بقلم / محمـــد الدكـــروري
الحمد لله أهل التقوى والمغفرة يحب القلوب الشاكرة والألسنة الذاكرة وهو ربنا الكريم وإلهنا الرحيم، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له الملك الحق المبين، يذكر من ذكره ويمنحه رضاه، ويجيب المضطر إذا دعاه، وأشهد أن سيدنا محمد عبد الله ورسوله وصفيه من خلقه وحبيبه، رحمة الله للعالمين وأول الغر المحجلين، اللهم صلي وسلم وبارك عليه وعلى آله وصحبه أجمعين أما بعد من رحمة الله سبحانه وتعالى علي البشر أنه جعل الماء على كيفية وهيئة تمكن من الإنتفاع به على الوجه الأكمل، فينزل المطر من السماء، فيغسل به الأرض ويطهرها، وينقي الهواء من الدخان والغبار والتلوث، فتتجدد الأرض، وتصفو السماء ويطيب الهواء، وقال الإمام ابن القيم رحمه الله ثم تأمل الحكمة البالغة في نزول المطر على الأرض من علو، ليعمّ بسقيه وهادها وتلولها وظرابها وآكامها.
ومنخفضها ومرتفعها، ولو كان ربها تعالى إنما يسقيها من ناحية من نواحيها لما أتى الماء على الناحية المرتفعة إلا إذا إجتمع في السفلى وكثر، وفي ذلك فساد، فإقتضت حكمته تعالي أن سقاها من فوقها، فينشئ سبحانه السحاب وهي لري الأرض، ثم يرسل الرياح فتحمل الماء من البحر وتلقحها به كما يلقح الفحل الأنثى، ومن حكمته سبحانه وتعالي في خلق الماء أن منه ما يجري على وجه الأرض كالأنهار، ومنه ما هو مستقر فوق ظهرها كالبحار، ومنه ما يستقر في باطن الأرض كمياه الآبار، ومن رحمته سبحانه وتعالي أن جعل فيه العذب والمالح الأجاج، وجعل العذب وهو مياه الأنهار يجري حتى لا يتعفن كذلك، ولا يتعفن ما يموت فيه من الحيوانات البرية، وجعل الماء المخزن في الأرض قريبا يمكن تناوله والوصول إليه، كما قال سبحانه وتعالي " وإنا علي ذهاب به لقادرون "
وقال الإمام القرطبي رحمه الله يعني الماء المختزن، وهذا تهديد ووعيد، أي في قدرتنا إذهابه وتغويره، ويهلك الناس بالعطش وتهلك مواشيهم، وهذا كقوله تعالى " قل أرأيتم إن أصبح ماؤكم غورا " أي غائرا في باطن الأرض " فمن يأتيكم بماء معين " والآيات القرآنية كثيرة في بيان الحديث عن الماء وأهميته ومواضيعه، فكم هو ثمين هذا الماء؟ وكم من نعم لا نشعر بأهميتها إلا بعد ضياعها؟ وصدق رب العزة حيث قال تعالي " وجعلنا من الماء كل شيء حي " ولولا الله تعالي ثم الماء الذي خلقه سبحانه وتعالى ما كان الإنبات ولا النبات ولا الحياة، وإعلموا يرحمكم الله أن الريح خلق من خلق الله تعالى، حيث قال الراغب والريح معروف وهي فيما قيل الهواء المتحرك وعامة المواضع التي ذكر الله تعالى فيها إرسال الريح بلفظ الواحد فعبارة عن العذاب، وكل موضع ذكر فيه بلفظ الجمع.
فعبارة عن الرحمة، فمن الريح قوله تعالي " إنا أرسلنا عليهم ريحا صرصرا " وقوله تعالي " فأرسلنا عليهم ريحا وجنودا " وقال تعالي في الجمع " وأرسلنا الرياح لواقح " وقال تعالي " أن يرسل الرياح مبشرات " وللريح أحكامها وآدابها وقد جاء في الكتاب والسنة ما يدل على هذه الأحكام فمنها أن الله تعالي قد عظمها وأقسم بها تشريفا لها في مواضع مثل قوله تعالي "والذاريات ذروا" وقوله تعالي " والمرسلات عرفا، فالعاصفات عصفا، والناشرات نشرا" وهي أية من آيات الله تعالى، وقال الإمام السعدي رحمه الله في قوله تعالى " وتصريف الرياح " أي باردة وحارة، وجنوبا وشمالا وشرقا وغربا وبين ذلك، وتارة تثير السحاب، وتارة تؤلف بينه، وتارة تلقحه، وتارة تدره، وتارة تمزقه وتزيل ضرره، وتارة تكون رحمة، وتارة ترسل بالعذاب.
إضافة تعليق جديد