رئيس مجلس الإدارة   
            د/ نبيلة سامى                   

                                               

          صحافة من أجل الوطن 

              (  مجلة مصر )

                             ( أحدث إصدارتنا)

الثلاثاء 17 يونيو 2025 5:28 ص توقيت القاهرة

سحروا أعين الناس وإسترهبوهم.. بقلم / محمـــد الدكـــروري

الحمد لله واسع الجود والكرم وكاشف السوء والسقم والصلاة والسلام على محمد الذي وحد الله وهجر كل صنم وعلى آله وأصحابه المستعينين بالله من كل ألم ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين أما بعد، ذكرت كتب الفقه الإسلامي الكثير عن السحر وأعمال السحر، وإن السحر على نوعين، فالنوع الأول وهو سحر تخيّل وهذا لا حقيقة له، وإنما يخيل للإنسان، ويأخذ بالأبصار فقط، وقد تحدث القرآن الكريم عن هذا النوع، فقال تعالى عن النازل الذي جرى بين سحرة فرعون، وبين سيدنا موسى عليه السلام " فلما ألقوا سحروا أعين الناس واسترهبوهم وجاءوا بسحر عظيم " وقال ابن كثير رحمه الله في تفسيره " خيلو إلي الأبصار أن ما فعلوه له حقيقة في الخارج ولم يكن إلا مجرد صنعة وخيال " وأما النوع الثاني من السحر وهو سحر له حقيقة وهو الذي يصيب القلوب.
يعملونه بأمور خبيثة، فيأخذون من ثيابه من يريدون أذيته، أو من شعره، أو من مشطه، من أظفاره، ثم يعملون هذا السحر الذي منه ما يقتل وما يمرض ويأخذ الرجل عن امرأته فيمنعه وطأها ومنه ما يفرق بين المرء وزوجه وما يبغض أحدهما إلي الآخر أو يحبب بين اثنين، وقد قام أحد اليهود وإسمه لبيد بن الأعصم فعمل له سحرا في مشط آلة تسريح الشعر ومشاطة ما يسقط من الشعر وجف طلعة ذكر النخل هو الغشاء الذي يكون على الطلع، ويطلق على الذكر والأنثى، فلهذا قيده بالذَّكر، فصار يخيل إليه أنه فعل بعض الشيء مع أهله ولم يفعله، لكن لم يزل بحمد الله تعالى عقله وشعوره وتمييزه معه فيما يحدث به الناس، ويكلم الناس بالحق الذي أوحاه الله إليه، لكنه أحس بشيء أثر عليه بعض الأثر مع نسائه، وبقي على ذلك ستة أشهر، حتى نزلت سورتي المعوذتين.
سورة الفلق وسورة الناس رقية له، فيا عباد الله إذا وقع السحر على المسلم فحرى به أن يصبر ويحتسب وتزداد ثقته بالله وتوكله عليه، وأن يضرع إليه بالدعاء لكشف الضر، فلا يرد القضاء إلا الدعاء، ولا جناح عليه أن يفعل الأسباب المباحة شرعا لدفع السحر وعلاجه ومن تلك الوسائل هو الإكثار من ذكر الله والمحافظة على بعض الأوراد والأدعية الواردة يقول العلامة ابن باز رحمه الله، ومن الأدعية الثابتة في علاج الأمراض من السحر وغيره، وكان النبي صلى الله عليه وسلم يرقي بها أصحابه "اللهم رب الناس أذهب البأس، وأشف أنت الشافي، لا شفاء إلا شفاؤك، شفاء لا يغادر سقما " رواه البخاري، وكذلك الرقية التي رقى بها جبرائيل عليه السلام النبي صلى الله عليه وسلم وهي قوله "بسم الله أرقيك، من كل شيء يؤذيك ومن شر كل نفس أو عين حاسد، الله يشفيك، بسم الله أرقيك " رواه مسلم.
ويقول ابن القيم رحمه الله من انفع علاجات السحر الأدوية الإلهية، بل هي أدويته النافعة، فالقلب إذا كان ممتلئا من الله مغمورا بذكره، وله من الدعوات والأذكار والتعوذ ورد لا يخل به يطابق فيه قلبه لسانه، وكان هذا من أعظم الأسباب التي تمنع إصابة السحر له، ومن أعظم العلاجات له بعد ما يصيبه، ثم أضاف رحمه الله موضحا من يتأثرون بالسحر وعند السحرة أن سحرهم إنما يتم تأثيره في القلوب الضعيفة المقفلة والنفوس الشهوانية التي هي معلقة بالسفليات، ولهذا فإن غالب ما يؤثر في النساء، والصبيان والجهال وأهل البوادي ومن ضعف حظه من الدين والتوكل، والتوحيد ومن لا نصيب له من الأوراد الإلهية والتعوذات النبوية، فاللهم أنصر دينك وكتابك وسنة نبيك وعبادك المؤمنين، اللهم حبب إلينا الإيمان وزينه في قلوبنا وكره إلينا الكفر والفسوق والعصيان، واجعلنا من الراشدين.

تصنيف المقال : 

إضافة تعليق جديد

CAPTCHA
This question is for testing whether or not you are a human visitor and to prevent automated spam submissions.
4 + 2 =
Solve this simple math problem and enter the result. E.g. for 1+3, enter 4.