رئيس مجلس الإدارة   
            د/ نبيلة سامى                   

                                               

          صحافة من أجل الوطن 

              (  مجلة مصر )

                             ( أحدث إصدارتنا)

الأربعاء 26 يونيو 2024 2:37 م توقيت القاهرة

النجم الثاقب وعلاقته بالشمس

بقلمي جمال القاضي

قال الله تعالى في أول سورة الطارق :
(وَالسَّمَاءِ وَالطَّارِقِ (1) وَمَا أَدْرَاكَ مَا الطَّارِقُ (2) النَّجْمُ الثَّاقِبُ (3) 
صدق الله العظيم

نعلم أن الله سبحانه وتعالى لايقسم  بشيء  إلا لعظم مكانته، حيث يقسم سبحانه وتعالى في هذه الآية بالسماء والطارق، والطارق هو النجم الثاقب .

نعيش لحظات مع قول علماء التفسير وأهل اللغة وفي النهاية مع العلم وهل النجم الثاقب هو الشمس أم غير ذلك ؟

أولا : قول علماء التفسير
فقد اختلف علماء التفسير في قولهم عن معنى الطارق ، ففي تفسير السعدي ذكر بأن الطارق هو النجم الثاقب ، أي : المضيء ، الذي يثقب نوره ، فيخرق السماوات فينفذ حتى يُرى في الأرض ، وهو اسم جنس يشمل سائر النجوم الثواقب قال الطبري رحمه الله في "تفسيره" (24/351) :
" أقسم ربنا بالسماء ، وبالطارق الذي يطرق ليلا من النجوم المضيئة ، ويخفى نهارًا ، وكل ما جاء ليلا فقد طرق " انتهى .
وقال قتادة وغيره : " إنما سمي النجم طارقا ؛ لأنه إنما يرى بالليل ويختفي بالنهار " .
انتهى من " تفسير ابن كثير" (8 /374) .
وقال ابن القيم رحمه الله :
" أقسم سبحانه بالسماء ونجومها المضيئة وكل منها آية من آياته الدالة على وحدانيته ، وسمى النجم طارقا لأنه يظهر بالليل بعد اختفائه بضوء الشمس ، فشبه بالطارق الذي يطرق الناس أو أهلا ليلاً ، قال الفراء : ما أتاك ليلا فهو طارق ، وقال الزجاج والمبرد : لا يكون الطارق نهارا " انتهى من "التبيان في أقسام القرآن" (ص 63) .
وقال الطبري أيضا (24/352) :
" ( وَمَا أَدْرَاكَ مَا الطَّارِقُ ) يقول تعالى ذكره لنبيه محمد صلى الله عليه وسلم : وما أشعرك يا محمد ما الطارق الذي أقسمتُ به ؟ ثم بين ذلك جلّ ثناؤه فقال : هو النجم الثاقب ، يعني : يتوقد ضياؤه ويتوهَّج " انتهى .

قال ابن كثير رحمه الله :
" وقوله : ( الثاقب ) قال ابن عباس : المضيء ، وقال السدي : يثقب الشياطين إذا أرسل عليها ، وقال عكرمة : هو مضيء ومحرق للشيطان " انتهى من "تفسير ابن كثير" (8 /375) .

ثانيا : معنى الطارق والثاقب عند أهل اللغة
فقد قيل أن الطارق يقع على كل ماطرق ليلاً، وقد قيل عن الطارق ايضا بأنه قاصد الليل طارقاً لاحتياجه في الوصول،  وعن معني الثاقب في اللغة أي النافذ العميق .

ومما تقدم نرى أن معظم العلماء قالوا أن الطارق هو النجم الذي يرى ليلاً ويختفي نوره بالنهار وقال بعضهم بأن النجم الثاقب هو كوكب زحل ، (لكن زحل ليس نجماً وانما هو كوكب والكواكب أجسام معتمة ليست متوهجة مثل النجوم )

كما قال غيرهم ليس كل طارق يكون ليلاً والعرب تقول : أتيتك اليوم طرقتين : أي مرتين ، وماينفي القول بأن كل طارق مايرى ليلا ويختفي بالنهار  قوله صلى الله عليه وسلم : أعوذ بك من شر طوارق الليل والنهار إلا طارقا يطرق بخير . 

 ومما سبق نرى اتفاق العلماء في تفسير معنى النجم الثاقب وهو المضيء الذي يثقب نوره فيخرق السماوات فينفذ حتى يرى في الأرض وهو اسم جنس يشمل سائر النجوم الثواقب كما ذكر العلماء ، لكن هناك اختلاف في تفسير معنى كلمة الطارق ، فبعض قال انه مايطرق بالليل ويختفي بالنهار، والبعض ذكر غير ذلك من طوارق الليل والنهار .

