الحمد لله رب العالمين الذي أنزل شريعة الإسلام هدى للناس ورحمة للعالمين، وجعلها لنا صراطا مستقيما يهدي بنا إلى سعادة الدارين، والشكر له أن هدانا إلى الإسلام، وفضلنا على العالمين أجمعين، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأن محمدا عبده ورسوله إمام الخاشعين، اللهم صل وسلم على سيدنا محمد، وعلى آله وصحبه الطيبون الطاهرون، الحافظين لحدودك يا ربنا والخاشعين لك، وبعد فاتقوا الله عباد الله، اتقوا الله في أنفسكم، وفي صلواتكم لتفلحوا في دنياكم، ثم أما بعد روي عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال ما سئل رسول الله صلى الله عليه وسلم على الإسلام شيئا إلا أعطاه، قال فجاءه رجل فأعطاه غنما بين جبلين فرجع إلى قومه فقال يا قوم، أسلموا فإن محمدا يعطي عطاء من لا يخشى الفقر، قال أنس بن مالك رضي الله عنه.
إن كان الرجل ليسلم ما يريد إلا الدنيا فما يسلم حتى يكون الإسلام أحب إليه من الدنيا وما عليها" رواه مسلم، وعن جبير رضي الله عنه قال بينا رسول الله صلى الله عليه وسلم راجعا من غزوة حنين طفق الأعراب يسألونه، حتى إضطروه إلى شجرة فخطفت رداءه، فوقف رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال أعطوني ردائي فوالله لو كان لي عدد هذه العضاه وهي الشجر نعما لقسمته بينكم ثم لا تجدوني بخيلا ولا كذابا ولا جبانا" رواه البخاري، ومن مواقف رحمة الرسول صلى الله عليه وسلم هو رحمته بالضعفاء عموما، فكان صلى الله عليه وسلم يهتم بأمر الضعفاء والخدم، الذين هم مظنّة وقوع الظلم عليهم والإستيلاء على حقوقهم وكان يقول في شأن الخدم "هم إخوانكم جعلهم الله تحت أيديكم، فمن كان أخوه تحت يده فليطعمه مما يأكل،
وليلبسه مما يلبس ولا تكلفوهم من العمل ما يغلبهم، فإن كلفتموهم فأعينوهم" ومن مظاهر الرحمة بهم كذلك هو ما جاء في قوله صلى الله عليه وسلم " إذا جاء خادم أحدكم بطعامه فليقعده معه أو ليناوله منه فإنه هو الذي ولي حره ودخانه" رواه ابن ماجة وأصله في مسلم، ومثل ذلك اليتامى والأرامل، فقد حث صلى الله عليه وسلم الناس على كفالة اليتيم وكان يقول "أنا وكافل اليتيم كهاتين في الجنة، وأشار بالسبابة والوسطى" وجعل الساعي على الأرملة والمسكين كالمجاهد في سبيل الله تعالي وكالذي يصوم النهار ويقوم الليل وإعتبر وجود الضعفاء في الأمة والعطف عليهم سببا من أسباب النصر على الأعداء، فقال صلى الله عليه وسلم " أبغوني الضعفاء فإنما تنصرون وترزقون بضعفائكم "
ومن مواقف رحمة الرسول صلى الله عليه وسلم هو رحمته بالبهائم، فشملت رحمته صلى الله عليه وسلم البهائم التي لا تعقل فكان يحث الناس على الرفق بها وعدم تحميلها ما لا تطيق، فقد روى الإمام مسلم أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال " إن الله كتب الإحسان على كل شيء فإذا قتلتم فأحسنوا القتلة وإذا ذبحتم فأحسنوا الذبح وليحد أحدكم شفرته، فليرح ذبيحته" ودخل النبي صلى الله عليه وسلم ذات مرة بستانا لرجل من الأنصار، فإذا فيه جمل، فلما رأى الجمل النبي صلى الله عليه وسلم ذرفت عيناه، فأتاه رسول الله صلى الله عليه وسلم فمسح عليه حتى سكن، فقال صلى الله عليه وسلم" لمن هذا الجمل؟" فجاء فتى من الأنصار فقال لي يا رسول الله، فقال صلى الله عليه وسلم له " أفلا تتقي الله في هذه البهيمة التي ملكك الله إياها فإنه شكا لي أنك تجيعه وتتعبه" رواه أبو داوود.
إضافة تعليق جديد