د. ايهاب طلعت يكتب - الطلاق مشكلة تهدد كيان الأسرة

الإسلام نظم علاقة الرجل بالمرأة علي أساس أن كلا منهما يكمل الآخر .. ولا يمكن أن يعيش أحدهما منعزلا عن شقه الثاني .. ولذلك يقول رسول الله صلي الله عليه وسلم ((النساء شقائق الرجال )) . فإذا ما تعكر صفو هذه العلاقة .. واستحالت الحياة الزوجية بينهما فإن الإسلام أوجد لذلك حلا هو(الطلاق) 
ولنا أن نتساءل ما هي الأسباب التي تدفع الرجل للهروب من بيته والتظليل علي عشه هل هو الخلل الاجتماعي الذي أصاب الأسر بسبب الغزو الفكري والثقافي للعادات والتقاليد الغربية التي انتشرت في وسائل الإعلام ؟ أم بسبب عدم التماسك والتلاحم بين الزوجين من خلال ضعف الوازع الديني والشعور الإسلامي لقدسية الزواج ؟هذه الظاهرة وأبعادها والعمل علي حلها ...فالأصل في الزواج هو الاستقرار والاستمرار لكي تتحقق الأهداف المرجوة للأسرة من تربية الأبناء والمشاركة في تحمل الأعباء والحقوق وغير ذلك من المقاصد السامية التي شرعها الله سبحانه وتعالي ثمرة لبناء الأسرة في الإسلام . 
ومن الأسباب التي تؤدي إلي الطلاق : تطلعات المرأة بعد الزواج التصارع علي مستوي المعيشة ونظرة الرجل إلي امرأة أخري خارج المنزل وإهماله لبيته وأولاده .
أضافه إلي ذلك المادة التي تؤثر سلبا علي الحياة الزوجية .واستشارة الزوجة زميلاتها أوجيرانها في المنزل وهذا يتوقف علي نوع العلاقة بين الزوجة والزميلة سواء كانت علاقة تؤدي إلي خراب البيت أو أعماره . وقد ناشد الإسلام الأزواج الصبر والتحمل والحرص علي أبقاء الحياة الزوجية رغم ما قد يكون من الزوجات من صفات الزوج فقال تعالي : (( فعاشروهن بالمعروف وإن كرهتموهن فعسي أن تكرهوا شيئا ويجعل الله فيه خيرا كثيرا )) .كما شرع إرسال حكمين إذا عجز الزوجان عن الإصلاح فيما بينهما وإزالة الشقاق فقال تعالي (( وإن خفتم شقاق بينهما فابعثوا حكما من أهله وحكما من أهلها إن يريدا إصلاحا يوفق الله بينهما )) . فإن لم تجد هذه الوسائل في إزالة الشقاق والقضاء عليه واضطربت الحياة الزوجية بسبب التنافر بين الطرفين وسادها البغض والكراهية والخلافات المستمرة لم يكن هناك مفر من الانفصال .
فالطلاق عادة سيئة في المجتمع وتسبب الكثير من المشاكل بل لها تبعات خطيرة علي الأسر حيث يفترق الزوجان ويتشرد الأبناء بين والديهم وتتحول الحياة من لم شمل ورحمة ومودة وهدوء واستقرار إلي شتات وهم وكرب . وعلي كل امرأة طلقت من زوجها أن تتدارك بعين بصيرة ما كان سببا في طلاقها وما جره عليها من شقاء وإذا علمت السبب فلابد لها أن تسلك السلوك الطيب دون مصانعه وأن تتعايش هذا السبب حتى لا تقع في نفس الخطأ .
وعندما تقابلت مع سيدة رفضت ذكر أسمها بالغة من العمر خمسة وعشرون عاما خريجة جامعية تزوجت وطلقت بعد ثلاثة أشهرمن الارتباط بالزواج إلا أن نصيبها كان في زواج أطاح علي أحلامها في الحياة السعيدة وعن ظروف زواجها قالت : تعرفت على زوجي وكان ذا شخصية غريبة عن طريق أحدي قريباتي فعلم بظروفي وظروف أسرتي فأبدي إعجابه بي وكنت وقتها أرفض فكرة الزواج ورغم دراستي الجامعية وبعد حديثي مع هذا الرجل وجدت نفسي منقادة إليه من خلال كلماته المعسولة وآماله العريضة بحياة باهرة وتركت لمشاعري معه العنان وألغيت عقلي وضربت بنصائح أسرتي وأهلي عرض الحائط ووجدت في هذا الشخص الذي كان ذا تأثير بالغ على وجدت فيه ضالتي رغم أنه كان يعمل بمركز مرموق إلا أنه كان بارعا في استقطاب مشاعري . ومنذ الوهلة الأولي للزواج فؤجئت بشخص غاية في الاختلاف الأخلاقي وبمجرد أن أحس أنه يتملكني بدأت تصرفاته البشعة تطفو علي سطح علاقتنا وعندما واجهته باستحالة العشرة بيننا زاد من سوء معاملته لي بل ورفض زيارتي لأهلي وكأنه طفل امتلك لعبة وعرض علي شروط الطلاق وهي تنازلي عن كل مستحقاتي بل طلب مني مبلغا كبيرا من المال لإتمام عملية الطلاق وراحة بالي . أن من أكثر ما يدمر البيوت وعجل بتمزيق شملها هو استخدام كلمة الطلاق لما لها من وقع خطير لأن مجرد النطق بها هو نهاية البداية ومؤشر الانفصال الأسري ويفسد الحياة الزوجية ويعرضها للمخاطر ويهدم البيت الأسري ويجب أن تكون هناك توعية من جانب وسائل الإعلام وتوضيح ما يخفي عن الأزواج لأن تناول بعض الأمور التي تهم البيت المسلم والتي قد لا يدركها البعض لصعوبتها أو لعدم تناولها قد يمنع العديد من المشاكل داخل بيوتنا . ولابد من الترابط الأسري من خلال الحوار والصراحة بين الزوجين سواء في الأشياء المادية (مصاريف البيت). والعلاقات الاجتماعية لها دور كبير في العمل علي حل المشكلات الأسرية والبعد عن (الطلاق) .