رئيس مجلس الإدارة   
            د/ نبيلة سامى                   

                                               

          صحافة من أجل الوطن 

              (  مجلة مصر )

                             ( أحدث إصدارتنا)

الجمعة 18 أكتوبر 2024 9:02 ص توقيت القاهرة

سعيد نصر يكتب : 400 خبير إسرائيلى يساهمون فى بناء سد النهضة

مصر والسودان تتمسكان فى مفاوضات سد النهضة مع إثيوبيا بمبدأ ضرورة الحفاظ على الحصص ، 55.5 مليار متر مكعب للأولى و 18 متر مكعب للثانية ، فى حين تتمسك إثيوبيا مدعومة بمبدأ كيفية الاستفادة الكاملة لكل الأطراف بمياه نهر النيل ، بعيدا عن مبدأ الحفاظ على الحصص ، بزعم أنها نتاج مرحلة استعمارية أفضت لتوزيع غير عادل للمياه لم يكن لشعوبها أى رأى فيه . وهذه المعضلة الكبيرة الأشبة بالأزمة المعقدة ورثها النظام الحالى كإرث غير مريح نتج عن سياسات خاطئة لنظام الرئيس الأسبق حسنى مبارك ، فالرجل كان مشغولا فقط بتفاصيل سيناريو توريث الحكم لابنه ، ولم يفعل أى شىء لتحريك المياه الراكدة من تحت العلاقات التى كانت شبه مقطوعة بين القاهرة وأديس أبابا على خلفية محاولة اغتياله الفاشلة فى تل أبيب عام 1993. تلك السقطة المباركية منحت إسرائيل فرصة مواتية على طبق من فضة للتغلل فى الدولة الإثيوبية ، لدرجة قيام تل أبيب ببناء قاعدتين عسكريتين على الأراضى الإثيوبية ، تم بناءهما خصيصا لحماية سد النهضة من أى ضربات عسكرية ، والخطير فى أمر تلك القواعد أنها تثير تساؤلا مشروعا حول دور الأمريكان فيها ، بحكم علاقة الزواج الأبدى"إن جاز التعبير" بين واشنطن وتل أبيب . الدليل على وجود علاقة مباشرة ووطيدة بين القواعد العسكرية الاسرائيلية وحماية سد النهضة ، أن تل أبيب أرسلت عقب بناء القاعدتين العسكريتين 400 عالم وخبير على أعلى مستوى فى بناء السدود وتوليد الكهرباء ، وذلك وفق معلومات وردت فى تقرير أعدته جهة سيادية و أرسلت نسخة منه إلى الرئيس عبد الفتاح السيسى ،وحمل تحذيرات مفادها أن سد النهضة سيتسبب بمجرد تشغيله فى إختفاء الأسماك من مصر لمدة 5 سنوات على الأقل ، ونقص حصة مصر من المياه بواقع 9 مليار متر مكعب ، وقدمت فى تقريرها لمؤسسة الرئاسة التوصيات الواجب اتباعها لمواجهة تلك الأخطار قبل فوات الأوان ، و ربما ذلك يفسر إصرار الرئيس عبد الفتاح استكمال مشروع الاستزراع السمكى بكفر الشيخ فى أسرع وقت ، والانتهاء من مرحلته الأولى فى أكتوبر 2016. إثيوبيا كان فى نيتها أنها ستبنى سد النهضة ، منذ أن بنت مصر السد العالى ، وكانت تتنظر الوقت المناسب بسبب عقبة التمويل، وظلت كذلك حتى دخل العفريت الاسرائيلى فى اللعبة ،وتزامن ذلك مع حدوث تطورات على الأرض جعلتها تسرع فى بنائه ، أبرزها مطالبة دول المنبع فى الغرف السرية ببيع مياه النيل لدولتى المصب مصر والسودان، بدلا من حصولهما علي المياه كحق تاريخى بالمجان ، وهى المطالب التى أصبحت علنية فى مرحلة لاحقة . مطلب بيع المياه لم يكن وليد الصدفة ، وإنما لعب العفريت الإسرائيلى دورا حاسما فيه ، حيث سربت دوائر استخباراتية وسياسية اسرائيلية ، فى مرحلة ما قبل ثورة 25 يناير 2011 ، معلومات كاذبة مفادها أن مصر مبارك تلقت 3 عروض لبيع جزء من حصتها للمياه للسعودية وليبيا ، بواقع 1.5 دولار للمتر المكعب ، والعرض الثالث لإسرائيل نفسها ، وذلك كله بهدف تحريض دول المنبع فى حوض النيل ، وهى التطورات التى أعقبها إتفاق عنتيبى الذى رفضت مصر التوقيع عليه أثناء حكم الرئيس الأسبق حسنى مبارك . الأرز المصرى كان له علاقة بالكذبة الإسرائيلية التحريضية التى قلبت الأمور رأسا على عقب ، حيث يتردد أن رشيد محمد رشيد وزير التجارة والصناعة قبل ثورة يناير ، قد أقنع مبارك بعدم جدوى زراعة الأرز ، حيث قال له :" الأرز يحتاج 11.5 مليار متر مكعب ، وثمن كل متر 1.5 دولار على الأقل ، وهذا يعنى أننا ننخسر نحو 16 مليار دولار على رى الأرز فقط ، وهو مبلغ يمكن به استيراد ما يكفى مصر من الأرز ، وأقنع رشيد مبارك وقتها أن ذلك يتفق مع مبدأ النفقة النسبية فى الاقتصاد السياسى " الاسم الشيك " للتجارة الخارجية". تلك التسريبات مصحوبة بتسريبات أخرى عن مد اسرائيل بمياه النيل عن طريق ترعة السلام فى سيناء ، كان لها دورها السلبى فى تعقيد المشكلة ، وفى نقل مطلب بيع المياه لمصر والسودان من طور السرية إلى طور العلنية ، خاصة وأن معلومات سربتها دوائر استخباراتية اسرائيلية هنا وهناك ، مفادها أن السعودية عرضت على مصر مبارك شراء المياه ونقلها للمملكة فى سفن عملاقة على شاكلة السفن العملاقة لنقل البترول ، وذلك بثمن 1.5 دولار للمتر المكعب، وهو نفس الشىء الذى عرضته ليبيا معمر القذافى وفق ما زعمته اسرائيل فى الغرف المغلقة لتحريض دول المنبع فى حوض النيل . كل ما سبق يفسر بوضوح أسباب وأسرار الخطوة التى تمت عقب ثورة 30 يونيو ، ووصول الرئيس السيسى إلى الحكم ، حيث تم نقل الملف برمته إلى جهاز الاستخبارات العامة ، مع ترك الأمور الفنية لوزير الرى ، والأمور الخاصة بالتفاوض على موائد المفاوضات لوزارة الخارجية .

تصنيف المقال : 

إضافة تعليق جديد

CAPTCHA
This question is for testing whether or not you are a human visitor and to prevent automated spam submissions.