رئيس مجلس الإدارة   
            د/ نبيلة سامى                   

                                               

          صحافة من أجل الوطن 

              (  مجلة مصر )

                             ( أحدث إصدارتنا)

الجمعة 27 ديسمبر 2024 4:06 ص توقيت القاهرة

سياسات ترامب الجديدة تقضي على قوة أمريكا الناعمة

تشكل الولايات المتحدة نقطة جذب للكفاءات والأكاديميين الطموحين حول العالم، لاسيما جامعاتها العريقة التي تفتح أبوابها لكل طالبِ علمِ كفء، يرغب بإتمام دراسته أو إجراء أي بحث علمي في كافة الاختصاصات.

والإستقطاب الأمريكي للكفاءات والطلاب من كافة أنحاء العالم، تعد اليد الطولى في "قوتها الناعمة"، وأحد جناحي ما يسمى "القوة الذكية" التي تميزت بها السياسة الخارجية الأمريكية في العقود القليلة الماضية، في الموازنة بين قوتيها "الناعمة" و"الخشنة".

ومع الصعود المفاجئ، لدونالد ترامب على خشبة السياسة الأمريكية كرئيس جديد للبلاد في يناير الماضي، رفع الأول شعار "أمريكا أولًا"، وأصدر قرارات تنفيذية تركت أثرها المباشر على الصعيد العسكري والسياسي والاقتصادي، وكان أكثرها إثارة للجدل، منع دخول اللاجئين ومواطني سبع دول ذات غالبية مسلمة مؤقتا إلى الولايات المتحدة.

قرارٌ كان بمثابة طعنة لما يسمى بـ"الحلم الأكاديمي" الذي تفتخر الجامعات الأمريكية بتقديمه للطلاب من مختلف أنحاء العالم.

ويُظهر تسابق طلاب كليات الحقوق في العديد من الجامعات العريقة مثل "هارفارد" و"ييل" لتقديم المساعدة القانونية للممنوعين من دخول الولايات المتحدة في المطارات، بشكل واضح، مدى عمق التأثير الذي تركه قرار ترامب على الحياة الأكاديمية في هذا البلد.

ووقّع ترامب، في السابع والعشرين من الشهر الماضي، أمراً تنفيذياً (تم إيقاف العمل به مؤقتا) يقضي بتعليق السماح للاجئين بدخول الولايات المتحدة لمدة 4 أشهر، وحظر دخول البلاد لمدة 90 يوماً على مواطني سوريا والعراق وإيران والسودان وليبيا والصومال واليمن.

وتحتل إيران المرتبة الـ 11 في اللائحة الأمريكية للدول المُرسلة للطلاب، وتأتي العراق وسوريا من بين التي يشملهم برنامج وزارة الخارجية الأمريكية للشراكة مع الشرق الأوسط، الهادف لتعزيز ثقافة المجتمع المدني في منطقة الشرق الأوسط.

بالإضافة إلى أنَّ العراق من بين الدول الذين تشملهم منحة "فولبرايت" الأمريكية للطلاب الأجانب.

البروفسور في جامعة هارفارد "جوزيف ناي" الواضع لمصطلح "القوة الناعمة" كتعريف بالقدرة على الجذب والتحريك دون الإكراه، اعتبر أن الخطوات التي أقدم عليها ترامب من شأنها أن "تزعزع هذه القوة التي تتميز بها الولايات المتحدة".

وأضاف "ناي" في حديث لموقع إخباري ألماني أنَّ "استمرار ترامب في النهج التحريضي عبر موقع تويتر، سيضعف من قوة تأثير أمريكا حول العالم أكثر فأكثر".

أما أقوى الإنتقادات الأكاديمية التي وُجهت لإدارة ترامب على خلفية قرار الحظر، تلك التي أطلقتها رئيسة اتحاد الجامعات في الولايات المتحدة، ماري سو كوليمان، وذلك في بيان مشترك باسم الجامعات الأمريكية، اتهمت خلاله الإدارة الجديدة، بإلحاق ضرر كبير بالبلاد لا يمكن تفاديه، داعية لإنهاء كافة القرارات التي من شأنها منع مواطني أي دولة من دخول البلاد.

