كتب:- د.ايهاب طلعت
قال اللواء حسام سويلم الخبير الأمني والاستراتيجي والمدير الأسبق لمركز الدراسات الاستراتيجية للقوات المسلحة المصرية وأحد أبطال حرب أكتوبر الذى عاصر الحرب وكان حينها رئيس عمليات المدفعية 21 مدرعة: عندما نحتفل بذكرى السادس من اكتوبرالمجيدة الذى هو أعظم أنتصاراتنا فى العصر الحديث .فكيف نستعيد روح هذه الانتصارات التى وحدت المصريين على أختلاف مشاربهم وعلينا جميعا كمصريين أن نستعيد هذه الروح حتى نواجه التحديات الصعبة التى تهدد حاضرنا ومستقبلنا وأن مصر بحاجة شديدة للانتصارعلى النفس والعمل على رفعة الوطن الذى يستحق وينتظر من أبنائه الكثير من الجهد والعمل.
وأن الرئيس الراحل محمد أنور السادات قام على نجاح الجيش المصري في تحقيق الأهداف والمهام القتالية التي كلِف بها في هذه الحرب إلا لثقته في الله وقدرة الجيش على ذلك وأنه ظُلم في هزيمة 1967 التي كانت لأسباب سياسية خارج إرادة ومسئولية الجيش.
وقامت حرب 73 فى ظل خلل استراتيجي لصالح إسرائيل كما ونوعًا وكان عندنا في 73 عشر فرق وعند إسرائيل 15 فرقة وكان عندنا 220 طائرة وعند إسرائيل 450 طائرة فقط على الصعيد الكمي والرئيس السادات قام على نجاح الجيش المصري في تحقيق الأهداف والمهام القتالية التي كلِف بها في هذه الحرب إلا لثقته في الله وقدرة الجيش على ذلك وأنه ظُلم في هزيمة 1967 التي كانت لأسباب سياسية خارج إرادة ومسئولية الجيش.
لذلك كان قرار السادات بخوض الحرب على رغم تشكيك كثيرين في الداخل والخارج على عدم وقوعها لعدم قدرة الجيش المصري على ذلك في ظل خلل الميزان العسكري لصالح إسرائيل إلا أنه على رغم هذا الخلل الجسيم على الصعيدين النوعي والكمي بين القوات المصرية والإسرائيلية لصالح الأخيرة بسبب تكاتف روسيا وأمريكا معًا على عدم تمكين مصر من حيازة الأسلحة الهجومية التي تمكنها من تحرير كامل سيناء عسكريا وعلى رغم اجتماع إرادة الدولتين العظميين على رفض أي حل عسكري وتفضيل أسلوب المفاوضات فإن السادات قبل هذا التحدي بما هو متاح لديه من أسلحة ومعدات حربية تعتبر متخلفة تكنولوجيا بالنسبة لما كان في أيدي القوات الإسرائيلية من أسلحة ومعدات تستخدمها القوات الأمريكية في ذات الوقت وضع السادات في اعتباره عند اتخاذ قرار الحرب أن الحرب وحدها هي التي ستعيد ثقة الضابط والجندي المصري في نفسه وقياداته وأسلحته
وأن الغزوات الإسلامية دليل واضح على أن الإسلام يأمرنا بالدفاع عن النفس وعدم البدء بالاعتداء على الآخرين وإن النصر له أسباب لابد من الأخذ بها وألا نتواكل مطلقا لأنه لا مكان الآن سوى للعمل والإرادة والاجتهاد.واننا أمة اسلامية ودولة مدنية ديمقراطية تنطلق من روح الاسلام وعلينا كمصريين جميعا احترام سيادة القانون وروح الدولة ونظامها ونقف صفا واحدا بعيدا عن اى تيارات تفتت وحدتنا وان صيحة (الله أكبر) أيقظت كل الطاقات الوطنية المصرية وجمعت المصريين فى قلب وعقل وروح واحدة أرهبت عدوهم وأحيت لدى الجنود المصريين الكبرياء والثقة فى الله ليتحقق النصر.
ملحمة مصرية
مبينا:إن الجيش المصري العظيم ضرب أروع الأمثلة فى جهاد النفس والدفاع عن الوطن والتضحية بالأرواح والدماء لنصرة الحق ورفع راية مصر عالية خفاقة وإلى ضرورة الاقتداء بهؤلاء الجنود البواسل فى بذل الجهدلإنجاز الأعمال وقضاء مصالح المواطنين وذلك خلال شهر رمضان السادس من أكتوبر رمز للعمل والجهاد وليس التكاسل والتخاذل .
