رئيس مجلس الإدارة   
            د/ نبيلة سامى                   

                                               

          صحافة من أجل الوطن 

              (  مجلة مصر )

                             ( أحدث إصدارتنا)

الأحد 16 مارس 2025 1:39 ص توقيت القاهرة

عنـدما يفقـد المعـلم ولـدًا ...!! بقلم / حمادة سعد

استيقظت ذات يوم منذ سنوات في مثل هذه الأيام من شهر مارس على خبر نشره أحد الأصدقاء على صفحته بالفيسبوك نزل علي كالصاعقة ، فأصابني بالحزن العميق ، وجلست في صمت وذهول من هول المفاجأة ، ووجدتني أعود بشريط الذكريات سنواتٍ للوراء قبل سفري للعمل بإحدى المدارس الأهلية بالمملكة العربية السعودية .
ويبدأ شريط الأحداث بالمشهد الأول عندما كنت أدخل فصلي، فأجد طفلا جميلا ، متلألئ الوجه كأنه البدر ليلة تمامه ، تبض منه حمرة .. تزداد كلما ابتسمت إليه خجلًا وحياءً
فكنت أسأله ....لم تبتسم هكذا يا محمد ؟!!
كان يهز رأسه وهو ينظر إلى الأرض محاولًا إخفاء ابتسامت الماكرة قائلا : لا أدري يا أستاذ.
لكنني كنت أعلم سبب ابتسامته تلك ... فقد كنت أدرس لهم بطريقة
"مسرحة المناهج "، وكنت قد ابتكرت لهم شخصية " الحاج عوضين"
تلك الشخصية التي كان " محمد" يسعد كثيرا عندما يسمعني أتكلم بلسانها بطريقة كوميدية ساخرة ...مما كان يجعلني في أشد لحظات السعادة وهو يحاول جذب الدمية من يدي ليقبلها ،وكنت كلما أنظر إليه وأرى نجابته وتفوقه أعتصر ألما وأخشى عليه من السعادة الزائدة ، فلقد كان مصابا بداء القلب ، وأجريت له عمليات "القلب المفتوح "عدة مرات ؛ لذا كنت أقلق عليه كلما غاب عن المدرسة، واستشعر بأن هناك شئ ما ينقصني .. حتى دميتي الصماء الحاج " عوضين " كان يشاركني نفس الشعور فتضعف نبرة صوته ويتوقف إبداعه ويتمنع بين يدي فلا يكاد يطاوعني كلما غاب "محمد "صاحب البهجة المشعة في أرجاء المكان بابتسامته الساحرة وروحه الجميلة .
جاء الخبر المؤلم ليوقظني من تلك الذكريات الجميلة ويفجعني في ولدي الحبيب "محمد مصطفى " معلنًا عن رحيله عن عالمنا تاركًـا في النفس ألما وجرحًا لا يندمل .
وإذا شئت أحدثك عن مقدار الحزن والأسى عندما تكون معلمًا وتفقد أحد أبنائك ..فبرغم دراستنا لكل الأساليب التربوية الحديثة ،وطرق التدريس المختلفة بجامعاتنا وعلم نفس نمو الطفل إلا أننا لم ندرس علم نفس" فقد الطفل " ذلك الكيان البرئ الذي أوجدنا الله من أجله
فوداعًا ولدي الحبيب وكن في قبرك هانئًا و لا تنس ما علمتك إياه وكن واثقا فيما عند الله فما عند الله خير وأبقى .

تصنيف المقال : 

إضافة تعليق جديد

CAPTCHA
This question is for testing whether or not you are a human visitor and to prevent automated spam submissions.