الكلمةُ عنوان المرءِ، تُتَرجِم عن مُستَودعاتِ صَدره، وتبرهِن على مكنوناتِ قَلبِه، وتدَلِّل على أصله وعقلِه، وتنبئ عن إيمانه أو نفاقه.لأن الكلمة تؤثر في جميع الناس كبار وصغار ، فأحقُّ ما طهَّر الإنسانُ لسانه؛ لأنَّ اللسانَ عنوانُ صاحبِه، يُترجمُ عن مجهوله، ويُبرهنُ عن محصوله، فهو وزيرُه الذي يُستدلُّ به على رجحان عقله وفصاحة لسانه، حتى لقد قيل "ما الإنسانُ لولا اللسانُ وشهر رمضان موسم عظيم للطاعات والعبادة والتطهير الحسى والنفسى، وكان صلى الله عليه وسلم يكثر فيه من العبادة، ويحث على فعل الخير والاجتهاد فى الطاعات، فشأن المسلم فى رمضان أن يتلو القرآن ويصلى لربه ويذكره ويتحلى بالفضائل ويتجنب الرذائل، لأنه يضيع وقته ويخدش صومه ويشوه أخلاقه».
وقد علمنا النبى صلى الله عليه وسلم أن (الصوم جنة) أى وقاية، فإذا كان أحدنا صائما وقاتله أحد أو شاتمه فليقل (إنى صائم إنى صائم)، والله تبارك وتعالى يقول عن الإنسان (ما يلفظ من قول إلا لديه رقيب عتيد) (ق 18) أى مراقب وصاحب يرقب فعله وقوله، وكل ذلك يكتب ليحاسب عليه ويقول صلى الله عليه وسلم: (إن الله عند لسان كل قائل، فليتق الله عبد ولينظر ما يقول)».
فالواجب على الصائم أن يمنع لسانه من الكذب وقول الزور، والكلام البذىء السيئ لأن الحديث النبوى الشريف (من لم يدع قول الزور والعمل به فليس لله حاجة فى أن يدع طعامه وشرابه)، ويقول صلى الله عليه وسلم (ليس الصيام من الطعام والشراب، وإنما الصيام من اللغو والرفث فإن سابك أحد أو جَهِلَ عليك فقل إنى صائم إنى صائم و الله -تعالى- آمر عباده المؤمنين بتقواه، وأن يعبدوه عبادة من كأنه يراه، وأن يقولوا قولاً سديداً، أي: مستقيما لا اعوجاج فيه ولا انحراف، ووعدهم أنهم إذا فعلوا ذلك أثابهم عليه بأن يصلح أعمالهم، أي: يوفقهم للأعمال الصالحة، وأن يغفر لهم الذنوب الماضية، وما قد يقع في المستقبل يلهمهم التوبة منه. فالكلمةُ الطيّبةُ تحفظُ المودّة ، وتستديمُ الصحبةَ، وتمنعُ كيدَ الشيطان أن يُوهِيَ بينَ الأصدقاءِ والإخوان من المسلمين الحبالَ ويفسدَ ذاتَ بينِهم بل إنَّ طيبَ الكلام حتى مع الأعداءِ مطلوبٌ؛ لأنَّه سببٌ في إطفاء الخصومة وإخماد الغضبِ؛ مِمَّا يُقرِّبُ القلوبَ ويُذهبُ غيظَ الصدورِ، ومن القيم الرفيعة التي تحلى بها رسولنا الكريم صلوات الله وسلامه عليه وربى المسلمين عليها قيمة القصد في الحديث .
هذه القيمة النبيلة تظهر رقي الإنسان وتحضره، وتبرز ملامح شخصيته الهادئة المتزنة، وتكشف عن حسن أخلاقياته، وخصائص شخصيته، وترسم صورة طيبة في علاقته بالآخرين، وتجعله قدوة طيبة للآخرين، ومثلا يحتذى من كل المحيطين به .
أن من أبرز صور الذوق العام التي ربانا عليها رسولنا الكريم صلى الله عليه وسلم: القصد في الحديث، وعفة اللسان، واحترام آراء المخالفين، والاستماع إليهم والاختلاف معهم بأدب، فالمسلم الحق هو الذي يتحكم في لسانه ويضبط ألفاظه، ولا يسيء إلى الآخرين بألفاظ جارحة، أما الأحمق فهو صاحب اللسان المنفلت، وهو مربوط بحبل الشيطان يجره كيفما شاء، ومتى شاء، يقول صلى الله عليه وسلم: لا يستقيم إيمان عبد حتى يستقيم قلبه ولا يستقيم قلبه حتى يستقيم لسانه .