وأننا الآن فى حاجة ماسة اليوم لاستلهام روح النصرالمجيدة ونتكاتف جميعا كأفراد شعب مع مؤسسات الدولة والقوى السياسية من أجل ملحمة مصرية توحد الشعب من جديد على روح الانتماء والايثار والحب والفداء من أجل وطنه وعلى كل القيم النبيلة والجميلة التى يتصف بها الشعب المصرى دائما ويجب إلا ننسى شهداءنا الأبرار الذين ضحوا بدمائهم الذكية فى سبيل الله فى رفعة هذا الوطن والحفاظ على أرضه وشرفه وعزته وكرامته .
تحية لأبطال نصر اكتوبروشهدائنا الأبرار الذين دفعوا دماءهم وأرواحهم فداء لمصر الحبيبة وأن مصر بحاجة شديدة للانتصارعلى النفس والعمل على رفعة الوطن الذى يستحق وينتظر من أبنائه الكثير من الجهد والعمل.
البطولات الرائعة
مشيرا إلى أن :كانت حرب السادس من أكتوبر نقلة كبيرة ورائعة فى حياة الشعب العربى كله إذ تذوق المصريون بخاصة طعم النصر وحلاوة الرد على المعتدى وكانت المشاعر أنذاك كان المشاعرخاصة وأن معظم الأحداث آنذاك كان الناس فى الشوارع مبتهجين ويرددون مع الجنود على الجبهة( الله أكبر الله أكبر) وكانت مصر بخاصة مبتهجة بعبور قناة السويس واقتحام حصون الأعداء تلك هى الروح التى لم تكن مصطنعة أو مدعاة وإنما كانت قوية ومتميزة وأننا نحتاج الآن لوحدة الأمة إذا كان المسلمون وأخوانهم الأقباط يقفون صفا واحدا وهم يقتحمون بجسارة قناة السويس وخط باريف لا تفريق بين عقيدة وأخرى وإنما كان الجميع يرفع بصوت مدوى الله أكبر الله أكبر أكبر هذه الوحدة التى للآسف الشديد تطعن كثيرا من الداخل والخارج ولكن أسترجاع أحداث النصر العظيم فى أكتوبر المجيد يجعلنا نتوحد ولا نتمزق ولا نتقهقر نحب ولا نكره نرضى ولا نطمع فى أسترجاع البطولات الرائعة فى أكتوبر فروح أكتوبر يجب أن تكون بتكاتف كل القوى وكل الرجال والنساء وكل الشباب وأننا إذا أستعدنا روح أكتوبر تحركنا بنشاط وهمة إلى الإمام فسوف نصل بإذن الله تعالى إلى ما نصبو إليه ونحلم به.وأن الدين له تأثيره فى النفوس وحرب السادس من اكتوبر كما نعلم قامت ببسم الله وشعارها الله أكبر والإسلام بغرس روح الوطنية والتقوى .فإذا أردنا أن نستعيد روح أكتوبر فعلينا أن نتوحد يا خير أجناد الأرض الطيبة على روح الانتماء والتكاتف والايثار ليعم الخير الجميع وأستعادة مكانة مصر. وعلينا أن نقوى فى شبابنا روح الانتماء من أجل مصلحة مصرنا لتسود كل مظاهر حياتنا لكى نحقق الانطلاقة الاقتصادية والاجتماعية التى ننشدها
إضافة إلى ذلك نشر القيم الدينية وكل الأديان السماوية أتفقت على سعة الصدر وقبول الآخر والتسامح .
ومن أهم دروس ذلك النصر الذى أثبت كفاءة الجندى المصرى وشجاعته وقدرة قواتنا المسلحة الباسلة على تحقيق النصر هو توحيد كل أطياف المصريين يدا واحدة لتتجاوز مصر المرحلة الحالية وتستعيد مكانتها بقوة اقتصادها وبجدية وعمل واجتهاد أبنائها المخلصين
والإنطلاق في أعقاب النصر نحو التخطيط للتطوير والانفتاح علي إقتصاد جديد ومفاهيم جديدة للاستراتيجية والتكتيك, ولعل أعوز ما نحن في حاجة إليه( الآن) هو أن نطور نظرتنا وإيماننا بالعلم وبالقيم الخلقية إن الشعار الذي رفعناه قبل الحرب وهو العلم والإيمان هو بيت القصيد في حل قضيتنا قبل الحرب وبعدها. ولذلك أمامنا كثير من العمل وبدون علم فسيأتي العمل روتينيا وباهتا ضعيف التأثير ولذا أمامكم كثير من التحصيل قبل وبعد التطوير.
