رئيس مجلس الإدارة   
            د/ نبيلة سامى                   

                                               

          صحافة من أجل الوطن 

              (  مجلة مصر )

                             ( أحدث إصدارتنا)

الاثنين 3 مارس 2025 1:12 ص توقيت القاهرة

رؤية تحليلية حول الهدف الشيطاني خلف رغبة إsرائيل في إسناد حكم غzة لمصر

بقلم د / هاني المصري

منذ عقود، تسعى إsرائيل إلى التخلص من عبئ قطاع غزة بأي وسيلة، فبعد انسحابها منه عام 2005، حاولت إبقائه في حالة حصار دائم لتدمير بنيته التحتية وإضعاف قدراته الاقتصادية والاجتماعية. واليوم، وفي ظل الحرب الشرسة التي تشنها على غزة، بدأت تتعالى الأصوات داخل إسرائيل لطرح "حلول" تتضمن إعادة القطاع إلى السيطرة المصرية. ولكن ما الهدف الحقيقي وراء هذه الرغبة؟ وهل هو مجرد سعي لتخفيف المسؤولية عن إسرائيل، أم أن هناك أبعادًا أكثر خبثًا لهذه المخططات؟  
---
1-  إsرائيل تريد "التخلص" من غزة ولكن بشروطها  
إسرائيل لطالما نظرت إلى غزة كعبء استراتيجي لا يمكن التخلص منه بسهولة. وعلى الرغم من انسحابها عام 2005، إلا أنها أبقت على الحصار البحري والجوي والبري، مما جعل القطاع أشبه بسجن مفتوح. لكن استمرار المقاومة الفلسطينية جعل من غزة مصدر قلق دائم لإسرائيل، ما دفعها اليوم إلى محاولة تحميل المسؤولية لمصر، ولكن دون منح الفلسطينيين أي حقوق حقيقية.  
أ ) الهروب من المسؤولية القانونية والسياسية 
بموجب القانون الدولي، لا تزال إsرائيل قوة احتلال في غزة لأنها تتحكم في حدودها ومجالها الجوي ومياهها الإقليمية. نقل الحكم إلى مصر يعني تبرئة إsرائيل من أي مسؤولية قانونية عن الوضع الإنساني والاقتصادي المدمر في القطاع. وبالتالي، تستطيع إsرائيل تبرير حصارها المستمر وتقليص أي التزامات تجاه الفلسطينيين.  
ب) تأجيج الصراع الفلسطيني-المصري  
إsرائيل تدرك أن أي محاولة لفرض الحكم المصري على غزة ستؤدي إلى توترات بين الفلسطينيين والمصريين، مما قد يخلق حالة صراع جديدة داخل المنطقة. فغالبية الفلسطينيين في غزة يرفضون فكرة العودة إلى الإدارة المصرية، خاصة بعد عقود من الاحتلال الإسرائيلي الذي قطع كل الروابط بين مصر والقطاع. هذا الصراع الداخلي سيضعف الجبهة الفلسطينية ويجعلها منشغلة بخلافات داخلية بدلًا من مقاومة الاحتلال الإسرائيلي.  
---
2-  الهدف الحقيقي: تحويل غزة إلى "قنبلة موقوتة" لمصر**  
إsرائيل لا تريد فقط إزاحة غزة عن كاهلها، بل تسعى إلى جعلها مشكلة مصرية خالصة. إذا تم فرض هذا السيناريو، ستجد القاهرة نفسها في مواجهة أزمات أمنية واقتصادية وسياسية ضخمة، ما قد يؤدي إلى:  
أ ) استنزاف مصر اقتصاديًا وأمنيًا 
قطاع غزة يعاني من دمار شامل بسبب الحصار الإسرائيلي والقصف المستمر. أي محاولة مصرية لإدارته ستتطلب استثمارات ضخمة في إعادة الإعمار والبنية التحتية، وهو أمر يمثل عبئًا هائلًا على الاقتصاد المصري المرهق أصلًا. بالإضافة إلى ذلك، فإن أي اضطرابات أمنية داخل القطاع ستنعكس مباشرة على سيناء، مما قد يزيد من التحديات الأمنية في المنطقة.  
ب ) تشويه صورة مصر في العالم العربي والإسلامي  
إذا وافقت مصر على استلام غزة، فقد تُتهم بالتعاون مع إسرائيل لتنفيذ مخطط تصفية القضية الفلسطينية. هذا سيضر بمكانتها الإقليمية وسيفقدها الكثير من الدعم الشعبي العربي والإسلامي، خاصة مع اتهامات بأنها تساعد في تنفيذ مشروع "صفقة القرن" الذي يهدف إلى إنهاء القضية الفلسطينية لصالح إسرائيل.  
ج ) تعطيل الدور المصري في الملف الفلسطيني  
لطالما لعبت مصر دور الوسيط بين الفصائل الفلسطينية وإسرائيل، ولكن إذا أصبحت طرفًا مباشرًا في حكم غزة، فقد تفقد مصداقيتها كوسيط محايد، ما قد يؤدي إلى تقليل تأثيرها الإقليمي.  
---
3- استراتيجيات المواجهة الفلسطينية والمصرية  
إدراك المخطط الإسرائيلي هو الخطوة الأولى لإفشاله. ولكي لا تقع مصر في هذا الفخ، عليها اتخاذ عدة إجراءات، منها:  
1- رفض أي محاولة لفرض السيطرة المصرية على غزة قسرًا**، لأن هذا سيجعل مصر أداة بيد إسرائيل في تنفيذ مخططاتها.  
2- تعزيز دعم المقاومة الفلسطينية ، لأن الحل الحقيقي لا يكمن في تحميل مصر مسؤولية غزة، بل في إنهاء الاحتلال الإسرائيلي بشكل كامل.  
3- التنسيق مع الدول العربية والإسلامية لرفض الطرح الإسرائيلي ، والعمل على إبقاء غزة ضمن الإطار الفلسطيني المستقل بدلًا من ربطها إداريًا بمصر.  
4- تحريك الجهود الدبلوماسية ضد المخطط الإسرائيلي ، وإظهار أن هذا السيناريو لا يخدم سوى الاحتلال.  
---
ختاماً  
إسرائيل لا تقدم أي "حلول" لغزة بدافع الإنسانية أو الحرص على استقرار المنطقة، بل تسعى إلى التخلص من عبء القطاع بطريقة تضمن لها الاستمرار في سياساتها العدوانية دون تحمل أي مسؤولية. تسليم غزة لمصر ليس سوى محاولة لتحويل القطاع إلى قنبلة موقوتة تهدد القاهرة أكثر مما تهدد تل أبيب، وهو ما يتطلب وعيًا فلسطينيًا ومصريًا لمنع هذا المخطط من النجاح.

تصنيف المقال : 

إضافة تعليق جديد

CAPTCHA
This question is for testing whether or not you are a human visitor and to prevent automated spam submissions.