▪️ فضيلة الشيخ أحمد على تركى
▪️مدرس القرآن الكريم بالأزهر الشريف
قَالَ تَعَالَى:
ادْعُوا رَبَّكُمْ تَضَرُّعًا وَخُفْيَةً إِنَّهُ لَا يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ
[الأعراف:55]
وَقَالَ تَعَالَى:
إِنَّهُمْ كَانُوا يُسَارِعُونَ فِي الْخَيْرَاتِ وَيَدْعُونَنَا رَغَبًا وَرَهَبًا وَكَانُوا لَنَا خَاشِعِينَ
[الأنبياء:90]
وَقَالَ تَعَالَى:
وَنُوحًا إِذْ نَادَى مِنْ قَبْلُ فَاسْتَجَبْنَا لَهُ فَنَجَّيْنَاهُ وَأَهْلَهُ مِنَ الْكَرْبِ الْعَظِيمِ
[الأنبياء:76]
وَقَالَ سُبْحَانَهُ:
وَأَيُّوبَ إِذْ نَادَى رَبَّهُ أَنِّي مَسَّنِيَ الضُّرُّ وَأَنْتَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ فَاسْتَجَبْنَا لَهُ فَكَشَفْنَا مَا بِهِ مِنْ ضُرٍّ وَآتَيْنَاهُ أَهْلَهُ وَمِثْلَهُمْ مَعَهُمْ رَحْمَةً مِنْ عِنْدِنَا وَذِكْرَى لِلْعَابِدِينَ
[الأنبياء:83-84]
الدُّعَاءِ له مَنْزِلَةَ عظيمة ، وَحَاجَةَ الْمُسْلِمِ إِلَيْهِ جَسِيمَةٌ
عَنِ النُّعْمَانِ بْنِ بَشِيرٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قَالَ:
قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:
إِنَّ اَلدُّعَاءَ هُوَ اَلْعِبَادَةُ ثُمَّ قَرَأَ:
وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ
[غافر:60]
رَوَاهُ أَحْمَدُ وَأَبُو دَاوُدَ
وَلِذَلِكَ يَنْبَغِي لِلْمُسْلِمِ: أَنْ يُعَلِّقَ قَلْبَهُ بِاللهِ تَعَالَى، فِي كَشْفِ ضُرِّهِ، وَجَلْبِ رِزْقِهِ، وَتَفْرِيجِ كَرْبِهِ، فَلَا يَسْأَلُ إِلَّا اللهَ تَعَالَى، وَلَا يَلْجَأُ إِلَّا إِلَيْهِ، وَلَا يَتَوَكَّلُ إِلَّا عَلَيْهِ؛ فَإِنَّهُ لَا يُجِيبُ الدُّعَاءَ، وَلَا يَكْشِفُ الْبَلَاءَ إِلَّا هُوَ سُبْحَانَهُ، وَلَا يُطْلَبُ الْمَدَدُ إِلَّا مِنْهُ جَلَّ وَعَلَا .
قَالَ تَعَالَى:
أَمَّنْ يُجِيبُ الْمُضْطَرَّ إِذَا دَعَاهُ وَيَكْشِفُ السُّوءَ وَيَجْعَلُكُمْ خُلَفَاءَ الْأَرْضِ أَإِلَهٌ مَعَ اللَّهِ قَلِيلًا مَا تَذَكَّرُونَ
[النمل:62]
وَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا :
إِذَا سَأَلْتَ فَاسْأَلِ اللهَ، وَإِذَا اسْتَعَنْتَ فَاسْتَعِنْ بِاللَّهِ، وَاعْلَمْ أَنَّ الْأُمَّةَ لَوِ اجْتَمَعَتْ عَلَى أَنْ يَنْفَعُوكَ بِشَيْءٍ، لَمْ يَنْفَعُوكَ إِلَّا بِشَيْءٍ قَدْ كَتَبَهُ اللَّهُ لَكَ، وَلَوِ اجْتَمَعُوا عَلَى أَنْ يَضُرُّوكَ بِشَيْءٍ، لَمْ يَضُرُّوكَ إِلَّا بِشَيْءٍ قَدْ كَتَبَهُ اللَّهُ عَلَيْكَ.
رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ
لَمَّا كَانَ الدُّعَاءُ بِهَذِهِ الْمَرْتَبَةِ، وَالْحَاجَةُ إِلَيْهِ بِهَذِهِ الْمَنْزِلَةِ، جَعَلَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِسُؤَالِ الرَّبِّ تَعَالَى آدَابًا وَأَسْبَابًا، لَا يُرَدُّ مَعَهَا الدُّعَاءُ، يَنْبَغِي لِلْعَبْدِ أَنْ يَتَعَلَّمَهَا، وَلِلْمُسْلِمِ أَنْ يَمْتَثِلَهَا وَيَتَحَلَّى بِهَا؛ فَإِنَّ الرَّبَّ الْكَرِيمَ أَمَرَكُمْ بِدُعَائِهِ وَنِدَائِهِ، وَوَعَدَكُمْ بِجَمِيلِ فَضْلِهِ وَعَطَائِهِ .
