الحمد لله المحمود بجميع المحامد تعظيما وثناء، المتصف بصفات الكمال عزة وكبرياء، الحمد لله الواحد بلا شريك القوي بلا نصير، العزيز بلا ظهير الذي رفع منازل الشهداء في دار البقاء وحث عباده على البذل والفداء، أحمده سبحانه حمدا يليق بجلال وجهه وعظيم سلطانه، فهو الأول والآخر والظاهر والباطن ليس كمثله شيء وهو السميع البصير، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمدا عبده ورسوله، صلى الله عليه وعلى آله وصحبه الأئمة الكرام النجباء وسلم تسليما كثيرا، ثم أما بعد إن الوطن هو العطاء الذي لا ينضب، والحب الحقيقي الذي لا ينتهي، فالوطن هو الحبيب الذي يسكن القلب، وحب الوطن فخر وإعتزاز لنا، وسندافع عنك بكل ما أوتيتنا من قوة، فإذا أصابك مكروه، سندافع عنك ونحميك بكل قوة، كأننا ندافع عن أنفسنا.
فماذا لي أن أكتب أو أقول في حقك يا وطني العظيم، أو من أين يمكنني البدء بكلامي؟ فلا يوجد ما يصفك بصدق، وكل كلمات العرفان والشكر والوفاء والحب لا توفيك حقك فحبك جزء من إيماني، وكلما إزداد إيماني كلما إزداد حبي لوطني، فعلينا جميعا تقديس تراب الوطن، والمحافظة على إستقراره وأمنه، وإحترام كل شيء فيه، فحبك يا وطني ليس إدعاءات فارغة وشعارات رنانة أو عملا ثقيلا، واعلموا إن وحدة أبناء الوطن هي أساس حمايته من الفتن والشرور، كما تزيد الوحدة من الترابط بين أبناء الوطن الذي من شأنه أن يقضي على المشاكل الداخلية وتبعاتها الخطيرة التي تعاني منها المجتمعات المتفرقة، بالإضافة إلى أن الوحدة الوطنية هي أساس النهوض بالوطن وتحقيق التنمية في مختلف قطاعاته للوصول إلى مستقبل مشرق للوطن وأبنائه.
ولا بد أن نسعى للحفاظ على ترابط النسيج الوطني من خلال تعزيز دور الأسرة في تنمية الفرد وغرس ثقافة الانتماء للوطن في نفسه، وتفعيل دور الإعلام لما له من القدرة على التأثير في الناس وتنمية روح حب الوطن والانتماء له في نفوس أبنائهم، بالإضافة إلى الدور المهم للتعليم في تنشئة الأجيال على حب الوطن والسعي للحفاظ على تماسكه ووحدته الوطنية، ويجب أن يمتلك أبناء الوطن الوعي الكافي والمسؤولية التي تحميهم من الجماعات التي تخطط لتدمير الوطن وزعزعة أمنه وإستقراره، فالأعداء المتربصون بالوطن والطامعون بخيراته كثيرون، ولا يملون من وضع الخطط التخريبية التي تهدف إلى خرق النسيج الوطني، ولنا في العديد من الدول العربية والإسلامية التي إستسلمت للفتن والتفرق عبرة، فلم تجنِ هذه الدول من الإنجرار إلى الفتن.
إلا التفرق الذي فتت مجتمعاتهم وقضى على أمنها وإستقرارها، فأصبحت أوطانهم ساحات حرب تراق فيها الدماء وتنتهك الأعراض، كما أصبحت خيرات أوطانهم متاحة للأعداء ينهبونها ويحرمون أبناءها منها، فأصبحت بلادهم بعد أن كانت آمنة مستقرة موطنا للحرب والفقر لا يعرف أبناءها فيها إلى الخوف والجوع بعد أن كانوا آمنين مطمئنين، فحب الوطن فطرة في داخل الإنسان، ينبض به قلبه، ويجري به دمه، ولو كان الوطن كثبان رمل بصحراء، أو تعرض فيه للأذى والبلاء، وإن غادر الإنسان وطنه لضرورة يبقى الشوق والحنين إليه ساكنا في نفسه ووجدانه، فإنه المكان الذي وُلد وتربى ونشأ فيه، فالوطن فيه ذكريات لا تنسى، فيه الأبناء والآباء والأجداد، والأهل والأحباب والأصحاب .
إضافة تعليق جديد