رئيس مجلس الإدارة   
            د/ نبيلة سامى                   

                                               

          صحافة من أجل الوطن 

              (  مجلة مصر )

                             ( أحدث إصدارتنا)

الخميس 2 أكتوبر 2025 7:24 م توقيت القاهرة

الحارث بن عباد يقاتل الزير سالم

بقلم / محمـــد الدكـــروري
الحمد لله الذي كان بعباده خبيرا بصيرا، وتبارك الذي جعل في السماء بروجا وجعل فيها سراجا وقمرا منيرا، وهو الذي جعل الليل والنهار خلفة لمن أراد أن يذكر أو أراد شكورا، وتبارك الذي نزل الفرقان على عبده ليكون للعالمين نذيرا، ثم أما بعد ذكرت المصادر التاريخية الكثير عن حرب البسوس التي دارت رحاها في شبه جزيرة العرب منذ أكثر من ألف وخمسمائة عام، وقيل أن رجال  الزير سالم وهو أخو كليب بن ربيعه ملك قبيلة تبع، أخذوا بجير بن الحارث بن عباد وقيدوه وأخذوه إلي الزير سالم، وقد جاء الخبر إلى أبيه فقال إن قتلوا بجيرا، فنعم القتيل من أصلح بين ابني وائل لتنتهي هذه الحرب، إلا أن رأسه جاءت إلى أبيه، ومعها من يخبره أن ولده قتل بشسع نعل كليب أي "رباط حذائه" لتتحول هذه القصة إلى ذروتها لتكتب نهاية لهذا الصراع الدموي. 

الذي إستمر لعقود طويلة، ولكن ثار الحارث بن عباد، في مواجهة ظلم الزير سالم، الذي قتل ولده الوحيد دون ذنب، وأنشد قصيدته الشهيرة " قربا مربط النعامة مني" وتوعد "تغلب" بحرب ضروس، فجاء يوم اطلقوا عليه " تحلاق اللمم" فأمر قومه أن يحلقوا شعرهم، حتى يميزهم عن غيرهم، حتى إذا ما وجدوا من هم دون ذلك قتلوه، وبالفعل كانت معركة فاصلة، ومنيت فيها تغلب بخسائر كبيرة، حتى فر رجالها، وانقسم الجميع حول الزير سالم، الذي فر في الصحاري، دون أن يعرف أحد حقيقة نهايته، التي تعددت فيها الروايات والأقاويل، والإختلاف الجوهري بين كليب بن ربيعة وأخيه الزير سالم، وبين والحارث بن عباد، هو أن حروب الإنتقام والبحث عن الزعامة والسيطرة وإن إنتصرت لن تستمر طويلا، على عكس الحروب التي ينتفض أصحابها لدفع الظلم أو حماية الناس. 

وحقن الدماء، فقد إنتصر الحارث، وأنهى حربه لحقن الدماء وإعلاء لقيمة الصفح والتسامح، رغم أنه كان في موقف القوة ويرفع سيف المنتصر، لكنه نأى بقومه عن الدخول في صراعات ومهالك لم يعد لها داعي أو هدف، بعدما تحقق النصر، بينما خسر الزير سالم، رغم التفاف العرب في البداية حوله، إلا أنهم إنفضوا بعدما صارت قتلا لمجرد القتل، وحربا لمجرد الحرب، فما وجدوا إلا أنهم يلقون بأيدهم إلى التهلكة، وينصارون طاغية جبار، بات مريضا بالثأر لأخيه، وأسرف في ظلمه وقتله الأبرياء، وأخيرا لم يكن مقتل الناقة إلا جزء من دراما حرب البسوس، حتى وإن كانت الناقة تشغل كثيرا إهتمام القبائل العربية في ذلك الوقت، لكنها حرب سياسية بإمتياز حول القوة والزعامة بين أبناء عرب الشمال، وصراع أبناء العمومة المكتوم لسنوات، رغم أجواء المحبة المزيفة. 

والود الروتيني المصطنع، الذي سقط كله أمام كلمات قالتها "الجليلة" وهي زوجة كليب، وشقيقة همام وجساس بن مرة، عندما سألها زوجها، أهناك في العرب من هو أشجع مني؟ فقالت أخي جساس، فعلي الرغم من أن هذه العبارة ليست أكثر من مكايدة نسائية، وحديث الدلال في فراش الزوجية، إلا أن كليبا أسرها في نفسه وإشتعل غضبا، حتى صارت الأمور إلى ما صارت إليه.

تصنيف المقال : 

إضافة تعليق جديد

CAPTCHA
This question is for testing whether or not you are a human visitor and to prevent automated spam submissions.
10 + 3 =
Solve this simple math problem and enter the result. E.g. for 1+3, enter 4.