياناً كثيرة، وارتباط صفاتها في الأذهان بالنجاح والقوة والسيطرة، بسبب شخصيات الدون جوان في الأفلام والروايات التي يتم إعطائها هذه الصبغة. وبالتالي ليس من الصعب على أحدهم لفت نظر امرأة متميزة وإيهامها أنه أيضاً مميز وناجح ومحبوب والشخص المثالي لها الذي كانت تبحث عنه طول عمرها!
في نفس الوقت، المرأة القوية الناجحة ذات الشخصية المتوازنة، عندها سمات شخصية إيجابية تفيدها في المحافظة على علاقاتها السوية وتجعلها محبوبة ومحترمة في محيطها، مثل ذكائها، وقدرتها على التواصل، وقوة التحمل والصبر والتفهم والتعقل والتعاطف في التعامل مع الناس…
هذه الصفات الجيدة تتحول لنقمة في قبضة هذه الشخصيات الاستغلالية!
فهي تعني أنها ستقدم المزيد من المساندة والأفكار وتوصله بكثير من الفرص والعلاقات، وستتحمل المواقف السيئة أطول من اللازم، وستجد الأعذار والمبررات بعد أن يسيطر عليها المستغل عاطفياً فيعيق قدرتها على التفكير الصائب، ولذلك ستتعاطف مع قصص معظمها أكاذيب مختلقة يطلقها هؤلاء بمنتهى السلاسة دون أن يطرف لهم جفن كأنها حقائق لا تقبل النقاش، وستغلب حسن الظن وتكذب حدسها لأنها ستسقط حسن نيتها على الشخص الخطأ.
وفي نفس الوقت، عند حدود معينة سينحسر التأثير العاطفي لمشاعرها، ويقف عقلها حاجزاً أمام محاولات السيطرة والتلاعب الواضحة، فتشرع في المقاومة… وبالتالي التغلب عليها تماماً هدف صعب، يستهلك وقت ومناورة وتفكير ومجهود من الاستغلالي الذي يسعى لهذا بالتحديد مع ضحاياه، فيستمتع بالمطاردة وإجهاد الضحية نفسياً وعقلياً لأطول مدة ممكنة قبل أن يجهز عليها ويضيفها لانتصاراته ثم يلقيها ويمضي ليبحث عن غيرها!
هذا السيناريو المفزع قصة مكررة في تاريخ كل امرأة متميزة أو لامعة! ،الفرق هو نقطة توقفها عن الإنصياع وقرارها بالنجاة بنفسها.
بعضنا ينتبه في أسابيع ويهرب بعد أول محاولة للسيطرة، وبعضنا (تبعاً للدراسات) لا تستطيع الإفلات إلا بعد ٧ محاولات فاشلة على الأقل قد تستهلك شهوراً… والبعض للأسف لا تستطيع الفكاك إلا بعد سنوات طويلة، وقدر رهيب من التدمير العقلي والنفسي والإجتماعي (وقد يكون المادي كذلك) وبمساعدة نفسية احترافية تستمر لفترات طويلة حتى الشفاء.
إضافة تعليق جديد