رئيس مجلس الإدارة   
            د/ نبيلة سامى                   

                                               

          صحافة من أجل الوطن 

              (  مجلة مصر )

                             ( أحدث إصدارتنا)

الأربعاء 16 يوليو 2025 9:42 م توقيت القاهرة

المماليك يعيدوا إحياء الخلافة الإسلامية

بقلم / محمـــد الدكـــروري

الحمد لله رب العالمين، الرحمن الرحيم، مالك يوم الدين، لا عزّ إلا في طاعته، ولا سعادة إلا في رضاه، ولا نعيم إلا في ذكره، الذي إذا أُطيع شكر، وإذا عُصي تاب وغفر، والذي إذا دُعي أجاب، وإذا استُعيذ به أعاذ، وأشهد أن محمدا عبد الله ورسوله صلى الله عليه وسلم تسليما كثيرا أما بعد ذكرت المصادر التاريخية الكثير عن دولة المماليك في مصر، وقيل أنه رغم أن المماليك أعادوا إحياء الخلافة الإسلامية بعد سقوط خلافة بغداد، ونقلوا مقر الخليفة إلى القاهرة، إلا أن نظام الخلافة كان في هذا العصر مصطنعا إلى حد كبير، إذ كان الخليفة العباسي يفوض السلطان المملوكي في كافة أمور الحكم كالولاية والعزل، وتجهيز الجيش، وإعلان الحرب، وإقطاع الإقطاعيات وغيرها من الأمور التي تتصل بالسلطة التنفيذية بحيث كان الخليفة العباسي نفسه يقع في دائرة هذه السلطة. 

فلا أمر له ولا نهي ولا نفوذ، ومن الأحداث الشهيرة التي تدل على ذلك، هو أن أحد الأمراء المماليك عندما قرأ العهد الذي منحه الخليفة أبو الربيع سليمان المستكفي بالله للسلطان بيبرس الجاشنكير ووجد أوله " إنه من سليمان وإنه " بسم الله الرحمن الرحيم" رد على الفور قائلا " ولسليمان الريح " فلم يكن للخليفة العباسي في العصر المملوكي إلا سلطة دينية إسمية، ولم يكن له نصيب سوى الدعاء له على المنابر، وأن يحمل لقب أمير المؤمنين، ومن مظاهر ضعف الخلافة العباسية في القاهرة أن الخليفة الذي كان يتحصن تجاه السلطان المملوكي بسلاح التفويض، لم تكن له سلطة تعيين نفسه، ولكي يعين كان عليه أن يحظى بمبايعة السلطان وقضاة المذاهب الأربعة من هنا كان بإستطاعة السلطان أن يعزل الخليفة، بعد إستشارة شكلية للقضاة الأربعة، وفي هذه الحالة قد يسجن الخليفة في القلعة. 

أو ينفى إلى مدينة قوص بأقصى الصعيد، كما حصل مع الكثير من خلفاء بني العباس في القاهرة، وأبرزهم الخليفة المستكفي بالله سالف الذكر، وكان يتم إختيار الخليفة عادة في مجلس يضم السلطان والقضاة والأمراء، ويصحب إعتلاء كل خليفة منصبه عدة مظاهر غاية في الأبهة والعظمة من فحص نسبه، وتقليد السلطان له أمر الخلافة بالديار المصرية، وأخذ البيعة له من القضاة والأمراء وسائر الناس، ويلاحظ أيضا أن الخلافة في مصر أصبحت في ذلك العصر منحة يمنحها السلطان لمن شاء ويصرفها عمن يشاء، وذلك لعدم وجود ثوابت لتولية الخلفاء العباسيين في مصر، فكان أغلبهم يعهد بالخلافة لإبنه من بعده، ثم لا يقوم السلطان بتنفيذ ذلك في أغلب الأحيان، بل يعين ابن عم الخليفة أو أخا له بدلا من الابن، كما كان الأمراء أنفسهم يتدخلون في تعيين الخليفة بحال كان السلطان ضعيفا. 

وقد وصف القلقشندي نائب السلطنة في العصر المملوكي بأنه كان سلطانا مختصرا، بل هو السلطان الثاني، أما مهمة نائب السلطنة فكانت مساعدة السلطان أثناء حضوره، والقيام بمهامه ومسؤولياته أثناء غيابه، بل كان يمكن لنائب السلطنة أن يكون سلطانا آخر بالفعل دون الاسم في حضور السلطان إذا فوضه الأخير بتصريف شؤون الدولة دون الرجوع إليه، أو إذا كان السلطان صغير السن لا قدرة له على القيام بأعباء السلطنة، فتلقى تبعتها على نائب السلطنة بتفويض منه، وكان أبرز نواب السلطنة هو نائب الحضرة أو النائب الكافل وهو مساعد السلطان الأيمن في تصريف شؤون الدولة، ويشترك معه في توزيع الإقطاعات ومنح ألقاب الإمارة، ويقيم إلى جانبه في القاهرة، وإذا كان هذا النائب ينوب عن السلطان في حضوره صار لقبه نائب الحضرة، أما إذا كان لا يجوز له أن ينوب عن السلطان إلا في غيبته. 

فيكون لقبه نائب الغيبة وهو أقل درجة من الأول، وقد وجد للسلطان نواب في أقاليم الدولة المختلفة، ففي البلاد الشامية كان هناك نواب للسلطنة في كل من دمشق وحلب وطرابلس وحماة وصفد والكرك وأعلى هؤلاء درجة هو نائب دمشق الذي أطلق عليه نائب الشام، وهناك مدينة واحدة في مصر وهي مدينة الإسكندرية عين لها نائب سلطنة سنة سبعمائة وسبع وستين من الهجرة.

تصنيف المقال : 

إضافة تعليق جديد

CAPTCHA
This question is for testing whether or not you are a human visitor and to prevent automated spam submissions.
8 + 7 =
Solve this simple math problem and enter the result. E.g. for 1+3, enter 4.