رئيس مجلس الإدارة   
            د/ نبيلة سامى                   

                                               

          صحافة من أجل الوطن 

              (  مجلة مصر )

                             ( أحدث إصدارتنا)

السبت 19 أبريل 2025 3:47 ص توقيت القاهرة

جهاد أرباب الظلم والبدع والمنكرات

 
بقلم / محمـــد الدكـــروري

الحمد لله وفق من شاء لعبادته، أحمده سبحانه وأشكره على تيسير طاعته، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وعد المؤمنين بلوغ جنّته، وحذّر العصاة أليم عقوبته، وأشهد أن سيدنا ونبينا محمدا عبده ورسوله، كان إماما في دعوته، وقدوة في منهجه، صلى الله عليه وعلى آله وصحبه، صلاة دائمة حتى نبلغ دار كرامته، أما بعد فأوصيكم ونفسي بتقوى الله تعالي، لقد أمرنا الله عز وجل بالجهاد في سبيل الله تعالي، وإن هناك نوعان من الجهاد وهما الجهاد الأصغر والأكبر، وإن الجهاد الأصغر هو جهاد العدو، وأما الجهاد الأكبر فهو جهاد النفس، وقد أشار الله عز وجل فى كتابه الكريم لذلك بقوله " وإما ينزغنك من الشيطان نزغ فاستعذ بالله " فمهما كبر الأمر جعل الفرج فيه أكبر، لأن أمر الشيطان والنفس أكبر، فجعل في الشيطان والظفر به نفس الملجأ.

كما أخبر عز وجل، وجعل في النصرة على النفس الأخذ في مجاهدتها على لسان العلم، فقال عز وجل "والذين جاهدوا فينا لنهدينهم سبلنا" وجعل سبب العون على مجاهدتها حقيقة الاستعانة به عز وجل بقوله تعالى "إياك نستعين" فجهاد النفس أربع مراتب أيضا إحداها، أن يجاهدها على تعلم الدين، وأن يجاهدها على العمل به بعد علمه، وأن يجاهدها على الدعوة إليه وتعليمه من لا يعلمه وإلا كان من الذين يكتمون ما أنزل الله البينات ولا ينفعه علمه ولا ينجيه من عذاب الله، وأن يجاهدها على الصبر على مشاق الدعوة إلى الله تعالى، وأذى الخلق ويتحمل ذلك كله لله تعالى، فإذا استكمل هذه المراتب الأربع صار من الربانيين، فإن السلف مجمعون على أن العالم لا يستحق أن يسمى ربانيا حتى يعرف الحق ويعمل به ويعلمه فمن علم وعمل وعلم فذاك يدعى عظيما في ملكوت السماوات. 

وأما عن جهاد الشيطان، فهو مرتبتان إحداهما، جهاده على دفع ما يلقي إلى العبد، من الشبهات والشك في الإيمان، وكذلك جهاده على دفع ما يلقي إليه من الإرادات الفاسدة والشهوات، فالجهاد الأول يكون بعده اليقين والثاني يكون بعده الصبر وقد قال الله تعالى "وجعلنا منهم أئمة يهدون بأمرنا لما صبروا وكانوا بأياتنا يوقنون" فأخبر الله عز وجل، أن إمامة الدين إنما تنال بالصبر واليقين، فالصبر يدفع الشهوات والإرادات الفاسدة، واليقين يدفع الشكوك والشبهات، وأما جهاد أرباب الظلم والبدع والمنكرات فثلاث مراتب الأولى، وهى باليد إذا قدر، فإن عجز انتقل إلى اللسان، فإن عجز جاهد بقلبه، فهذه ثلاثة عشر مرتبة من الجهاد، ومن مات ولم يغز ولم يحدث نفسه بالغزو مات على شعبة من النفاق.

وقال الشيخ عبد العزيز بن باز رحمه الله " الجهاد أقسام، بالنفس، والمال، والدعاء، والتوجيه والإرشاد والإعانة على الخير من أي طريق، وأعظم الجهاد هو الجهاد بالنفس، ثم الجهاد بالمال والجهاد بالرأي والتوجيه، والدعوة كذلك من الجهاد، فالجهاد بالنفس أعلاها، وقد قال ابن القيم في زاد المعاد، أن النبى صلى الله عليه وسلم، أول ما أوحى إليه ربه تبارك وتعالى أن يقرأ باسم ربه الذي خلق وذلك أول نبوته فأمره أن يقرأ في نفسه ولم يأمره إذ ذاك بتبليغ، ثم أنزل عليه "يا أيها المدثر قم فأنذر" فنبأه بقوله "اقرأ" وأرسله بفول "يا أيها المدثر" ثم أمره أن ينذر عشيرته الأقربين، ثم أنذر قومه، ثم أنذر من حولهم من العرب، ثم أنذر العرب قاطبة، ثم أنذر العالمين.

فأقام بضع عشرة سنة بعد نبوته ينذر بالدعوة بغير قتال ولا جزية ويؤمر بالكف والصبر والصفح، ثم أذن له في الهجرة، وأذن له في القتال، ثم أمره أن يقاتل من قاتله ويكف عمن اعتزله.

تصنيف المقال : 

إضافة تعليق جديد

CAPTCHA
This question is for testing whether or not you are a human visitor and to prevent automated spam submissions.