رئيس مجلس الإدارة   
            د/ نبيلة سامى                   

                                               

          صحافة من أجل الوطن 

              (  مجلة مصر )

                             ( أحدث إصدارتنا)

الخميس 21 أغسطس 2025 6:44 م توقيت القاهرة

امرأة سجلت للأجيال موقفا نادرا.. بقلم / محمـــد الدكـــروري

بسم الله خالق الجنان، والحمد لله الحنان المنان، والصلاة والسلام على رسوله المبعوث رحمة للأكوان، وعلى آله وصحبه ومن اتبعه بإحسان وبعد إنظروا إلي هذه المرأة التي تقطع مراحل الزمن وتطوي صفحات التاريخ، لتسجل للأجيال موقفا نادرا، يقف له التاريخ هيبة وإجلالا، فهي امرأة ضعيفة عصفت بها لحظة من لحظات الضعف فوقعت في الفاحشة، ولما كشف عنها غطاء الغفلة، إنتفض الإيمان في قلبها، فجادت بنفسها، وأبت إلا أن تكون هي الفداء، لتسبق الأحياء وتضع رحلها في جنة عرضها الأرض والسماء، وها هي تقبل على رسول الله صلي الله عليه وسلم بخطى ثابتة وفؤاد يرجف وجلا وخشية رمت بكل مقاييس البشر وموازينهم، تناست العار والفضيحة ولم تخش الناس أو عيون الناس وماذا يقول الناس؟ وأقبلت تطلب الموت، نعم تطلب الموت.
فالموت يهون إن كان معه المغفرة والصفح، يهون إن كان بعده الرضا والقبول ويهون إن كان فيه إطفاء لحرقة الألم ولسع المعصية وتأنيب الضمير، فجاءت تقول يا رسول الله أصبت حدا فطهرني، فيشيح النبي صلي الله عليه وسلم عنها بوجهه، فتقبل عليه وتقول يا رسول الله أصبت حدا فطهرني، فيقول الرؤوف الرحيم صلى الله عليه وسلم ويحك إرجعي فاستغفري الله وتوبي إليه، فتقول تريد أن تردني كما رددت ماعز بن مالك؟ والله إني حبلى من الزنا، فيقول صلى الله عليه وسلم " اذهبي حتى تضعيه" فولت والفرح يملأ قلبها والسرور يخالط نفسها أن نجت من موت محقق؟ وردها رسول الله صلى الله عليه وسلم ؟ كلا بل لم يزل هم الذنب يعترك في فؤادها، وسياط الخوف تسيطر على تفكيرها، ويمر الشهر والشهر والآلام تلد الآلام، فتأتي بوليدها تحمله.
ها أنا ذا وضعته فطهرني يا رسول الله، فيقول الرؤوف الرحيم صلى الله عليه وسلم " اذهبي حتى ترضعيه فتفطميه " وتعود بإبنها الرضيع، فلو رأيتها ووليدها بين يديها والناس يرقبونها عجبا وإكبارا، ترضع وليدها حولين كاملين، كلما ألقمته ثديها أو ضمته إلى صدرها زاد تعلقها به وتعلقه بها وحبها له، كيف لا وهي أمه ولا تسل عن حنان الأم وعطفها، وتمضي السنتان فتأتي بوليدها وفي يده خبزة يأكلها يا رسول الله قد فطمته فطهرني، عجبا لها ولحالها، أي إيمان تحمله؟ وأي إصرار وعزم تتمثله؟ قرابة الثلاث سنين والأيام تتعاقب والشهور تتوالى وفي كل لحظة لها مع الألم قصة وفي عالم المواجع رواية، ومع هذا فلا تزال ثابتة على موقفها، خائفة من ذنبها، منيبة إلى ربها، ثم كان أمر الله تعالي، فيدفع النبي صلى الله عليه وسلم الصبي إلى رجل من المسلمين ويؤمر بها فترجم.
ورجم الزاني المحصن هو شرع الله، والله أحكم الحاكمين ويجب على العاقل أن لا ينظر إلى هذه العقوبة الشديدة دون أن ينظر إلى خطورة جريمة الزنا، فالجريمة التي تعصف بالدين والعرض والنسل والنفس، وإن من التناقض الذي يقع فيه دعاة ما يسمى بحقوق الإنسان رأفتهم بالجاني القاتل والسارق والزاني، ونسيانهم قسوة الجريمة وما يصيب المجني عليه وأهله وما يصيب الأسرة والمجتمع، فالرجم ردع وزجر عن إنتشار الزنا في المجتمع، ثم هو تطهير لمن أقيم عليه، فلا يحتاج بعده إلى تطهير في النار ولعذاب الآخرة أشد ومن عذاب الدنيا، ورجمت المرأة وبينما كانت ترجم، يطيش بعض دمها على خالد بن الوليد فيسبها على مسمع من النبي صلى الله عليه وسلم فيقول عليه الصلاة والسلام " والله لقد تابت توبة لو تابها صاحب مكس لقبلت منه"
ثم يأمر بها فيصلى عليها ثم تدفن " والحديث رواه مسلم، وفي رواية أخرى أن عمر بن الخطاب رضي الله عنه قال تصلي عليها يا نبي الله وقد زنت؟ قال صلى الله عليه وسلم " لقد تابت توبة لو قسمت بين سبعين من أهل المدينة لوسعتهم، وهل وجدت توبة أفضل من أن جادت بنفسها لله تعالي " الله أكبر إنه الخوف من الله تعالي، إنها خشية الله، ترتقي بالنفوس فلا ترى لها قرارا إلا بجوار الرحمن في جنة الرضوان.

تصنيف المقال : 

إضافة تعليق جديد

CAPTCHA
This question is for testing whether or not you are a human visitor and to prevent automated spam submissions.
2 + 2 =
Solve this simple math problem and enter the result. E.g. for 1+3, enter 4.