بقلم عبير مدين
مثل أي ربة منزل اعددت طعام الإفطار كل شيء طبيعي، كل شيء روتيني أمسكت بيضة وبدأت في تقشيرها وكأني فجأة أزحت الستار عن ذكريات الطفولة هناك كنت في زيارة عمتي رحمها الله بالاسكندرية اجلس مع اولادها نتناول طعاما بعد أن ارهقنا اللعب وقرص الجوع بطوننا وضعت عمتي لنا طبقا من البيض المسلوق وبدأنا في تقشيره ونحن نتبادل الدعابات ونضحك قالت ابنة عمتي وكانت هي بمثابة القائد رغم أن الفارق العمري بيننا أشهر قليلة؛ نأكل الآن الذي لا نحبه ثم نأكل بالعيش الذي نحبه وبسرعه ابتلعت بياض البيضة وانا وابن عمتي فعلنا بالمثل ابتلعنا بياض البيض دون مضغه!
العجيب أنني انسقت خلف تصرفهم وقلدتهم دون أدنى تفكير! ولو كنت تمهلت قليلا وفكرت لوجدت أنني على العكس منهم كنت احب بياض البيض ولا احب صفاره حتى أنني غالبا كنت اتركه اذا قدم لي البيض مسلوقا!
قد يكون مجرد سلوك عادي يحدث بين الأطفال لذا فإن الأمهات عادة تحب أن يأكل الطفل مع مجموعة ليقبل على الطعام بشهية.
العجيب أنني منذ هذه الواقعة أصبحت احب صفار البيض ولا احب البياض!
كثير من القناعات التي ترسخت في أعماقنا، ومن احلامنا ومن قراراتنا ننساها ونحن ننساق وراء العقل الجمعي!
تجد أمنية أحدنا دراسة أو الالتحاق بوظيفة أو تحقيق حلم ما خاص به يتناسب مع ميوله لكنه بضغط، بتقليد، بلا وعي أو تفكير ينساق وراء رأي الأهل و العائلة وربما والجيران والمعارف وهنا قد تقع الكارثة على رأسه ويقع في فشل ذريع لانه لم يختار ما هو مقتنع به وقد تلعب الصدفة دورها وينجح في تحقيق حلم هؤلاء الآخرين وتقع الكارثة على المجتمع!
وهنا يشكل الأقلية الرأي الاقوى الذي انتصر على رأي الأغلبية!
فنجد مهندس فاشل، طبيب فاشل، نائب فاشل، سائق فاشل،... راح ضحيته بشر لا حصر لهم بل قد تنهار أمما وتسقط بسبب شخص انساق وراء آراء الآخرين ونسي قدرات نفسه وهنا يتبادر للذهن متى نأخذ برأي الأغلبية ومتى يصبح رأي هؤلاء الأغلبية خطرا وخطأ؟
ناخد برأي الأغلبية اذا كانوا متخصصين لديهم الحجة على هذا الرأي وهذا مطلوب لنجاح أي مجتمع لأننا لا نخطط لمستقبلنا فقط نحن نخطط لمستقبل البلد والمنطقة بل والعالم أجمع فكل واحد منا لبنه في بناء الوطن وكلما كان الوطن قويا كلما قاد الأمم وتسيدها
أما إذا كان رأي الأغلبية مجرد هوى أنفس وقعدة قهاوي فهنا يصبح الرأي الجمعي مجرد رهان ولعبة قمار وعلى الدنيا السلام.
إضافة تعليق جديد