عَنْ عُبَادَةَ بْنِ الصَّامِتِ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قَالَ:
قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:
مَا عَلَى الْأَرْضِ مُسْلِمٌ يَدْعُو اللَّهَ بِدَعْوَةٍ إِلَّا آتَاهُ اللَّهُ إِيَّاهَا، أَوْ صَرَفَ عَنْهُ مِنَ السُّوءِ مِثْلَهَا؛ مَا لَمْ يَدْعُ بِإِثْمٍ أَوْ قَطِيعَةِ رَحِمٍ .
فَقَالَ رَجُلٌ مِنَ الْقَوْمِ: إِذًا نُكْثِرُ .
قَالَ: اللَّهُ أَكْثَرُ .
رَوَاهُ أَحْمَدُ وَالتِّرْمِذِيُّ
فَمِنْ آدَابِ الدُّعَاءِ:
الثَّنَاءُ عَلَى اللهِ تَعَالَى بِأَسْمَائِهِ وَصِفَاتِهِ، وَالصَّلَاةُ عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ :
عَنْ فَضَالَةَ بْنِ عُبَيْدٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قَالَ:
قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:
إِذَا صَلَّى أَحَدُكُمْ فَلْيَبْدَأْ بِتَحْمِيدِ اللَّهِ وَالثَّنَاءِ عَلَيْهِ، ثُمَّ لِيُصَلِّ عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، ثُمَّ لِيَدْعُ بَعْدُ بِمَا شَاءَ.
رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ
وَمِنْهَا: الْإِلْحَاحُ عَلَى اللهِ تَعَالَى بِذِكْرِ رُبُوبِيَّتِهِ؛ فَإِنَّ غَالِبَ أَدْعِيَةِ الْقُرْآنِ تُفْتَتَحُ بِاسْمِ الرَّبِّ جَلَّ جَلَالُهُ.
قَالَ تَعَالَى:
رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الْآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ
[البقرة:201]
وَقَالَ تَعَالَى:
رَبَّنَا لَا تُزِغْ قُلُوبَنَا بَعْدَ إِذْ هَدَيْتَنَا
[آل عمران:8]
وَمِنَ الْآدَابِ:
حُضُورُ الْقَلْبِ، وَالتَّضَرُّعُ لِلَّهِ تَعَالَى، مَعَ حُسْنِ الظَّنِّ بِهِ .
عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قَالَ:
قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:
ادْعُوا اللهَ وَأَنْتُمْ مُوقِنُونَ بِالإِجَابَةِ، وَاعْلَمُوا أَنَّ اللهَ لَا يَسْتَجِيبُ دُعَاءً مِنْ قَلْبِ غَافِلٍ لَاهٍ.
[رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ
وَمِنْ آدَابِ الدُّعَاءِ:
رَفْعُ الْيَدَيْنِ :
عَنْ سَلْمَانَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قَالَ:
قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:
إِنَّ رَبَّكُمْ تَبَارَكَ وَتَعَالَى حَيِيٌّ كَرِيمٌ، يَسْتَحْيِي مِنْ عَبْدِهِ إِذَا رَفَعَ يَدَيْهِ إِلَيْهِ، أَنْ يَرُدَّهُمَا صِفْرًا.
رَوَاهُ أَحْمَدُ وَأَبُو دَاوُدَ
وَمِنْ آدَابِ الدُّعَاءِ:
اسْتِقْبَالُ الْقِبْلَةِ :
عَنْ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قَالَ:
لَمَّا كَانَ يَوْمُ بَدْرٍ نَظَرَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَى الْمُشْرِكِينَ وَهُمْ أَلْفٌ وَأَصْحَابُهُ ثَلَاثُمِائَةٍ وَتِسْعَةَ عَشَرَ رَجُلًا، فَاسْتَقْبَلَ نَبِيُّ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْقِبْلَةَ، ثُمَّ مَدَّ يَدَيْهِ فَجَعَلَ يَهْتِفُ بِرَبِّهِ .
رَوَاهُ مُسْلِمٌ
وَمِنَ الْآدَابِ:
أَنْ يَتَحَرَّى أَوْقَاتَ الْإِجَابَةِ، وَمِنْهَا: الثُّلُثُ الْأَخِيرُ مِنَ اللَّيْلِ، وَبَيْنَ الْأَذَانِ وَالْإِقَامَةِ، وَفِي السُّجُودِ، وَعِنْدَ نُزُولِ الْمَطَرِ، وَآخِرُ سَاعَةٍ بَعْدَ الْعَصْرِ مِنْ يَوْمِ الْجُمُعَةِ.
