بقلم / محمـــد الدكـــروري
الحمد لله رب العالمين وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له ولي الصالحين وناصر عباد المؤمنين وأشهد أن محمدا عبده ورسوله بذل حياته جهادا ونصرة حتى أتاه النصر المبين صلى الله وسلم عليه وعلى آله وأصحابه التابعين ومن تبعه بإحسان إلى يوم الدين أما بعد ذكرت المصادر الإسلامية وكتب الفقه الإسلامي الكثير عن أضرار ومخاطر الرشوة علي الفرد والمجتمع، إن حقيقة الرشوة يا عباد الله هو كل ما يدفعه المرء لمن تولى عملا من أعمال المسلمين ليتوصل به إلى ما لا يحل له، وهي تأتي على صور كثيرة، من أعظمها ما يعطى لإبطال حق، أو إحقاق باطل، أو لظلم أحد من الناس، ومن صورها دفع المال في مقابل قضاء مصلحة يجب على المسؤول عنها قضاؤها بدون هذا المقابل، ومن صورها أيضا من دفع الرشوة ليعطى ما ليس له.
أو ليدفع حقا قد لزمه، أوليفضّل أو يقدّم على غيره من المستحقين، والرشوة في الإسلام محرمة بأي صورة كانت، وبأي اسم سمّيت، سواء سميت هدية أو مكافأة، فالأسماء لا تغيّر من الحقائق شيئا، فقد نهت الشريعة عن إستغلال المناصب للمصالح الشخصية، أو أخذ الهدايا عليها، وقد وبخ النبي صلي الله عليه وسلم من يستغل منصبه وعمله في استجلاب منافعه الخاصة، وفي الحديث الشريف دليل على أن هدايا العمال والولاة والقضاة سحت، لأنه إنما يهدى إلى العامل ليغمض له في بعض ما يجب عليه أداؤه، ويبخس بحق المساكين، ويهدى إلى القاضي ليميل إليه في الحكم، أو لا يؤمن من أن تحمله الهدية عليه، وقال النووي وفي هذا الحديث الشريف بيان أن هدايا العمال حرام وغلول لأنه خان في ولايته وأمانته، وقال رسول الله صلي الله عليه وسلم.
" هدايا العمال غلول " رواه أحمد، فهدايا العمال حرام لأنها طريق يوصل إلى تضييع الأمانة بمحاباة المهدي لأجل هديته، ويعظم جرم الرشوة إذا كانت لتعطيل حد من حدود الله، قال ابن تيمية رحمه الله " ولا يجوز أن يؤخذ من الزاني أو السارق أو الشارب أو قاطع الطريق ونحوهم مال تعطل به الحدود لا لبيت المال ولا لغيره، وهذا المال المأخوذ لتعطيل الحد سحت خبيث، وإذا فعل ولي الأمر ذلك فقد جمع بين فسادين عظيمين أحدهما تعطيل الحد، والثاني أكل السحت، وترك الواجب وفعل المحرم" ومن مظاهر الفساد هو دفع الرشوة لغرض تزوير الشهادات والتقارير في التعليم والتدريب والتوظيف، ومما يعطل المصالح ويضر بالأرواح الرشوة في تزوير شهادات ومناقصات البناء والمقاولات والرقابة على الدواء والغذاء وغيرها من مصالح البلاد والعباد.
وصور الرشوة كثيرة، وتختلف من بلد إلى آخر، ومن مصر إلى مصر، فاتقوا الله أيها المسلمون وإستجيبوا لنداء ربكم، وأطيعوا أمره وإجتنبوا نهيه، وإحذروا أسباب غضبه، تسعدوا في الدنيا والآخرة، فاتقوا الله عباد الله حق التقوى، واعلموا أن جريمة الرشوة من أخطر جرائم الفساد التي تعود سلبا على الفرد والمجتمع لما ينتج عنها من تعطل المصالح، وفساد الأخلاق، وإسقاط الحقوق، فالواجب محاربتها، والإبلاغ عن مرتكبيها، بالطرق المتاحة، وبذل النصح والتواصي بالحق، وإلا أخذ العامة بذنب الخاصة قالت السيدة زينب رضي الله عنها " يا رسول الله أنهلك وفينا الصالحون؟ قال نعم إذا كثر الخبث " متفق عليه، فاتقوا الله عباد الله واحرصوا على الكسب الحلال، وقد ذكر النبي صلي الله عليه وسلم الرجل " يطيل السفر أشعث أغبر يمد يديه إلى السماء يا رب يا رب، ومطعمه حرام، ومشربه حرام، وملبسه حرام، وغذي بالحرام، فأنى يستجاب لذلك " رواه مسلم.
إضافة تعليق جديد