....كان المكان خافتا ،لا شمس حارقة ولا برد قاتم،كان الليل رماديا بغيم ثقيل وزخات من عطر شذي،والشجر بحفيف مخيف والسنة تمر كمرور السبع سنابل الراكعة للسماء و جنود من النمل تزحف فوق السيقان المثقلة بحصاد الأرض المغتصبة،
سمع الصمت وقع حوافر الخيل فاهتزت البتلات من شدة الرجف واختبأ الورد بين البين ،بين الصمت وبين الصراخ.
صرخت ساكنات الخيمة وبترن الظفائر الطويلة ،
أخذ الحراس الجدائل وقدموها لراكبي الخيل كهدايا ،
عد الأعداء الجدائل وكانت تنقصها واحدة،
زمجر الأنذال واغتاضوا وألقوا بالقرابين للخيل تدوسها ،كانت ظفيرة واحدة فقط يهتمون لأمرها وقامت لها الحرب و قطعت لأجلها الرقاب ،كانت الجميلة الفاتنة التي مشطت شعرها بمشط من العاج و جدلت الخصلات بحروف شتتت لحن السماء ،كانت حروف متجمعة تختبئ مخلدة لا تطالها يد الأوغاد....
حملها الملثم خلفه على صهوة الأدهم والأصل عربي والدم نقي...أوصلها لبر الأمان لشاطئ شجر الرمان وعاد للغاب يقطع رقاب الأشرار بسيف من نسل الشرفاء.....
هربت الحاملة للحروف الطاهرة للقباب المقدسة وشقت البحر الميت ولبست ظل حائط البراق وتوشحت بنور قبة الصخرة ووصلت للمسجد الأقصى بجلباب الصبر والوقار وقفت وسط ساحات الحرم القدسي الشريف وصرخت صرخة النصر فدوى الفضاء وزخ الغيم غيثا على القدس،
والتأم جرح القلب النازف وتجمعت الحروف وولدت من الأمل والصرخة المدوية ....
كان المخاض عسيرا و من رحم الشرف ولدت "فلسطين"
إضافة تعليق جديد