بقلمي جمال القاضي
هكذا واقعنا الفني
المسلسلات التلفزيونية، والأفلام السينمائية، عمل بلاهدف اجتماعي، ليس سوى التربح من عرض اغراءات تحرك شهوات المشاهد نحو النظر والتمعن في مفاتن أجساد تعمد أصحابها على الظهور بهذا الشكل بغرض الشهرة وجني المال بطرق سريعة وسهلة ومحرمة وقالوا عنها فناً ، اضف الى ذلك فالقاسم المشترك بين جميع الأعمال الفنية من مسلسلات وأفلام هو مبني على قصص كتبها مؤلف لايعرف معنى عادات أو تقاليد رسخت وتأصلت بالشعوب، فهذا يحكي عن تجارة المخدرات والترويج لها، وهذا كان موضوعه نساءً ليس لهن سوى السهرات والرقص وتناول الخمور مع رجال الأعمال، وهذا ليس له موضوع سوى التركيز على إمكانيات الفنانة وماتملكه من مفردات لجمالها وتناسق جسدها ومفاتنها لجذب المشاهد وتحقيق أكبر نسب للمشاهدة من خلال عرض العمل الذي يسمى بعمل فني .
والشيء الغريب الذي بات ظاهراً جلياً للجميع هو ظهور الفنانين الرجال بمظهر من ربطة للشعر الذي صار طوله مايزيد عن طول شعر السيدات، ومايشبه في مظهره مظهر النساء ، هل صار مانشاهده من طول للشعر وربطه مثل السيدات موضة لهذا العصر ؟ هل هذا يعد تقدماً يواكب التقدم التكنولوجي الذي لم نشكل قطرة من قطراته مقارنة بتقدم الدول الآخرى ؟ انما هو تشبه بالسيدات أو ربما لم يشعر الممثل بأنه رجل أو حدث ضموراً لغدده الذكورية فلم يعد يشعر بأنه رجلاً فكان ظهوره هكذا وبهذا الشكل .
معلوم للجميع أن مايكتبه المؤلف من قصة في غالب الأحيان تحكي قصة واقعية، أو ربما يكون لخيال بعيد مبني على تصور خاص، لكن في معظم الأعمال الفنية لمعظم الدول تعكس واقعاً يعيشه أو كان يعيشه المواطن منذ زمن بعيد ليرسخ العادات ويورثها للأجيال عبر هذا العمل ومشاهدته، لكن ماهي العادات التي قصدها المؤلف لتكون موضوعا لمسلسل أو فيلم سينمائي ؟ هل رأينا الشعب جميعه تجاراً للمخدرات؟ أم هل يراهم جميعا رجال أعمال ؟ ( ربما ذلك ) هل رأينا كل النساء نساءًا ساقطات ؟ هل جميعهن في نراهم (كما يصور لنا المؤلف بمشاهده ) في سهرات حمراء راقصات وفي الملاهي الليلية كما في هذه المسلسلات والأفلام ؟ هل رأينا شبابنا قطاع طرق وفي بلطجة يطيح فيها القوي بالضعيف؟ ماذا يرى المؤلف شعبه؟ وماهي صورة الفلاح المجاهد والجندي المقاتل في الميدان من أجل المحافظة على تراب أرضه وعرضه ووطنه ماذا عنهم وفي نظرك أيها المؤلف ؟ لاوجود لهم في نظره .
لقد كان لمعظم مانراه من أفلام ومسلسلات في عصرنا الحديث وللسينما العربية دوراً أصيلاً في فساد أخلاق شبابنا وبناتنا، فصار كل من الجنسين في تقليد أعمى لما يرى مع التباهي والتفاخر بما يقلده، فرأيناهم كما هم رأوا من مشاهد هذا يتناول الهروين والخشخاش، وهذا يروج لهما من أجل المال بحجة الظروف وصعوبة الحال وضيق الرزق ظناً بأن حاله يمكن أن يتغير فانخرط في تجارتها ليضيع في النهاية مع ماجنى ويكون مصيره داخل السجون خاضعاً لعقوبة وجب عليه تنفيذ ماحكم عليه بها ويكمل ماتبقى له من حياة فيه ان بقى له منها شيء، من أين تعلم ذلك؟ حتما كان لما تم مشاهدته.
ومع بلطجة الشباب وأدوات لقتال الشوارع ومطاردة للنساء ومضايقة الأرامل والمطلقات والتضيق عليهن بكل الطرق ليخضعن لهم حتى يصبحن رهن أوامرهم غصباً وطوعاً للإنخراط مع هؤلاء الشباب البلطجي في الرزيلة والوقوع في المحرمات، من أين تعلم هؤلاء الشباب لهذه الأساليب أليس لما تم مشاهدته لهذه الأفلام والمسلسلات ؟
هل خلا وطننا من العلماء والأبطال الذين لكل واحد منهم قصة تكفي لتكون موضوعاً لمحتوى عمل من الأعمال الفنية والتي يمكن أن تغرس وتعزز من خلالها الإحساس بالوطنية بداخل أبنائنا ؟ لمذا لم نعكس الواقع الحقيقي من معاناة يعيشها المواطن والبحث عن طرق يمكن أن يأتي بها من خيال المؤلف من حلول يراها في نظره تقضي على مايعيشه من مشكلات مالية واجتماعية ؟
ليس هناك هدف من الترويج سوى افساد لأخلاق الشباب وهدم هذه الثروة البشرية عن طريق جعلهم أشباحاً ترعب كل من يكون في محيطها وتجعل من يمتلك بعضاً من العقل في أن بهرب بعيداً عنهم للنجاة من بلطجتهم أو قتلهم للنفس البريئة تحت غياب عقولهم لحظات تلتهم فيها المخدرات عقولهم، أو قتلهم للغير ربما من أجل الحصول على المال ظناً منهم بأن هذا المال ربما يشتري لهم عقولاً فقدوها بدون المخدرات وأمزجة ظنوا لها الصفاء مع تناولها من الضياع، أفيقوا أيها الرجال فأنتم جميعا فنانين وفنانات ومخرجين ومنتجين ومؤلفين ومشاهدين جميكم قد اشتركتم قاصدين في فساد أجيال ودمرتم أخلاقهم ليصبح الوطن مجرد ذرات ثرى تنتظر الرياح لتنثرها في الظلام خبثا وكيرا ولاحول ولاقوة إلا بالله العلي العظيم .
إضافة تعليق جديد