بقلم / محمـــد الدكـــروري
الحمد لله حمدا كثيرا طيبا مباركا فيه، كما يحب ربنا ويرضاه، أحمده تعالى وأشكره، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، شهادة أرجو بها النجاة يوم نلقاه، يوم يبعثر ما في القبور ويحصّل ما في الصدور، وأَشهد أن سيدنا ونبينا محمدا عبده ورسوله صلى الله وبارك عليه وعلى آله وأصحابه وأتباعه وسلم تسليما كثيرا ثم أما بعد إن من النصائح الهامه هو حسن إختيار موقع البيت وتصميمه، فإنه لا شك أن المسلم الحق يراعي في إختيار بيته وتصميمه أمرا لا يراعيها غيره، فمن جهة الموقع مثلا أن يكون البيت قريبا من مسجد وفي هذا فوائد عظيمة لا تخفى، فالنداء يذكر ويوقظ للصلاة والقرب يمكن الرجل من إدراك الجماعة والنساء من سماع التلاوة والذكر من مكبر المسجد والصغار من إتيان حلقة تحفيظ القرآن وهكذا.
وأن لا يكون في عمارة فيها فساق أو مجمعات سكنية فيها كفار يتوسطها مسبح مختلط ونحو ذلك، وأن لا يكشف ولا يُكشف ولو حصل يستعان بالسواتر وتعلية الجدر، ومن جهة التصميم مثلا أن يراعى فيه فصل الرجال عن النساء من الزوار الأجانب من ناحية المدخل وصالات الجلوس، وإن لم يحصل فيستعين بالستائر والحواجز، وستر الشبابيك بحيث لا يظهر من في الغرف للجار، أو لرجل الشارع وخصوصا في الليل عندما تضاء الأنوار، وأن لا تكون المراحيض بإتجاه القبلة عند استخدامها، وأن يختار المسكن الواسع والدار كثيرة المرافق، وذلك لأمور منها قوله صلي الله عليه وسلم " إن الله يحب أن يرى أثر نعمته على عبده " رواه الترمذي وقوله صلي الله عليه وسلم " ثلاثة من السعادة وثلاثة من الشقاء.
فمن السعادة المرأة الصالحة تراها فتعجبك وتغيب عنها فتأمنها على نفسها ومالك والدابة تكون وطيئة فتلحقك بأصحابك والدار تكون واسعة كثيرة المرافق، ومن الشقاء المرأة تراها فتسوؤك، وتحمل لسانها عليك، وإن غبت عنها لم تأمنها على نفسها ومالك والدابة تكون قطوف فإن ضربتها أتعبتك وإن تركتها لم تلحقك بأصحابك، والدار قليلة المرافق " رواه الحاكم، وكذلك الحرص على الأمور الصحية كالتهوية ودخول الشمس وهذه وغيرها مقيدة بالقدرة المادية والإمكانات المتاحة، وكما أن من النصائح الهامه هو إختيار الجار قبل الدار، وهذه مسألة تحتاج إلى إفراد لأهميتها، فالجار في عصرنا له مزيد من التأثير على جاره، بفعل تقارب المساكن وتجمع الناس في البنايات والشقق والمجمعات الكنية.
وقد أخبر رسول الله صلى الله عليه وسلم عن أربع من السعادة وذكر منها "الجار الصالح" وأخبر عن أربع من الشقاء وذكر منها "الجار السوء" ولخطر هذا الأخير كان صلى الله عليه وسلم يتعوذ منه في دعائه فيقول " اللهم إني أعوذ بك من جار السوء في دار المقامة " أي الذي يجاورك في مكان ثابت " فإن جار البادية يتحول " رواه الحاكم، وأمر المسلمين أن يتعوذوا من ذلك فقال " تعوّذوا بالله من جار السوء في دار المقام، فإن الجار البادي يتحول عنك " رواه البخاري، ويضيق المجال للحديث عن أثر جار السوء على الزوجين والأولاد، وأنواع الإيذاء التي تصدر عنه، ومنغصات العيش بجانبه ولكن في تطبيق الأحاديث السابقة على الواقع كفاية للمعتبر، ولعل من الحلول العلمية ما ينفذه بعض الطيبين من إستئجار السكن المتجاور لعائلاتهم، لحل مشكلة الجيرة ولو على حساب بعض الماديات فإن الجيرة الصالحة لا تقدر بمال.
إضافة تعليق جديد