من هنا فالمسلم مطالب بأن يعود لسانه على الألفاظ الجميلة، والتعبير الحسن، والكلمة الرقيقة، لأن الكلمة الطيبة تأسر القلوب، وهي أسرع بريد للمودة والتعاون والتآلف، فكم من حروب وفتن ومصائب حدثت بسبب كلمة منفلتة ألقاها صاحبها من دون أن يلقي لها بالاً، ولذلك حذرنا الإسلام من الكلمات المنفلتة غير المسؤولة التي تجلب لصاحبها وللآخرين كثيراً من المصائب، وأمرنا الحق سبحانه وتعالى بأن نقول للناس كل ما هو حسن وجميل.
والقصد في الحديث كما يقول علماء السلوك والأخلاق الإسلامية سمة الشخصية المعتدلة التي يتخلق صاحبها بالخلق الإسلامي النبيل فيبدو رزيناً في مجلسه هادئاً في مشاعره، يكسوه الوقار، وتعلوه الهيبة، فلا ينطق لسانه بالقول في أي مجال، ولا يقحم نفسه في أحاديث الناس، فإن الكلام عند كثير من الناس شهوة من الشهوات إذا استبدت بالإنسان أوردته موارد الهلاك، ولذلك فإن من صور الذوق العام التي جاء بها الإسلام وربى أتباعه عليها: القصد في الكلام ومحاسبة الإنسان على ما ينطق به، يقول الحق سبحانه وتعالى: وما ينطق من قول إلا لديه رقيب عتيد، وقال سبحانه: لا خير في كثير من نجواهم إلا من أمر بصدقة أو معروف أو إصلاح بين الناس ومن يفعل ذلك ابتغاء مرضاة الله فسوف نؤتيه أجراً عظيماً.
واستقامة شخصية المسلم تنبع من إيمان صاحبها، وإخلاص قلبه، واستقامة لسانه، والقصد في الكلام من أهم ما يستقيم به اللسان، فلا يتكلم الإنسان إلا بعد تفكير وروية، فالإنسان الذي يوطن نفسه على القصد في الكلام، يقل خطؤه ويحسن قوله، ويتسم بالروية وعدم الاندفاع في الكلام، فهو إما أن يقول الخير، وإما أن يؤثر السكوت، ويلوذ بالصمت، وفي هذا ما يجعله مرموق الشخصية، محبوب الحديث لا يتبرم الناس بمجلسه، ولا يستثقلون رأيه، وصدق رسول الله صلى الله عليه وسلم: رحم الله امرأ قال خيراً فغنم، أو سكت فسلم.
وقد رفع الرسول صلى الله عليه وسلم من قيمة الأدب في الحديث والقصد في الكلام حين جعل ذلك آية على الإيمان بالله واليوم الآخر، فعن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليقل خيراً أو ليسكت، وروي أن رجلا تكلم في حضور النبي فأكثر، فقال له: كم دون لسانك من حجاب؟ قال شفتاي وأسناني قال: أفما لك ما يرد كلامك، وفي رواية أنه قال ذلك لرجل أثنى عليه فاستهتر في الكلام، ثم قال: ما أوتي رجل شراً من فضل في لسانه بمعنى الزيادة في الثرثرة.
وقد حذرنا الإسلام من الإسراف في الكلام وكثرة المدح للإنسان بما ليس فيه أو المدح على سبيل القطع فقد أثنى رجل على رجل عند النبي صلى الله عليه وسلم فقال له: ويلك قطعت عنق صاحبك، قطعت عنق صاحبك، ثم قال: من كان منكم مادحاً أخاه لا محالة فليقل أحسب فلانا والله حسيبه ولا أزكي على الله أحدا، أحسبه كذا وكذا إن كان يعلم ذلك منه .
