بقلم / محمـــد الدكـــروري
الحمد لله الرحيم الرحمن، علم القرآن خلق الإنسان علمه البيان، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له أنزل القرآن هدى للناس وبينات من الهدي والفرقان، وأشهد أن سيدنا ونبينا محمدا عبده ورسوله سيد ولد عدنان، صلى عليه الله وملائكته والمؤمنون، وعلى آله وأزواجه وخلفائه وجميع أصحابه ومن تبعهم بإحسان ثم أما بعد، يا أيها المؤمنون إن نكران الجميل سبب العقوبة وزوال النعم، حيث قال الأصمعي رحمه الله سمعت أعرابيا يقول " أسرع الذنوب عقوبة كفر المعروف" وقد جاءت السنة بالدلالة على ذلك فقد جاء في الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال " إن ثلاثة في بني إسرائيل أبرص وأقرع وأعمى، فأراد الله أن يبتليهم، فبعث إليهم ملكا، فأتى الأبرص فقال أي شيء أحب إليك؟ قال لون حسن وجلد حسن ويذهب عني الذي قد قذرني الناس،
قال فمسحه فذهب عنه قذره، وأعطي لونا حسنا وجلدا حسنا، قال فأي المال أحب إليك؟ قال الإبل، قال فأعطي ناقة عشراء، فقال بارك الله لك فيها، قال فأتى الأقرع، فقال أي شيء أحب إليك؟ قال شعر حسن ويذهب عني هذا الذي قد قذرني الناس، قال فمسحه فذهب عنه وأعطي شعرا حسنا، قال فأي المال أحب إليك؟ قال البقر، فأعطي بقرة حاملا، قال بارك الله لك فيها، قال فأتى الأعمى فقال أي شيء أحب إليك؟ قال أن يرد الله إليّ بصري فأبصر به الناس، قال فمسحه فرد الله إليه بصره، قال فأي المال أحب إليك؟ قال الغنم، فأعطي شاة والدا فأنتج هذان وولد هذا، قال فكان لهذا وادي من الإبل، ولهذا وادي من البقر، ولهذا وادي من الغنم، قال ثم إنه أتى الأبرص في صورته وهيئته، فقال رجل مسكين قد إنقطعت بي الحبال في سفري، فلا بلاغ لي اليوم إلا بالله ثم بك،
أسألك بالذي أعطاك اللون الحسن والجلد الحسن والمال بعيرا أتبلغ عليه في سفري، فقال الحقوق كثيرة، فقال له كأني أعرفك، ألم تكن أبرص يقذرك الناس؟ فقيرا فأعطاك الله مالا؟ فقال إنما ورثت هذا المال كابرا عن كابر، فقال إن كنت كاذبا فصيرك الله إلى ما كنت، قال وأتى الأقرع في صورته فقال له مثل ما قال لهذا، ورد عليه مثل ما رد على هذا، فقال إن كنت كاذبا فصيرك الله إلى ما كنت، قال وأتى الأعمى في صورته وهيئته، فقال رجل مسكين وابن سبيل إنقطعت بي الحبال في سفري، فلا بلاغ لي اليوم إلا بالله ثم بك، أسألك بالذي رد عليك بصرك شاة أتبلغ بها في سفري، فقال قد كنت أعمى فردّ الله إليّ بصري، فخذ ما شئت ودع ما شئت، فو الله لا أجهدك اليوم شيئا أخذته لله، فقال أمسك مالك فإنما ابتليتم، فقد رضي عنك وسخط على صاحبيك"
ففي هذا الحديث أنكر كل من الأبرص والأقرع نعمة الله تعالى، وجحدوا إحسانه عليهم، وزعموا أنه من كدهم وكد آبائهم، وهذا من أقبح ما يكون عليه الإنسان كما قال عن قارون " قال إنما أوتيته علي علم عندي " فعاقبه الله تعالى عقوبة كبيرة فخسف به وبداره الأرض، إن من أعظم الناس في حفظ المعروف وعدم إنكاره وجحوده هو رسول البشرية وهادي الإنسانية محمد بن عبد الله صلى الله عليه وسلم، فمن ذلك هو حفظه ورعايته لمعروف نسائه، فقد حفظ لهن المعروف بعد وفاتهن فمن ذلك حفظ لمعروف زوجته الأولى خديجة بعد وفاتها فعن السيدة عائشة رضي الله عنها قالت "ما غرت على أحد من نساء النبي صلى الله عليه وسلم ما غرت على خديجة، وما رأيتها، ولكن كان النبي صلى الله عليه وسلم يكثر ذكرها، وربما ذبح الشاة ثم يقطعها أعضاء ثم يبعثها في صدائق خديجة، فربما قلت له كأنه لم يكن في الدنيا امرأة إلا خديجة فيقول صلى الله عليه وسلم " إنها كانت وكانت، وكان لي منها ولد"
إضافة تعليق جديد