ثالثا مع علم الفضاء والنجوم 
علمنا أن النجوم هي أجسام متوهجة تشع ضوءًا وحرارة، ويرجع هذا التوهج نتيجة الطاقة النووية الناتجة عن الانفجارات النووية التي تحدث داخل النجم .

لكن السؤال اذا كان  النجم الثاقب هو اسم جنس يطلق على سائر النجوم التي تتوهج وتستطيع ان تثقب الفضاء ليرى ضوءها من الأرض فهذا يعني أن كل النجوم لها نفس الخصائص، فلماذا لانشعر بحرارة النجوم الآخرى ونفس قوة توهجها مثلما يحدث مع مانشعر به مع الشمس؟ 

سيجيبنا البعض قائلا لتباعد المسافة بين هذه النجوم والأرض، نعم آوافقك الرأي بأن المسافة بعيدة جداً بين النجوم والأرض، لكن اذا كانت المسافة هي السبب في عدم وصول هذه الحرارة لسطح الأرض فلماذا لم تصل حرارة  النجوم العملاقة منها والتي يصل حجمها ملايين الأضعاف مقارنة بحجم الشمس ؟ ألم يعوض هذا الحجم الكبير هذا البعد عن الأرض فيكون هناك من هذه النجوم من  ينافس الشمس في التوهج والحرارة والضوء وصولا للأرض خاصة أن بعضها قريبا من الشمس وأكبر منها حجما ؟
 عليك ايضا أن تتخيل نفسك واقفا أمام نار ناتجة من اشتعال  كومة من مادة ما لكن هذه الكومة متوسطة الحجم  وعلى مسافة معينة، وكومة غيرها تبعد عن هذه بمسافة تقدر بضعف المسافة بينك وبين الكومة الأولى لكن هذه الكومة حجمها ضعف الكومة القريبة منك، ماذا ستشعر من توهج النار في كليهما؟ وأيهما سيكون أقوى في أن تصل الحرارة منها إليك؟ وماذا لو كانت محتويات كل منهما مختلف أي نار صادرة نتيجة اشتعال مواد مختلفة هل ستصبح الحرارة بنفس الدرجة حتى لو كان كل منهما بنفس المسافة ونفس الحجم  ؟  حتما سوف يختلف التوهج وتختلف الحرارة بل ويختلف شكل الضوء الصادر نتيجة اشتعال المواد المختلفة، وربما تكون الحرارة وشدة الضوء والتوهج والتي نتجت من اشتعال الجسم البعيد أقوى من اشتعال الجسم القريب .

أمر عجيب ، ألم يخبرنا العلماء من قبل عن معنى النجوم وماهية هذه النجوم ومايدور بداخلها من انفجارات تجعلها شديدة الحرارة ؟

فلو كانت النجوم جميعها متشابهة في الكونية والتركيب وكذلك في الإشعة والانفجارات التي تحدث بداخلها لكانت متشابهة في نوع الأشعة الصادرة منها، وكانت كلها قادرة على ثقب الغلاف الجوي بأشعتها الصادرة منها والنفاذ منه وصولاً للأرض، فتحدث نفس ماتحدثه الشمس من تأثير مهما كان التباعد بين النجوم والأرض،  وهذا يجيب على سؤالنا السابق وهو لماذا لم تصل حرارة النجوم العملاقة والأقرب للشمس وامكانية وصول هذه الحرارة والتوهج وقوة الضوء الصادر منها للأرض فنراها حينها مثلما نرى الشمس ونشعر منها بنفس حرارة الشمس.

ولأن الله قد خلق الأرض وجعل فيها مقومات تجعلها الكوكب الصالح للحياة فوق سطحه، وجعل فيها غلافاً غازياً بطبقات تتميز كل واحدة منها بخصائص مختلفة عن غيرها، ولأن الله جعل هذا الكوكب هو كوكب الحياة فكان من خصائص طبقات  غلافة الخارجي أن جعل لها القدرة على أن تنعكس عليها وتنكسر هذه الموجات الكونية الضارة التي تأتي من نجوم السماء وتسمح فقط بالنفاذ العميق  لأشعة الشمس الغير ضارة وبعضا من أشعة النجوم الآخرى التي تجعلنا نرى ضوءها ليلا ولاتسمح بالأشعة الحرارية من هذه النجوم الكونية الساخنة .

وعلى ذلك وبناء على ماذكرنا فإن  النجم الثاقب قد يكون هو نجم الشمس الذي جاء ليثقب طبقات الغلاف الجوي وينفذ نفاذاً عميقاً من خلالها ويصل ضوءه الغير ضار  للأرض حاملاً معه حرارة تجعلنا نعيش  ولاتهلكنا بشدتها، فسبحان الله العظيم.
هذا والله تعالى أعلى وأعلم .

تصنيف المقال : 

إضافة تعليق جديد

CAPTCHA
This question is for testing whether or not you are a human visitor and to prevent automated spam submissions.