وإنَّ عُظَمَاءَ الخلقِ لَهم الذين يَزِنُونَ ألفاظهم، ويتخيَّرون أطايب الكلام وأحسنه في عباراتهم، ويلتزمون في أحوالهم جميعًا أن لاّ تبدُرَ منهم كلمةٌ قبيحةٌ، أو لفظةٌ سائبةٌ مغلوطةٌ أو مكذوبةٌ، فيكونون بها سفهاءَ أو متطاولين على غيرهم؛ لأنَّ الكلمةَ يملكها الإنسان ما لم يتكلَّم بها، فإذا خرجت من فمه ملكته. والكلمة الحلوة ليست مع الإنسان المسلم فقط بل مع جميع الخلق أيضا الكلمات التي تنطق بها الألسن، وتتحرك بها الشفاه، لها شأنٌ، وأي شأن! فكم من كلمة أفرحت وأخرى أحزنت، وكم من كلمة فرقت وأخرى جمعت، وكم من كلمة أقامت وغيرها هدمت، وكم من كلمة أضحكت وأخرى أبكت، وكم من كلمة انشرح لها الصدر وأنس بها الفؤاد وأحس بسببها سعة الدنيا وأخرى انقبضت لها النفس واستوحشها القلب وألقت قائلها أو سامعها في ضيق أو ضنك، فضاقت عليه الدنيا على رحابتها والأرض على سعتها! وكم من كلمة واست جروحاً وأخرى نكأت وأحدثت حروقاً!. وللألفاظِ والكلماتِ دلائلُها ومعانيها التي تحملُ في طيَّاتها الخير فيُجازى عليها الإنسانُ بالإحسان إحسانًا، أو تحملُ في طيَّاتها الشرَّ والفُحْشَ والبذاءَ فيُجازى عليها بالسيئات المضَاعَفَةِ إلى يوم المعاد، وإنَّ لجارحة اللسانِ أعظم الأثرِ في حياةِ المسلمِ دينًا ودنيا، ربطَ اللهُ عليها الفلاحَ، وعلَّقَ عليها السعادةَ أو الشقاوةَ في العاجلِ والآجلِ، ورتَّبَ عليها الجزاءَ والعقابَ.
بكلمةٍ واحدةٍ يدخلُ العبدُ في الدين والملَّة؛ ألا وهي كلمةُ التوحيدِ الخالصِ: "لا إله إلاّ الله محمدٌ رسولُ الله"، وبكلمةٍ واحدةٍ يتبوّأُ العبدُ في الجنة غُرفًا من فوقها غُرفٌ مبنيّةٌ تجري من تحتها الأنهار، وبكلمةٍ أُخرى يزلُّ العبدُ في النار أبعدَ ممّا بين المشرق والمغرب! ولَرُبَّ كلمةٍ أوردت صاحبَها المواردَ، فندمَ عليها ولاتَ ساعةَ مندم!.
إِنَّ الكلمات هي الترجمانُ المعبِّرُ عن مستودعات الضمائر، والكاشفُ عن مكنوناتِ السرائرِ، فإِذا أردت أن تستدل على ما في قلب الإنسان فانظر إلى كلماته وألفاظه، فإنَّها الدليل على ما يكنُّه في قلبه من خير أو شرٍّ، شاء أم أبى، قال الإمام يحيى بن معاذٍ التَّابعيُّ: "القلوب كالقدور تغلي بما فيها، وألسنتها مصارفها، فانظر إلى الرجل حين يتكلَّم، فإنَّ لسانه يغترف لك مما في قلبه".
فعثراتُ القولِ طريقُ الندَم، والمنطِق الفاسِد الذي لا نِظام له ولا خِطام عنوانُ الحرمان ودليل الخذلان، فعن أبي هريرة -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "إنَّ العبدَ ليتكلَّم بالكلمةِ ما يتبيَّن فيها يزِلّ بها في النارِ أبعدَ ما بين المشرق والمغرب" ان من أولى الاهتمامات في حياة المسلم حفظُ لسانه إلاّ من الخير، وإحسان كلامه، وإطابتُهُ، وحفظُهُ عَنْ قَوْلِ الشَّرِّ.
