الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده نبينا محمد وعلى آله وصحبه، فإن أصدق الحديث كتاب الله، وأحسن الهدي هدي محمد صلى الله عليه وسلم، وشر الأمور محدثاتها، وكل محدثة بدعة، وكل بدعة ضلالة، وكل ضلالة في النار، ثم أما بعد ذكرت كتب الفقه الإسلامي الكثير عن أمهات المؤمنين رضي الله عنهن ومن ضمنهم أم المؤمنين السيدة عائشة بنت أبي بكر الصديق رضي الله عنهما، وإنه ينبغي ألا تدخر وسعا في نصرة أم المؤمنين السيدة عائشة رضي الله عنها والدفاع عن عرض نبيك حتى إذا لقيت الله تعالي تقول يارب قد بذلت كل ما يمكن من الجهد ولم أترك شيئا إلا فعلته لأن الله تعالي سائلك لا محالة عن هذا الأمر فأعد الجواب من الآن، ولو جلست مع نفسك قليلا وفكرت في الأمر لتفتق ذهنك عن وسائل أخرى كثيرة غير ماذكرنا.
فقد بدأ السباق لنصرة ربنا وديننا ونبينا وأمهاتنا فلا ترضي بغير المقدمة وأري الله تعالي من نفسك خيرا، ويالخسارتك إن لم تكن في حلبة السباق أو كنت آخر المتسابقين، فأم المؤمنين السيدة عائشة رضي الله عنها منصورة ومبرأة بنا أو بغيرنا ونحن إن لم ننصرها ونبرأها فنحن الخاسرون لاهي، والله يقدّر أمثال هذه الأمور لتكون فرصة لمن أراد أن يثبت لله تعالي معدنه النفيسة وحبه له وحرصه على مرضاته، فمن تعامل معها وفق مراد ربه الحكيم العليم، كان ما فعله معراجا للقرب وجنات النعيم، ومن لم يعبأ بها ولم تحرك فيه ساكنا ربما كان تفاعله العقيم سببا في أن يصلى نار الإبعاد وعذاب الجحيم، والمحن والأزمات تمحّص الناس وتظهر الملكات والعورات، فمن ستكون؟ وماذا ستظهر منك هذه الأزمة؟ ودعني أسألك سؤالا قبل الرحيل؟
لو أن كل المسلمين على وجه الأرض ماتوا فلم يبقي إلا أنت، فهل لديك القدرة على الحفاظ على الإسلام وصيانته من الضياع في مواجهة كل من يتربصون بالدين الدوائر؟ وهل ستستطيع الدفاع عن الإسلام وعن القرآن وعن النبي صلي الله عليه وسلم وزوجاته وصحابته؟ وهل ستكون نموذجا عمليا رائعا يمثل الإسلام ويحبب الناس فيه أم ستصدهم عنه؟ فالدين ليس قضيتي وحدي إنما هو قضيتك أنت أيضا، فكل مسلم مسؤول عن الدين وسيحاسب على نصرته، وكل مسلمة مسؤؤلة عن الدين وستحاسب على نصرته، فلا تلقي بالتبعة على أحد وتحمله المسؤولية فلن يحمل عنك أحد العذاب يوم القيامة، فأفيقوا من سباتكم واستيقظوا من غفلتكم واعلموا ماذا يراد بكم؟ وتذكروا لماذا خلقكم الله؟ وارتفعوا فوق همومكم السفلية، واسموا فوق شهواتكم ونزواتكم وانشغلوا بما خلقتم لأجله من المقاصد العلية.
فعذرا رباه غفرانك فما بذلته لنصرة دينك ونبيك وأمهات المؤمنين أدنى بلا شك مما ينبغي أن يكون، وعذرا يا رسول الله فلكم تمنيت أن أقدم أكثر من ذلك لكن هذا ماوسعني فعله، سامحني، وعذرا أماه سامحيني فلكم قصرت ما وفيتك حقك ولايليق عملي بعظمتك وقدرك لوكان الأمر بيدي لفعلت أكثر من ذلك، فلا تحزني فإنهم لوعرفوك لعظموكي وما انتقصوكي، ولا تحزني فأمثالهم لا يستأهلون دمعاتك الطاهرة، ولا تحزني فليسوا بأبنائك، ولا يستأهلون شرف الإنتساب إليكي، ولا تحزني فإن عرضك مصان وشرفك محفوظ ولازال أبناؤك من أهل السنة يحبونك ويعظمونك ويغارون لأجلك وإن فرطوا في حقك أو قصروا في برك، لكن لعل ماحدث يكون دافعا لهم للقيام بواجبهم نحوك وللإفاقة من غفلتهم عن دينهم.
إضافة تعليق جديد