
بقلم: رمضان محمد
أؤمن كثيرًا بالمثل الشعبي الذي يقول: "جاوِر السعيد تسعد"، لأنه خلاصة تجربة إنسانية متكررة؛ تؤكد أن النفوس تُعدي كما تُعدي الأجساد، وأن الروح الطيبة قادرة على أن تُغيّر مزاج يومك كله دون أن تقول كلمة واحدة.
فكم من شخص قابلته فغيّر نهارك كله دون أن يتحدث كثيرًا! تخرج من لقائه وأنت أكثر إشراقًا، وكأن بداخلك نافذة فُتحت على الضوء. هؤلاء الناس لا يتكلفون الفرح، لأنهم فرح يمشي على الأرض؛ حضورهم دفء، ونظراتهم طمأنينة، وكلماتهم كأنها بلسم يهدئ اضطرابك دون جهد.
وفي الجهة الأخرى، ثمة من يثقلون روحك حتى وإن لم يسيئوا إليك. يرهقك وجودهم فقط؛ لا حديث لهم إلا عن المتاعب، ولا رؤية لهم إلا نصف الكوب الفارغ، يجلسون بجوارك فيسحبون طاقتك ويتركونك كما لو خرجت من غرفة خانقة الهواء.
ولذلك، أرى أن من علامات النضج أن تختار من تجالس، وأن تبني حول نفسك دائرة من القلوب المضيئة، من الأرواح التي تشبهك صفاءً ونقاءً. هؤلاء الذين حين تراهم تشعر بأنك بخير، وحين تغيب عنهم تشتاق إلى دفئهم لأنهم كانوا راحةً لقلبك وروحك.
إن السعادة لا تُورَّث، لكنها تُعدي. تنتقل بالابتسامة، وبالنبرة الحانية، وبالكلمة التي تخرج من القلب لتسكن القلوب.
فجاوِر السعيد تسعد، وكن أنت أيضًا واحدًا من الذين تُشرق بهم الحياة أينما حلّوا.
إضافة تعليق جديد