بقلم / محمـــد الدكـــروري
الحمد لله رب العالمين نحمد ونستعينه ونستغفره ونستهديه ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلن تجد له وليّا مرشدا والصلاة والسلام على من بعث رحمة للعالمين سيدنا محمد بن عبد الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم تسليما كثيرا أما بعد اعلموا يا عباد الله أن المرض نعمة وليس بنقمة، وأن في المرض لذائذ منها لذة العطف الذي يحاط به المريض والحب الذي يغمره من أقاربه ومعارفه، ومنها اللذة الكبرى التي يجدها المريض ساعة اللجوء إلى الله تعالي، عندما يدعوه مخلصا مضطرا، ومنها لذة الرضا عن الله تعالي عندما تمر لحظات الضيق على المريض وهو مقيد على السرير، ويبلغ به المرض أقصاه فيفيء لحظتها إلى الله عز وجل كما حصل في نداء نبي الله أيوب عليه السلام، فلا يحكم على المريض أو البائس بمظهره.
فلعل وراء الجدار الخرب قصرا عامرا، ولعل وراء الباب الضخم كوخا خربا، ومنها لذة المساواة التامة، فهي سنة الحياة، فلا يفرق المرض بين غني أو فقير، فلو كان المرض سببه الفقر أو نقص الغذاء لكان المرض وقفا على الفقراء، ولكان الأغنياء في منجى منه، لكنه لا يعرف حقيرا أو جليلا، والناس سواء، وإن من فوائد المرض أنه علامة على إرادة الله تعالي بصاحبه الخير، فعن أبي هريرة رضي الله عنه، قال رسول الله صلي الله عليه وسلم " من يرد الله به خيرا يصب منه" رواه البخاري، ومفهوم الحديث أن من لم يرد الله به خيرا لا يصيب منه حتى يوافي ربه يوم القيامة، وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال مر برسول الله صلى الله عليه وسلم أعرابي أعجبه صحته وجلده، قال فدعاه فقال له متى أحسست بأم ملدم ؟ قال وما أم ملدم ؟ قال الحمى، قال وأي شيء الحمى ؟
قال سخنة تكون بين الجلد والعظام، قال ما بذلك لي عهد " وفي رواية قال " ما وجدت هذا قط، قال فمتى أحسست بالصداع؟ قال وأي شيء الصداع ؟ قال ضربات تكون في الصدغين والرأس، قال مالي بذلك عهد" وفي رواية قال "ما وجدت هذا قط، قال فلما قفا، أو ولى الأعرابي، قال صلي الله عليه وسلم " من سره أن ينظر إلى رجل من أهل النار فلينظر إليه " فالكافر صحيح البدن مريض القلب، والمؤمن بالعكس،
ومن فوائد المرض هو أن العبد إذا كان على طريقة حسنة من العبادة والتعرف على الله تعالي في الرخاء، فإنه يحفظ له عمله الصالح إذا حبسه المرض، وهذا كرم من الله وتفضل، هذا فوق تكفير السيئات حتى ولو كان مغمى عليه، أو فاقدا لعقله، فإنه مادام في وثاق الله تعالي.
يكتب له عمله الصالح، فتعرف إلى الله في الرخاء يعرفك في الشدة، وبالتالي تقل معاصيه، وإن كان فاقدا للعقل لم تكتب عليه معصية ويكتب له عمله الصالح الذي كان يعمله في حال صحته، فعن عبدالله بن عمرو عن النبي صلى الله عليه وسلم "ما من أحد من الناس يصاب بالبلاء في جسده إلا أمر الله عز وجل الملائكة الذين يحفظونه، فقال اكتبوا لعبدي كل يوم وليلة ما كان يعمل من خير ما كان في وثاقي" رواه احمد، فاللهم اجعلنا ممن إذا أعطي شكر، وإذا أذنب استغفر، وإذا ابتلي صبر، ومن لم ينعم الله عليه بالصبر والشكر فهو بشر حال، وكل واحدة من السراء والضراء في حقه تفضي إلى قبيح المآل، إن أعطاه طغى وإن إبتلاه جزع وسخط.
إضافة تعليق جديد