رئيس مجلس الإدارة   
            د/ نبيلة سامى                   

                                               

          صحافة من أجل الوطن 

              (  مجلة مصر )

                             ( أحدث إصدارتنا)

الخميس 2 يناير 2025 5:23 م توقيت القاهرة

اليقين بحسن الجزاء عند الله تعالى.. بقلم / محمـــد الدكـــروري

اليوم : الاثنين الموافق 30 ديسمبر 2024
الحمد لله رب العالمين الرحمن الرحيم، مالك يوم الدين، أحمدك اللهم حمدا ملء السماوات وملء الأرض، وملء ما شئت من شيء، وأشكرك وأستغفرك، وأشهد أنك أنت الله وحدك لا شريك لك، ولا حول ولا قوة إلا بك، بك نحول، وبك نصول، وبك نقاتل، وأشهد أن سيدنا ونبينا محمدا عبدك ورسولك الذي جاهد في الله حق جهاده، جاهد بسيفه ولسانه وسنانه، صلوات الله وسلامه عليه، وعلى آله وأصحابه وأتباعه أما بعد، لا شك أن هناك الكثير من الآيات المباركات في كتاب الله تعالى أفادت صراحة أو بالدلالة على التيسير ورفع الحرج وسماحة هذه الشريعة، ومنها قوله تعالى " يريد الله بكم اليسر ولا يريد بكم العسر " وقال الشيخ السعدي رحمه الله في تفسيرها أي يريد الله تعالى أن ييسر عليكم الطرق الموصلة إلى رضوانه أعظم تيسير، ويسهلها أشد تسهيل.
ولهذا كان جميع ما أمر الله به عباده في غاية السهولة في أصله، وإذا حصلت بعض العوارض الموجبة لثقله، سهّله تسهيلا آخر، إما بإسقاطه، أو تخفيفه بأنواع التخفيفات، وهذه جملة لا يمكن تفصيلها، لأن تفاصيلها، جميع الشرعيات، ويدخل فيها جميع الرخص والتخفيفات، وإن من الأسباب المعينة على الصبر هو اليقين بحسن الجزاء عند الله تعالى، حيث أن مما يرغب الإنسان في العمل، ويزيده ثباتا فيه هو علمه بحسن جزائه في الآخرة ولا نجد في القرآن شيئا ضخم جزاؤه وعظم أجره مثل الصبر فيقول نعم أجر العاملين الذين صبروا وعلى ربهم يتوكلون ويقول مبينا أن الصابرين يجزون بأحسن ماعملوا فقال تعالي " ما عندكم ينفد وما عند الله باق، ولنجزين الذين صبروا أجرهم بأحسن ما كانوا يعملون" ويصرح بأن أجرهم غير معدود ولا محدود.
فيقول تعالي " إنما يوفى الصابرون أجرهم بغير حساب" وقد ذكّر المؤمنون بهذه الحقيقة في الكلمة التي أمروا أن يقولوها عند حلول المصائب "إنا لله وإنا إليه راجعون" فيتذكرون أنهم سيرجعون إلى الله تعالي فيجزيهم على عملهم وصبرهم أحسن الجزاء وأوفاه، ويقول أبو طالب المكي "وأصل قلة الصبر هو ضعف اليقين بحسن جزاء من صبرت له، لأنه لو قوي يقينه، كان الآجل من الوعد عاجلا إذا كان الواعد صادقا، فيحسن صبره لقوة الثقة بالعطاء" وكما أن من الأسباب المعينة على الصبر هو الثقة بحصول الفرج حيث أن يقين العبد بأن النصر مقرون بالصبر وأن الفرج آت بعد الكرب وأن مع العسر يسرا يقويه على الصبر على ما يلاقيه، وقد كثرت الآيات الدالة على هذا المعنى لما له من أثر في مزيد التحمل والثبات.
فقال تعالى "فإن مع العسر يسرا، إن مع العسر يسرا" وقال بعض السلف الصالح "لن يغلب عسر يسرين" ويقصد بذلك أن العسر ورد معرفة في الموضعين والمعرفة إذا كررت في الجملة لا تفيد التعدد بخلاف النكرة وهي التي ورد به اليسر في الموضعين، فإذا قلت جاء الرجل وأكرمت الرجل، كان الرجل في المواطنين واحدا وإذا قلت جاء رجل وأكرمت رجلا، كان المقصود رجلين، وقد جعل العسر في الآيتين مع العسر لا بعده أو عقبه لينبه إلى قرب تحققه بعده حتى كأنه معه ولينبه أيضا إلى أن كل عسر مقرون بيسر وأكثر فما من مصيبة يبتلى بها عبد إلا ولله فيه إلطاف بأن لم يجعلها على نحو أعظم أو أكبر أو أطول مما هي عليه، وقد تكرر في القرآن الكريم الأمر بالصبر مقرونا بالتذكير بأن وعد الله تعالي حق لا يتخلف أبدا حيث قال تعالى " وعد الله لا يخلف الله الميعاد"

تصنيف المقال : 

إضافة تعليق جديد

CAPTCHA
This question is for testing whether or not you are a human visitor and to prevent automated spam submissions.