وإذا أنعم اللهُ -سبحانه وتعالى- على العبد بصدق اللهجة، وطيب الحديث، وجمال المنطق؛ شَرُفَ قدرُهُ، وحُمِدت سيرتُهُ، وحَسُنَت عاقبتُهُ، فملكَ قلوبَ الناس، وأمنوه على أقوالِهم ووصاياهم وأماناتِهم. من صَلحَ منطقُ لسانه وطاب ظهرَ ذلك على سائرِ عملهِ، فأكسبَه حُسْنًا وأجرًا وقبولاً، ومن فسَد منطقُهُ وخَبُثَ انعكس أثرُه على سائر عمله.
الكلامُ هو حصادُ اللسان، ولذا كان لِزَامًا على المرءِ العاقل أن يكون كلامُه فيما يعودُ عليه بالنفع ويُجنّبه الضّررَ، وأن يحترسَ من زَلَلِهِ، وأن يحذرَ من فضولِه بالإمساكِ عن كثيرِه والإقلالِ منه إلاَّ ما كان في طاعة الله -سبحانه- من تهليلٍ وتحميدٍ وذكرٍ وتسبيحٍ ودعاءٍ واستغفارٍ؛ فإنَّ الإكثارَ منه هو النجاةُ. وها هو يوسف -عليه وعلى نبينا الصلاة والسلام- يطلبه الملك بعد أن سمع من النسوة تبرئته: (وَقَالَ الْمَلِكُ ائْتُونِي بِهِ أَسْتَخْلِصْهُ لِنَفْسِي فَلَمَّا كَلَّمَهُ قَالَ إِنَّكَ الْيَوْمَ لَدَيْنَا مَكِينٌ أَمِينٌ) [يوسف:54]، فلما كلمه، وسمع منطقه، وعلم من كلامه صدقه ونصحه ورجاحة عقله، قال: (إِنَّكَ الْيَوْمَ لَدَيْنَا مَكِينٌ أَمِينٌ)، (فَلَمَّا كَلَّمَه).
وجاء في كتاب السير أن زبيدة لامت زوجها الرشيد عل حبّه المأمون دون الأمين، فقال لها: الآن أريك عذري، فدعا الرشيد ولده الأمين -وكانت عنده أعواد مساويك- فقال له: ما هذه يا محمد؟ فقال: مساويك! ثم دعا المأمون، وقال له: ما هذه يا عبد الله؟ قال: ضدّ محاسنك يا أمير المؤمنين! فقالت زبيدة: الآن بان لي عذرك. وذلك أنها عرفت أن ما كان عليه المأمون من الذوق الرفيع، وحسن التلفظ، وجمال العبارة، جعل له المنزلة الرفيعة عند الرشيد. وكما يقال: منطق الرجل أدل عليه من هيئته ولباسه.
وكاين ترى من صامتٍ لك مُعجب *** زيـادته أم نقصـه في التكــلمِ
لســان الفتى نصــفٌ ونصـفٌ فـؤاده *** فلم يبق إلا صورةُ اللحم والدمِ
وقد قيل: فمُ العاقِل ملجَم، إذا همَّ بالكلام أحجَم، وفَم الجاهِلِ مطلَق، كلّ ما شاء أطلَق.
والعاقِلُ من لزِم الصمت إلا عن حقٍّ يوضِحه، أو باطلٍ يَدحضه، أو خيرٍ ينشُرُه، أو علمٍ يذكره، أو فضلٍ يشكره، فعن أبي هريرةَ -رضي الله عنه- قال: قال رسولُ الله -صلى الله عليه وسلم-: "مَن كان يؤمِن بالله واليوم الآخرِ فليقل خيرًا أو ليصمُت" فعلى المسلم أن تكون ألفاظه مضرب المثل في السمو والأدب، وألا يتوهم أنه إذا كان صريحا وصادقا في كلامه فأنه لا بأس عليه أن يلبس عباراته أي ثوب شاء!.
ومن آدابِ الكلامِ التي يجبُ على العاقل أن يَزمَّ بها لسانَه الاعتدال في المدح والذمِّ، فلا يتجاوزُ في المدح قدرَه، ولا يُسرف في الذَّمِ عن حدِّه، ولا يذكرُ كلمةً يُرضي بها بشرًا، ويُسخطُ بها ربَّ البشرِ -سبحانه وتعالى-.
