رئيس مجلس الإدارة   
            د/ نبيلة سامى                   

                                               

          صحافة من أجل الوطن 

              (  مجلة مصر )

                             ( أحدث إصدارتنا)

الأحد 7 يوليو 2024 6:22 ص توقيت القاهرة

الوسواس القاتل (مع الأسباب والأعراض والعلاج )

بقلمي جمال القاضي

ليست الأمراض العضوية وحدها هي التي قد تقضي على حياة الإنسان، وليست الأمراض الجسدية يكون سببها الإصابة أو التعرض لميكروب، لكن هناك غير ذلك وأخطر من هذه الميكروبات القاتلة، ألا وهي الأمراض النفسية التي تتسرب دائما لنفسية  الإنسان فتخترق هدوءه، وتسكن مفاصل شخصيته وتهددها، فتجعل من هيكل هذه الشخصية حصناً تختفي بداخله، وتنحر سكونه وتسوق به الى الموت في النهاية، انها الأمراض النفسية .

وهذا المرض الخطير هو الوسواس القاتل .

 وعن أعراضه :
فربما شعرت يوماً بالرغبة في الإبتعاد عمن حولك، ربما شعرت بخطر  يملأ المكان الذي حولك، رغم عدم وجود هذا الخطر في الواقع، ربما كان خوفك على أقرب الناس اليك أكثر بداخلك، فقط لإصابته بشيء لايستحق منه كل هذا الخوف، لقد بنيت على هذه الإصابة توقعات ينتهي بها ظنك بأن هذا الذي كان خوفك عليه سيموت قريبا وتفقد معه شعورك بالأمن من دونه، وربما شعرت بأن نهايتك أنت أصبحت وشيكة فقط لتعرضك لإصابة جسدية بسيطة .

شعرت مرات عديدة بأصوات تناديك من أعماقك، هذه الأصوات تخبرك بأنه لم يعد هناك أحد بالكون يحبك، حتى أنت شعرت بكرهك لنفسك، توقعات لفشل تقابلك في مواقف، سناريوهات عديدة لموقف من الخيال يخبرك احدها ويصور لك مشاهداً صعبة تنتهي بالخذلان والفشل ولم يكن لهذه المواقف حقيقة في الواقع، خوف شديد من كل شيء،  فهذا يخبرك أنك سوف تموت بهذا المرض الذي أصابك أو أصاب من تحبه، وربما أن ماتصاب به ومايبدو عليك من أعراض ناتجة من الإصابة هي أعراض لمرض خطير وهي في الحقيقة ليست سوى مرض بسيط، وكذلك وسوسات من تعظيم الإستجابة الوهمية للمواقف الوهمية، وأصوات قد تدفعك في النهاية لأن تنتحر حتى ترتاح من كل ماتعاني منه .

كل ماسبق وتم ذكره، هو بعض من كثير لمجموعة من الأعراض التي تظهر على مصاب المرض النفسي الذي نسميه بالوسواس القاتل، هذا المرض قد أطلق عليه بالقاتل لأنه حقاً من أخطر الأمراض النفسية التي قد تصيب النفس البشرية والتي قد تنتهي معه حياة المريض بهذا المرض بنهاية مأساوية .

لكن لو تحدثنا عن أسبابه فهي كثيرة، سنذكر بعضها، ومنها مايكون بسبباً لسوء التربية وعدم الإهتمام برغبات الطفولة لبعض أطفال الأسرة وتلبية كل الرغبات للبعض الآخر، إنها التفرقة والعنصرية بين هذا وذاك داخل الأسرة، والذي كان هو سبباً في اصابة الأفراد فيما بعد بعدة أمراض نفسية قد يتحول بعضها من مرض نفسي لمرض عضوي يحتار في تشخيصه مهرة الأطباء ليعيش المريض النفسي حياته مع معاناة من علاجات وآدوية لاتغني ولاتسمن من جوع مع حالته .

وهناك غيرها من الأسباب ومنها عدم ملاحظة التغير السلوكي الذي قد يبدو على فرد من أفراد الأسرة، مثل التغير والرغبة في الخلوة والوحدة بعد أن كان دائما يجلس مع باقي افراد أسرته في جو من الشغب والصخب الذي يحدثه، كذلك عدم محاولة الحديث مع الطفل حول المواقف والمشكلات التي قد يتعرض لها خلال يومه، والإهتمام المفرط بأحد الأفراد على حساب الآخر وتعمد إهمال هذا الطفل، علاوة على ذلك الشعور بالفراغ الكثير وعدم وجود مايشغل الإنسان ويبعده عن التفكير السيء .

كل هذا يؤدي بالإنسان إلى هذا المرض الذي يدفع به الى الانتحار، فهذا صوت يناديه قائلاً لاسبيل للنجاة والخلاص إلا عندما تلقي بنفسك في طريق السيارات، وهذا صوته آخر يناديه قائلا:يجب عليك أن تجرب السقوط من هذا الطابق بعد قفذك من خلال أحد شرفات الشقة، أو يكون صوتا يقول يجب تقضي على نفسك وحياتك بهذه السكين التي أمامك .

لكن ماهو الطريق للعلاج ؟

 أولا: ضرورة العلاج النفسي بالعرض على طبيب نفسي متخصث من خلاله يتم وضع يد المريض على مايعاني منه.

ثانيا: على المريض أن يستغل أوقات فراغه في أن يشغل نفسه في عمل من خلاله يغلق الباب عن التفكير في مواقف تحدث حوله وتسوق به لتوقعات سيئة .

ثالثا : العمل على إعادة الثقة للنفس مرة آخرى لهذا الشخص المريض، وذلك عن طريق مشاركته الدائمة في أخد القرارات اللازمة والضرورية في حياة الأسرة .

رابعاً : يجب على الأشخاص المحيطين بالمريض، من أهل وأصدقاء ومقربين الاستماع له  ومحاولة تقديم الدعم النفسي له ومساعدته على معرفة خطورة الإستماع لما قد يكون من أصوات داخلية تدفع به للخطر .

خامسا: يجب معاندة هذه الأصوات والإتيان بضدها، فهذه الأصوات هي عباره عن شخصيات عديدة بداخل المصاب كل منها يرغب في التعبير والإفصاح عن نفسها بطريقة ما، فلو تم معاندتها جميعا لفتح الطريق أمام الشخصية الحقيقية والتي ضعفت مع كثرة هذه الشخصيات التي تعبر كل واحدة منها بصوت مختلف عن الآخر ليكون هدفها في النهاية التخلص والقضاء على الشخصية الحقيقية .

سادسا : يجب أن تخبر المريض بأنك تستطيع، تستطيع أن تفعل كذا،  تستطيع آن تواجه كذا دون خوف، ووضع هذا المريض في موقف من المواقف التي كان يهاب القرب منها وملاحظة رد فعله من بعيد ومساعدته اذا تتطلب الأمر التدخل، ثم توجيه النصيحة التي تساعده على اجتياز الموقف بنجاح فيما بعد .

سابعا  واخيرا :عدم تعظيم الشعور السيء لموقف لم يحدث أو التوقع بحدوثه فربما تكون النتائج أفضل بكثير من التوقع السيء وترك مايكون لقضاء الله وعدم ارهاق النفس بكثرة التفكير في الغيب ونتائجه .

تصنيف المقال : 

إضافة تعليق جديد

CAPTCHA
This question is for testing whether or not you are a human visitor and to prevent automated spam submissions.