قصة جندى مصرى من أبطال الدفاع الجوى الذين ساهموا فى كتابة حرب أكتوبر
هناك كثيرا من الذكريات فى قلوب مئات الألأف من الجنود الذين خاضوا اخر حروب مصر واشدها منذ الفراعنة واخشى انها سوف تموت معنا و لا يعلم أحدا شيئا عنها ـ عبد الله المصرى
يبدأ عبد الله المصرى ذكرياته ويقول .... إنى أفخر بأن أكون واحدا من مئات الآلأف الذين ساهموا فى كتابة جزء من تاريخ مصر فى 6 اكتوبر1973
بدايتى فى القوات المسلحة
فى خريف عام 1971 تم تجنيدى فى القوات المسلحة و بسبب دراستى تم ارسالى الى مدارس القوات المسلحة المتخصصة فى الرادار و الصواريخ لتلقى العلوم العسكرية فى أنظمة الدفاع الجوى و لأصبح متخصص فى تشغيل و اصلاح محطات الرادار التى توجه الصواريخ
إنهاء عمل الخبراء الروس
فى صيف عام 1972 انهى الرئيس السادات عمل الخبراء الروس و تم ارسالنا على الفور لحل محلهم فى كتائب الصواريخ وكان مكانى بكتيبة صواريخ على الجبهة بالقرب من مدينة السويس
كتيبة الصواريخ دفاع جوى
عند نزولى ومعى مخلتى من العربة التى تحمل المياه الى الكتيبة و التى وجدتها مصادفة على الطريق خرج أحد الجنود من خندقه وهو يبتسم وقال بصوت عالى.." أيوة هى دى الجبهة "... وكانت إجابة لسؤال يدور فى ذهنى ولم أكن قد نطقت به بعد و لكنى لم اشاهد محطات الرادار و لا قواذف الصواريخ و لا العربات التى تحمل الصواريخ . أين هى هذه الكتيبة ؟!! وعرفت أنها تنصب احد الكمائن لطيران العدو على حافة القناة وهذا المكان هو مؤخرة الكتيبة اى مكان العودة ، وركبت مرة أخرى عربة المياه بعد تزويدها بالطعام واتجهنا فى إتجاه القناة ، انتهى الكمين دون اشتباك مع طيران العدو الذى لم يحاول الاقتراب من القناة وقمنا بفك المحطات و تحميل الصواريخ و كان هذا عمل شاق لان قواعد الصواريخ هذه صممت لتبقى فى مكان ثابت لضخامتها وثقل معداتها و لكن كانت قيادتنا أيضا تدربنا على نقلها من مكان لآخر حتى لا يعلم العدو بمكان ثابت لها عن طريق وسائل استطلاعه فقد كنا فى حركة مستمرة
أول لقاء مع رفقاء السلاح
كان أول لقاء مع رفقاء السلاح . العريف "أبو الفتوح" (مأمور ضرائب) وحبه الشديد للنظافة و الترتيب وكان يعطينى علبة سجائره " البلمونت " التى كانت تصرف لنا مع طعام الصباح خلال أيام الحرب لأنه لا يدخن .
العريف "توفيق" (معهد صناعى) و شنبه الدوجلاس ومغامراته النسائية التى كان يقصها علينا وبيبته فى فمه يفوح منها دخان "الانفورا" ذو الرائحة الجذابة .
العريف "حمدى" (مهندس زراعى) و تحديه الدائم للنقيب "حمدى" و بيبته التي دائما فى فمه حتى عندما تكون مطفاءة و مهارته فى تتبع الأهداف على شاشات الرادار.
الرقيب "سعيد" وتنفيذه الأوامر بدقة والخوف الدائم من الوقوع فى الخطأ.
الرقيب"جرجس" وبشرتة البيضاء و شنبه الاشقر و هدوئه المميت وصداقتة الكبيرة لزكرية الرقيب أول"زكريا".