ومن أعظم آداب الكلام في الإسلام أن يُصَّدِّقَ الفعلُ القول؛ لأنَّ مخالفةَ القولِ للفعل نفاقٌ، واتِّفاقَهما إيمانٌ صادقٌ، واللهُ -عزَّ وجلَّ- يقول لعباده المؤمنين: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ لِمَ تَقُولُونَ مَا لاَ تَفْعَلُونَ * كَبُرَ مَقْتًا عِندَ اللّهِ أَن تَقُولُواْ مَا لاَ تَفْعَلُونَ) وكما أنَّ مجالَ الكلمة الطيّبةِ واسعٌ فإنَّ مجالَ الكلمة الخبيثة أوسعُ؛ أعظمُه الإشراكُ بالله -تعالى-، والقولُ على الله بغير علمٍ، وشهادةُ الزورِ، والسحرُ، والقذفُ، والشتمُ والسّبابُ، والغيبةُ والنميمةُ، والكذبُ، والمراءُ والجدالُ بالباطل، وتزكية النفوسِ، والخصوماتُ، والغناءُ المحرّم، والسُّخريةُ والهمزُ والاستهزاءُ بالمسلمين وبدينهم، كلُّ هذه من أُمّهات الخبائث الموجبة للحرمان من رحمة الله، المورثة للضغائن والأحقاد بين الناس.
ان اللسان سلاح ذو حدّين، فرُبّ كلمة رفعت منزلة الإنسان إلى أعلى الجنان، وأخرى قد تهبط به إلى أسفل دركات النيران.
في الأزمات والخلافات نحتاج الكلمة التي تُصلح ذات البَيْن وتؤلف بين القلوب، وتساهم في حل الخلاف وتقريب وجهات النظر.
ولمن يقوم بمثل هذا العمل الأجر الكبير من الله والثناء الطيب من الناس.
يقول الرسول صلى الله عليه وسلم: «أَلا أُخْبِرُكُمْ بِأَفْضَلَ مِنْ دَرَجَةِ الصِّيَامِ، وَالصَّلاةِ، وَالصَّدَقَةِ؟ قَالُوا: بَلَى قَالَ: صَلاحُ ذَاتِ الْبَيْنِ، فَإِنَّ فَسَادَ ذَاتِ الْبَيْنِ هِيَ الْحَالِقَةُ».
هناك العديد من الخلافات التي تقع بين الأزواج والأصدقاء والجيران وزملاء العمل، وقد تكون بين الأحزاب والجماعات، وقد تكون بشكل أكبر كل هذا يحتاج في المقام الأول لمن وهبه الله حلاوه اللسان ورجاحة العقل وميزان الكلمة.
فنحتاج في مثل هذه الأوقات إلى من يرفع راية الصلح بين المتخاصمين والمتخالفين، من يسعى إلى ردم الهوّة، وإلى مد جسور التآخي والتآلف. فاحفظوا ألسنتَكم، وطهّروها من الخُبْثِ والخبائث، واجعلوها رطبةً بذكر الله -تعالى- وطاعته، واعلموا أنّكم لن تسعوا الناسَ بأموالكم، ولكن يسعُهم منكم بسطُ الوجه، وكفُّ الأذى، وحسنُ الخُلُقِ، وطيبُ الكلام.علينا أن نعود أنفسنا على الكلمة الطيبة في البيت مع الوالدين والأولاد والزوجة، عند الاختلاف بالآراء مع الغير، نعود أنفسنا على الكلمة الطيبة في برامج التواصل الاجتماعي، فالشيطان حريص على أن يوقع العداوة بين بني آدم، قال الله عز وجل: (وقل لعبادي يقولوا التي هي أحسن إن الشيطان ينزغ بينهم إن الشيطان كان للإنسان عدواً مبيناً). الكلمةُ الطيّبةُ تغسلُ الضغائنَ المستكنةَ في الجوارح، وتجمعُ الأفئدةَ، وتجلبُ المودّةَ، ولكم في رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أُسوةٌ حسنةٌ؛ فقد قال: “لاَ تَحْقِرَنَّ مِنَ المَعْرُوفِ شَيئًا، وَلَو أنْ تَلْقَى أَخَاكَ بِوَجْهٍ طَلِقٍ” رواه مسلم. قال عمرُ بن الخطاب -رضي الله عنه-: “البرُّ شيءٌ هيّنٌ؛ وجهٌ طَليقٌ، وكلامٌ ليّنٌ”.
إضافة تعليق جديد