رئيس مجلس الإدارة   
            د/ نبيلة سامى                   

                                               

          صحافة من أجل الوطن 

              (  مجلة مصر )

                             ( أحدث إصدارتنا)

الأحد 22 ديسمبر 2024 8:16 م توقيت القاهرة

تأملى وتعلمى

تأملي وتعلمي

في بيتها كانت تمر من أمام دورة المياة مسرعة، لفت نظرها وقوف ابنها ذي الستة أعوام أمام الحوض، عندما رآها سارع بإغلاق باب الحمام، أوقفت الباب بيدها في رد فعل تلقائي سائلة إياه:

-بتقفل الباب ليه كده؟
-مفيش، بعمل حاجة.

نظرت وجدته ملأ الحوض بالمناديل الورقية وقد بللها بالماء، استشاطت غضبا، فلم تعد تحتمل المزيد في هذا اليوم، قالت له بهدوء مصطنع وهي تجز على أسنانها:

- بتعمل ايه؟
- بغسل الحوض.

نظرت في عينيه قليلا ووجدت نفسها أمام خيارين، الأول وهو الأسرع والأقرب، وهو أن تنهره قائلة له بصوت غاضب:
وهو الحوض بيتغسل بالمناديل؟!!! أنت كده هاتسد الحوض مش هاتغسله، اتفضل لم المنديل دي وارميها وإياك تعمل كده تاني.

تفحصته، فإذا به مازال واقفا ناظرا في عينيها منتظر رد فعلها، وها قد جاءت الصغرى أيضا لترى ما يحدث كالعادة ولتخزن في ذاكرتها كل صغيرة وكبيرة، فوجدت الأم نفسها تتجه صوب الخيار الثاني:

-حبيبي أنت عايز تغسل الحوض؟
- أيوة.
- طيب بس هو مش بيتغسل بالمناديل، دا المناديل المبلولة دي ممكن تسده. بص هو بيتغسل بالليفة دي، بنحط عليها السائل ده، سائل التنضيف وندعك الحوض بيها، تحب تجرب؟
- أيوة عايز أجرب.
- طيب نشيل المناديل نرميها الأول عشان متسدش الحوض.
استجاب لها، وحضرت له الليفة، دعك الحوض قليلا حتى مل، ثم جاءت الصغرى وقد أعجبها الأمر كثيرا وكأنه لعبة.

الأمر بسيط للغاية ولكنهما فرحا جدا بالتجربة، وسعدت هي أيضا أن أدخلت السرور على قلبيهما وأن علمتهما شيئا جديدا وإن كان بسيطا، والأهم أن كظمت غيظها، وتخيلت لو أنها اختارت الخيار الأول وانكمش الطفلان بعيدا عنها وعن صراخها، ليعاود الطفل الكرة ولكن بعد غلق الباب جيدا حتى لا تراه أمه.

قبلها الطفلان وانصرفا، وقفت قليلا تتأمل الموقف قائلة لنفسها: ليتني أكون معكما هكذا في كل الأوقات!

اللهم ارزقنا الحكمة والرفق والرحمة في التعامل مع أحبابنا.
عَنْ أَنَسٍ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " مَا كَانَ الرِّفْقُ فِي شَيْءٍ إِلا زَانَهُ، وَلا نُزِعَ مِنْ شَيْءٍ إِلا شَانَهُ ".

تصنيف المقال : 

إضافة تعليق جديد

CAPTCHA
This question is for testing whether or not you are a human visitor and to prevent automated spam submissions.