مع ذكريات النصر لابد ألا تلهينا فرحتنا به عن صناع النصر الذين مضوا في سبيل الواجب بعضهم ذهب للقاء ربه شامخا بأداء رسالته ومنهم من أصيب أو جرح مصداقا لقول الله تعالي: من المؤمنين رجال صدقوا ما عاهدوا الله عليه فمنهم من قضي نحبه ومنهم من ينتظر وما بدلوا تبديلا.
والله سبحانه وتعالى قرن دائمًا الإيمان بالعمل الصالح بحيث أنه لا يكتمل الإيمان إلا بالعمل، حيث يقول تعالى: "إن الذين آمنوا وعملوا الصالحات.." فى أكثر من آية وهو ما يؤكد أهمية أن يعمل المسلم ويتقن عمله فى الوقت ذاته، وهو ما أكده النبى الكريم فى قوله: "إن الله يحب إذا عمل أحدكم عملًا أن يتقنه".
مكاسب كبيرة
وأوضح سويلم قائلا : استطاع الجيش المصري الانتصار على الظروف الصعبة التي أعقبت نكسة 67 فالحالة الاقتصادية كانت متدهورة وقناة السويس مغلقة وآبار البترول فى سيناء تتحكم فيها إسرائيل وبرغم تلك الظروف استطعنا إعادة بناء قواتنا المسلحة وخوض حرب الاستنزاف التى حققت مكاسب كبيرة أهمها نجاح المقاتل المصري في مواجهة الجندى الاسرائيلى فى معارك شبه يومية وازدياد ثقته بنفسه بالإضافة إلى عمل كمائن للقوات المتحركة وقذف بالمدفعيات والدبابات وجاء قرار الحرب وخطتها متمشية تمامًا مع القدرات الفعلية للقوات المصرية ولم تتجاوزها إلى تحرير كامل أرض سيناء وهو ما كان خارج قدرات القوات المسلحة لافتقارها للمقاتلات القاذفة والمقاتلة التي توفر لها الحماية الجوية عند هجومها في عمق سيناء كذلك افتقارها للحجم اللازم من المدرعات الحديثة التي تكفل لها بناء احتياطات إستراتيجية تؤمن استمرار الدفع بالقوات في عمق الهجوم مع تأمين الاتزان الاستراتيجي في الخلف وبما يحرم القوات الإسرائيلية من تنفيذ تكتيكاتها المفضلة في تطويق القوات المعادية لها والالتفاف حولها وحصارها ثم تدميرها لذلك حددت القيادة العسكرية المصرية مهمة قواتها في اقتحام قناة السويس عنوة وتدمير العدو الإسرائيلي في خط بارليف والوصول إلى خط بعمق 20 كم والدفاع عليه وصد الهجمات والضربات المضادة الإسرائيلية وتدميرها مع الاستعداد لتطوير الهجوم شرقا طبقا للموقف في حينه وقد نجحت القوات المصرية في تنفيذ هذه المهمة بامتياز حيث استمرت الخمس فرق مشاة الموجودة شرق القناة في التمسك بدفاعاتها بعد تدمير خط بارليف وتدمير جميع الهجمات المضادة المدرعة الإسرائيلية ونجاح المصريين في تحقيق المفاجأة بأبعادها السياسية والاستراتيجية والتكتيكية ما أربك القيادات السياسية والعسكرية الإسرائيلية فى ذلك الوقت وشل قدرتهم على التخطيط وإدارة الحرب بشكل سليم ورغم نجاح مصر في استعادة سيناء بحرب 1973 حيث لاتزال هناك أراض عربية أخرى في الجولان السورية والضفة الغربية للأردن وغزة تحت الاحتلال والحصار الإسرائيلى وهو ما يفرض على كل العرب خاصة المؤسسات السياسية والعسكرية أن تستعيد دروس هذه الحرب وأسباب الهزيمة من خلال استعادة الظروف التي واكبتها على الساحات المحلية والإقليمية والدولية.
إضافة تعليق جديد