قَالَ ابْنُ الْقَيِّمِ رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى:
إِذَا جَمَعَ مَعَ الدُّعَاءِ حُضُورَ الْقَلْبِ، وَجَمْعِيَّـتَهُ بِكُلِّيَّتِهِ عَلَى الْمَطْلُوبِ، وَصَادَفَ وَقْتًا مِنْ أَوْقَاتِ الْإِجَابَةِ السِّتَّةِ...، وَصَادَفَ خُشُوعًا فِي الْقَلْبِ، وَانْكِسَارًا بَيْنَ يَدَيِ الرَّبِّ، وَذُلًّا لَهُ، وَتَضَرُّعًا، وَرِقَّةً، وَاسْتَقْبَلَ الدَّاعِي الْقِبْلَةَ، وَكَانَ عَلَى طَهَارَةٍ، وَرَفَعَ يَدَيْهِ إِلَى اللهِ، وَبَدَأَ بِحَمْدِ اللهِ وَالثَّنَاءِ عَلَيْهِ، ثُمَّ ثَنَّى بِالصَّلَاةِ عَلَى مُحَمَّدٍ عَبْدِهِ وَرَسُولِهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، ثُمَّ قَدَّمَ بَيْنَ يَدَيْ حَاجَتِهِ التَّوْبَةَ وَالِاسْتِغْفَارَ، ثُمَّ دَخَلَ عَلَى اللهِ، وَأَلَحَّ عَلَيْهِ فِي الْمَسْأَلَةِ، وَتَمَلَّقَهُ وَدَعَاهُ رَغْبَةً وَرَهْبَةً، وَتَوَسَّلَ إِلَيْهِ بِأَسْمَائِهِ وَصِفَاتِهِ وَتَوْحِيدِهِ، وَقَدَّمَ بَيْنَ يَدَيْ دُعَائِهِ صَدَقَةً، فَإِنَّ هَذَا الدُّعَاءَ لَا يَكَادُ يُرَدُّ أَبَدًا.
كَمَا أَنَّ لِلدُّعَاءِ آدَابًا، وَلِإِجَابَتِهِ أَسْبَابًا، فَإِنَّ لَهُ مَوَانِعَ تَمْنَعُ حُصُولَهُ، وَتَدْفَعُ وُقُوعَهُ، يَنْبَغِي لِلْمُؤْمِنِ أَنْ يَحْذَرَهَا، وَلِلْعَاقِلِ أَنْ يَسْبُـرَهَا، فَمِنْ هَذِهِ الْمَوَانِعِ:
أَكْلُ الْحَرَامِ :
عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ:
أَنَّ النَّبِيَّ ذَكَرَ الرَّجُلَ يُطِيلُ السَّفَرَ أَشْعَثَ أَغْبَرَ، يَمُدُّ يَدَيْهِ إِلَى السَّمَاءِ، يَا رَبِّ، يَا رَبِّ، وَمَطْعَمُهُ حَرَامٌ، وَمَشْرَبُهُ حَرَامٌ، وَمَلْبَسُهُ حَرَامٌ، وَغُذِيَ بِالْحَرَامِ، فَأَنَّى يُسْتَجَابُ لِذَلِكَ .
[رَوَاهُ مُسْلِمٌ]
وَقَالَ وَهْبُ بْنُ الْوَرْدِ:
لَوْ قُمْتَ مَقَامَ هَذِهِ السَّارِيَةِ لَمْ يَنْفَعْكَ شَيْءٌ حَتَّى تَنْظُرَ مَا يَدْخُلُ فِي بَطْنِكَ حَلَالٌ أَمْ حَرَامٌ.
وَمِنْ مَوَانِعِ الْإِجَابَةِ:
اسْتِبْطَاؤُهَا؛ لِمَا فِيهِ مِنْ سُوءِ الظَّنِّ بِاللهِ تَعَالَى:
فَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ:
يُسْتَجَابُ لِأَحَدِكُمْ مَا لَمْ يَعْجَلْ، يَقُولُ: دَعَوْتُ فَلَمْ يُسْتَجَبْ لِي.
[مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ]
وَمِنَ الْمَوَانِعِ:
تَرْكُ شَعِيرَةِ الْأَمْرِ بِالْمَعْرُوفِ وَالنَّهْيِ عَنِ الْمُنْكَرِ؛ عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهَا قَالَتْ:
قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:
مُرُوا بِالْمَعْرُوفِ، وَانْهَوْا عَنِ الْمُنْكَرِ، قَبْلَ أَنْ تَدْعُوا فَلَا يُسْتَجَابَ لَكُمْ.
[رَوَاهُ ابْنُ مَاجَهْ
الدُّعَاءُ عِبَادَةٌ عَظِيمَةٌ، وَبَابٌ جَلِيلٌ بَيْنَ الْعَبْدِ وَرَبِّهِ، فَاسْأَلُوا رَبَّكُمُ الْخَيْـرَ كُلَّهُ، وَأَلِحُّوا عَلَى مَوْلَاكُمْ بِسُؤَالِ حَسَنَةِ الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ؛ فَإِنَّ الرَّبَّ كَرِيمٌ، وَعَطَاءَهُ جَزِيلٌ، وَرَحْمَتَهُ وَسِعَتْ كُلَّ شَيْءٍ.
إضافة تعليق جديد