نقيب (يوزباشى) "حمدى" قائد المحطة ( مهندس مكلف) صارم و نادرا ما يبتسم و دفاعه الدائم عنا مع قائد الكتيبة للحصول على أفضل الامتيازات لنا.
و فى النهاية صديقى " فكرى"( دبلوم) عامل المولد الذى يمد المحطة بالكهرباء واعتناءه الشديد بنفسه ومظهره .
انتقال الكتيبة إلى مرسى مطروح
فى نهاية عام 1972 انتقلت الكتيبة الى" مرسى مطروح" وذلك للراحة لأنها منذ فترة طويلة على خط النار لكن لم يكن الحال افضل كانت هناك طلعات جويه كثيفة من طيراننا للتدريب فى مدينة "مرسى مطروح" كل يوم يصل عدد الطائرات فيها الى 36 طائرة فى المرة الواحدة .
عدة أيام حبس قشلاق
ذات مرة لم الاحق بعضا منهم لعلمى انهم طيارينا و كانت طائراتهم ترد بالايجاب على إشارات التعارف التى أبعث بها من المحطة و بعد فترة صمت أطول من المعتاد شعرالقائد أننى لا أتعامل مع هذه الأهداف و كان من نصيبى عدة أيام حبس قشلاق وتصادف ميعاد أجازتى ولم أحصل عليها و كان هذا درسا لى لا تهاون حتى مع طائراتنا .
رفع درجة الاستعداد "حالة أولى عمليات"
قبل بدء الحرب بعدة أيام شعرنا بأن شئ ما سيحدث فى القريب العاجل فقد صدر الامر برفع درجة الاستعداد إلى "حالة أولى عمليات" أى الحالة القصوى وهذا يعنى قتال واختفت طائرات التدريب من شاشات الرادار لنصبح مطلقى اليد وبدأنا نعد أنفسنا للرحيل الى الجبهة
سنقاتل .... سنقاتل .... الله أكبر
فى يوم السادس من أكتوبر إندلع القتال إنه يوم الثأر وتحرير الأرض و الذى كنا ننتظره بفارغ الصبر وبدأ جنود الكتيبة 14 ثائرين ... ماذا نفعل هنا ؟!! إن مكاننا هناك على الجبهة و اجتمع قائد الكتيبة بنا و قال نحن فى إنتظار الأوامر و فعلا وصل الأمر و كان سرورا عظيما سوف يكون لنا شرف الدفاع عن مصر و تحرير الارض و دخول التاريخ وبدأ الجنود يهتفون سنقاتل....سنقاتل... الله أكبر ... الله أكبر
التحرك إلى الجبهة
تم فك الكتيبة فى لمح البصر ووضعها على القطار المخصص لنا و المتجه إلى الجبهة و بدأ يطوى الطريق فى سرعة و كانت له الأولوية فقد كانت تقف جميع القطارات الأخرى لتفسح له الطريق وكان يتم تغيير القاطرة له بسرعة و وصل الى محطة "طنطا" على ما أذكر ليلا و كانت وجهتنا سرية ولم نكن نعلم من أى مكان سوف ندخل الجبهة ثم أتجه الى مدينة " المنصورة " و تم إنزال المعدات و علمنا أننا سوف نكمل الطريق بواسطة عرباتنا
الله معكم ... الله معكم
فى الصباح حدث اشتباك بين قواعد الصواريخ المحيطة بمدينة " المنصورة " و طائرات العدو وتم إسقاط عددا منها و فى المساء بدأ التحرك فى اتجاه " دمياط " و منها الى " بورسعيد ". لا أستطيع أن أنسى ابدا المصريين البسطاء من فلاحينا الذين خرجوا على طول الطريق من المنصورة حتى دمياط يقذفون لنا كل ما يملكون من حلوى و طعام حتى البصل و الفجل والجرجير والدعوات من كل فم الله معكم.. الله معكم... و نحن على عرباتنا "بشدة " القتال شعرت أن مصر كلها أسرة واحدة
إضافة تعليق جديد