بقلم / محمـــد الدكـــروري
اليوم : الثلاثاء الموافق 23 يناير 2024
الحمد لله رب العالمين، وأشهد ألا إله إلا الله، الملك، الحق المبين، وأشهد أن نبينا محمدا رسول الله صلي الله عليه وسلم وعلى آله، وصحبه، أجمعين، أما بعد لما سار رسول الله صلي الله عليه وسلم لقتال بني المصطلق وفرغ منهم، ازدحم رجلان من المسلمين على الماء واختلفا فاقتتلا، وكان أحد الرجلين من المهاجرين والآخر من الأنصار فصرخ المهاجر يا معشر المهاجرين وصرخ صاحبه يا معشر الأنصار، عند ذلك قال عبد الله بن أبي بن سلول رأس المنافقين بالمدينة لمن حوله لقد كاثرنا المهاجرون في ديارنا والله ما أمرنا وإياهم إلا كما قال الأول سمّن كلبك يأكلك، أما والله إن رجعنا إلى المدينة ليخرجن الأعز منها الأذل، وبلغت هذه المقالة رسول الله صلي الله عليه وسلم وعنده عمر بن الخطاب رضي الله عنه فهاج هائج عمر.
فقال يا رسول الله، مر به عباد بن بشر فليقتله، وأجابه رسول الله صلي الله عليه وسلم فكيف يا عمر إذا تحدث الناس أن محمدا يقتل أصحابه وأمر أن يؤذن بالرحيل في ساعة لم يكن المسلمون يرتحلون فيها، وذهب ابن أبي إلى رسول الله صلي الله عليه وسلم ينكر ما قال، فنزل الوحي بتكذيبه، عند ذلك ذهب عبد الله بن عبد الله بن أبي، وكان مسلما حسن الإسلام، فقال "يا رسول الله إنه قد بلغني أنك تريد قتل عبد الله بن أبي، فإن كنت فاعلا فمرني به فأنا أحمل إليك رأسه، فوالله لقد علمت الخزرج ما كان بها من رجل أبر بوالده مني، وإني لأخشى أن تأمر به غيري فيقتله، فلا تدعني نفسي أنظر إلى قاتل أبي يمشي في الناس فأقتله، فأقتل رجلا مؤمنا بكافر فأدخل النار" وأجابه رسول الله صلي الله عليه وسلم "إنا لا نقتله بل نترفق به ونحسن صحبته ما بقي معنا"
وأقام ابن أبي بعد ذلك ينظر إليه أهل المدينة شزرا ولا يقيمون له وزنا، وتذاكر النبي صلي الله عليه وسلم يوما شئون المسلمين مع عمر، وتناول الحديث ذكر ابن أبي وتعنيف قومه إياه، فقال رسول الله صلي الله عليه وسلم "كيف ترى يا عمر؟ أما والله لو قتلته يوم قلت لي أقتله لأرعدت له آنف لو أمرتها اليوم بقتله لقتلته" قال عمر قد والله علمت لأمر رسول الله صلي الله عليه وسلم أعظم بركة من أمري" ولما مات عبد الله بن أبي همّ النبي صلي الله عليه وسلم بالصلاة عليه، فقام عمر رضي الله عنه يذكر كيد الرجل للإسلام ونكايته به، ويذكر قوله تعالى " استغفر لهم أو لا تستغفر لهم إن تستغفر لهم سبعين مرة فلن يغفر الله لهم " وابتسم النبي صلي الله عليه وسلم لحماسته في الطعن على رجل مات.
وقال "لو أعلم أني إن زدت على السبعين غُفر له زدت" وصلى عليه ومشى معه حتى فرغ من دفنه، وقد نزل بعد ذلك قوله تعالى " ولا تصلي علي أحد منهم مات ولا تقم علي قبرة " فاللهم إنا نعوذ بك من زوال نعمتك، وتحوّل عافيتك، وفجاءة نقمتك، وجميع سخطك، اللهم أعنا على ذكرك وشكرك وحسن عبادتك، اللهم صل على محمد، وعلى آل محمد، كما صليت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم إنك حميد مجيد، اللهم بارك على محمد وعلى آل محمد، كما باركت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم إنك حميد مجيد، وارض اللهم عن الخلفاء الراشدين أبي بكر وعمر وعثمان وعلي، وعن سائر الصحابة والتابعين ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين، وعنا معهم بعفوك وكرمك وجودك يا أرحم الراحمين.
إضافة تعليق جديد