لم أجد أغبى من هؤلاء الذين يتصورون أن إفشال النظام الحالى يمكن أن يجعل الناس تثور عليه .
الغباء السياسى صفة قد تصاب بها فئة معينة ، أو فصيل بعينه ، فى وقت بعينه ، تحت نوبة إلحاح الرغبة القاتلة فى السلطة أو العودة لها ، وفق حسابات خاطئة على طاولة الحراك الشعبى .
ثمن الغباء السياسى يكون أكثر فداحة ، عندما يتمترس فصيل بعينه عند مواقف بعينها ، تم اختبارها ولم يقبلها أحد ، وعندما يكون غير قادر على قراءة المشهد ، وغير قادر على طرح أى بديل يلقى قبول الجماهير ، سوى عمل ما يشين له ، وفعل ما يعطل عجلة التنمية بشكل يجعل الجماهير تلفظه بشكل أكبر.
هذا الكلام ، أتمنى أن يعيه الإخوان جيدا ، فلا أحد من المصريين يرضى بأفعالهم الرامية لخنق مصر اقتصاديا ، لأنها ببساطة تنعكس على المواطن البسيط وعلى المجتمع ككل ، وتعطى للنظام مبررا منطقيا لتبرير أخطائه السياسية والاقتصادية ، وهذا ما يحدث الآن ، ويقتنع به معظم المواطنين .
على الإخوان أن يدركوا أن هناك فرق كبير بين من يقدم كوبا من الماء لظمآن وبين من يحاول كسره لكى يموت الظمآن من العطش ، بالتأكيد الناس كلها ستكون مع من يقدم الكوب بصرف النظر عن جودة الماء فيه .
لعل ما قلناه فيه إجابة عن تساؤل من المؤكد أنه يثور فى أذهان الجميع إخوان وغير إخوان ، لماذا الناس راضية بارتفاع أسعار السلع بمعدل يزيد عن 100% ، وبرفع الدعم عن السلع البترولية والكهرباء والغاز فى المنازل ، ولماذا هم راضون بمستقبل يلوح لبعضهم بأنه قد يكون أكثر صعوبة ؟
خلاصة القول وأوجزه ، من أراد النأى بنفسه عن الغباء السياسى ، أن يمد كوب الماء بدلا من المتفجرات والأحزمة الناسفة ، والتمترس عند مواقف تزيد الأمر تعقيدا عما هو عليه ، مع التأكيد فى الوقت نفسه على أن من يفكر بعقلية الإقصاء للجميع حتى ولو كانوا سلميين ولديهم قابلية للندماج فى المجتمع ، هو أيضا خارج دائرة الذكاء السياسى .
إضافة تعليق جديد