وأكدت كوليمان في البيان الصادر مؤخرا أن بلادها "ستواصل إستقبال الطلاب الأكفاء من كافة أنحاء العالم".

وأشارت إلى أن "استقطاب الطلاب الأكفاء والعلماء والمهندسين والأكاديميين تشكل أهمية مصيرية للإقتصاد الأمريكي والمصلحة الوطنية".

ولفتت إلى أنهم واجهوا نفس الوضع تقريبا بعد هجمات 11 سبتمبر 2001، إلا أنهم تمكنوا من تخطيها، بعدم إنقطاع مجيء الكفاءات إلى الولايات المتحدة.

وعلى الصعيد الدولي، أعلنت عدد من الجامعات العالمية إستعدادها لاستقبال الطلاب المتضررين من قرارات ترامب، لا سيما في كندا وفرنسا وبريطانيا.

من جانبه، قال الأكاديمي في جامعة صابنجي التركية، آدم ماك كونيل، إن التطورات التي حدثت في الولايات المتحدة بعد ترامب "خلقت مشكلتين، الأولى تتعلق بالولايات المتحدة مباشرة".

وأضاف  موضحاً أن المشكلة الأولى تكمن في أن "معظم الطلاب الأجانب في البلاد من طلبة الدراسات العليا، وهم يساهمون في مختلف نواحي الحياة لاسيما الاجتماعية والتكنولوجية والبنية التحتية، فضلا عن أنهم يجلبون عائدات تقدر بأكثر من 30 مليار دولار سنويا للميزانية الأمريكية".

أما المشكلة الثانية- بحسب كونيل- تتمثل في "فقدان أمريكا حق إدانة وانتقاد دول أخرى تحذو حذوها في منع مواطني بلدان أجنبية من الدخول إليها".

بينما قال الدكتور في قسم العلاقات الدولية بجامعة غلطة سراي التركية، علي فائق دمير، إن "السياسة المتوقعة من واشنطن في عهد ترامب ستكون بعيدة كل البعد عن الاعتماد على القوة الناعمة".

وتابع: "لا نستطيع أن نتوقع سياسة تعتمد على القوة الناعمة من شخص غير متسامح مع الآخر وله أسلوب عدواني، يلجأ للتهديد بدل الإقناع، ولا يعير أي أهمية لتقاليد الدولة ومؤسساتها".

وأشار "فائق دمير" إلى أن "الولايات المتحدة ستكون بعيدة أيضا عن سياسة القوة الذكية التي اتسمت بها في العقود الماضية، في الموازنة بين قوتها الناعمة والخشنة في سياستها الخارجية، بسبب تعرضها للانتقاد المفتوح من قبل الشعب الأمريكي وما يترتب عليه من حالة عدم استقرار داخلية".

من جانب آخر، ترى الأستاذة في كلية الإعلام بجامعة غلطة سراي، غاي أصلي سانجار، أنّه "ليس بمقدور ترامب أن يغير الكثير في سياسة أمريكا الخارجية المعتمدة على القوة الناعمة".

وفي هذا الصدد، قالت إن "استراتيجيات القوة الناعمة ترسمها الدول للمدى الطويل، ولا يمكن لرئيس دولة إلحاق تغيير جدي فيها، بالتأكيد سيكون هناك تدني في الاعتماد على هذه السياسة، ولكنها ستكون على المدى القصير".

واختتمت حديثها بالقول: "سنرى معاً في قادم الأيام إن كان ترامب قادراً على ترك أي تأثير على مؤشر القوة الناعمة للسياسة الخارجية الأمريكية".

تصنيف المقال : 

إضافة تعليق جديد

CAPTCHA
This question is for testing whether or not you are a human visitor and to prevent automated spam submissions.