رئيس مجلس الإدارة   
            د/ نبيلة سامى                   

                                               

          صحافة من أجل الوطن 

              (  مجلة مصر )

                             ( أحدث إصدارتنا)

الجمعة 18 أبريل 2025 4:53 ص توقيت القاهرة

مصر وفرنسا… تحالف يتجدد في زمن الأزمات

بقلمي د/ سماح عزازي

في توقيت بالغ الحساسية سياسيًا واقتصاديًا، جاءت زيارة الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون إلى القاهرة في 7 أبريل 2025، لتجسد فصلًا جديدًا من فصول الشراكة الاستراتيجية بين مصر وفرنسا، وتؤكد أن التحالفات المستندة إلى الثقة والرؤية المشتركة هي التي تصمد أمام أزمات الإقليم والعالم.

لم تكن الزيارة مجرد لقاء بروتوكولي، بل محطة محورية لإعادة تشكيل ملامح التعاون الاستراتيجي بين القاهرة وباريس. فوسط تصاعد التوترات في قطاع غزة، وتفاقم التحديات الاقتصادية العالمية، اختار ماكرون أن يوجه بوصلته شرقًا، نحو شريك يعرفه جيدًا: مصر.

شراكة استراتيجية واتفاقيات تنموية
في مستهل الزيارة، وقّع الرئيسان عبد الفتاح السيسي وإيمانويل ماكرون إعلانًا مشتركًا لرفع مستوى العلاقات إلى شراكة استراتيجية شاملة، تشمل مجالات الطاقة، النقل، الصحة، والمياه. وأعلنت الوكالة الفرنسية للتنمية عن تقديم حزمة دعم مالي تقدر بـ260 مليون يورو، تتضمن قروضًا ومنحًا مخصصة لمشروعات تنموية.

هذا الإعلان لم يكن مجرد التزام اقتصادي، بل تأكيد فرنسي على أن استقرار مصر هو استثمار طويل الأمد في أمن المنطقة ومصالح أوروبا الحيوية، خاصة في ظل الصراع الجيوسياسي المتجدد شرق المتوسط، وتذبذب السياسات الأمريكية.

جولات ميدانية تؤكد عمق الشراكة
في لفتة رمزية تؤكد أبعاد التعاون، اصطحب الرئيس السيسي نظيره الفرنسي في جولة تفقدية شملت مواقع محورية:

زيارة محطة مترو عدلي منصور المركزية  انها نموذج للتكامل بين وسائل النقل بدعم تقني وتمويلي فرنسي، وتُعد من الأكبر في الشرق الأوسط المحطة تربط بين المونوريل مترو الانفاق و والقطارات السريعة 

زيارة جامعة القاهرة شهدت الزيارة تفاعلا رمزيا مع الصرح الاكاديمي الاقدم في مصر حيث قام ماكرون بـ لقاءات مع الطلاب والأساتذة، وبحث توسيع التعاون الأكاديمي وتبادل البعثات العلمية.

زيارة القاهرة الفاطمية وزيارة معالمها الاثرية تراثية وثقافية لشارع المعز ومسجد الحاكم بأمر الله، دعمًا لجهود إحياء التراث الثقافي والتاريخي  المصري 

البُعد الإنساني ماكرون في العريش
أبرز رسائل الزيارة كانت إنسانية بامتياز، حين زار الرئيس الفرنسي مدينة العريش مستشفى العريش العام للاطلاع على أوضاع المصابين القادمين من غـ، زة، وتقدير الجهود المصرية في تقديم الرعاية الطبية.

المركز اللوجستي لمتابعة سير المساعدات الإنسانية إلى القطاع، مع إعلان ماكرون عن دعم فرنسي إضافي.

ملفات ساخنة على طاولة المباحثات
شكلت التطورات الإقليمية صلب المحادثات الموسعة بين الرئيسين، وكان أبرزها:

الأزمة في غـ، زة دعوة مشتركة لوقف فوري لإطلاق النار وفتح الممرات الإنسانية. دعم واضح للمبادرة المصرية للتهدئة، في ظل توافق باريس والقاهرة على مرجعية حل الدولتين.

مكالمة رباعية دولية ضمت السيسي، ماكرون، العاهل الأردني، والرئيس الأمريكي، لتنسيق الجهود تجاه التهدئة.

ليبيا والسودان تأكيد على دعم الحلول السياسية، وتكثيف إيصال المساعدات الإنسانية.

الأمن الإقليمي اتفاق على تعزيز التعاون الاستخباراتي في مواجهة الإرهاب، خاصة في منطقة الساحل.

تحالف لا يقوم على التبعية
مصر، كما أثبتت هذه الزيارة، لا تطرق الأبواب طلبًا للدعم، بل تفتحها بثقة الشريك الفاعل. وماكرون لم يأت إلى القاهرة لفرض أجندات، بل ليؤكد التزام باريس بالعمل مع مصر على أساس من الاحترام المتبادل والمصالح المشتركة.

العلاقات المصرية الفرنسية لم تعد مجرد تعاون، بل تحولت إلى تحالف بنّاء يتخطى المعادلات التقليدية، ويُبنى على مواقف موحدة في القضايا الكبرى.

ختامًا… إعلان نوايا جديدة
زيارة ماكرون إلى القاهرة تمثل إعلان نوايا لمرحلة جديدة من العلاقات، تتجاوز الدعم المالي إلى شراكة استراتيجية متعددة الأبعاد. وإذا ما أُحسن استثمار هذه اللحظة، فقد تكون بوابة عبور لمصر نحو آفاق أوسع من الحضور الدبلوماسي والنمو الاقتصادي والتأثير الإقليمي، في زمن يبحث فيه العالم عن شركاء لا عن وكلاء.

تصنيف المقال : 

إضافة تعليق جديد

CAPTCHA
This question is for testing whether or not you are a human visitor and to prevent automated spam submissions.