رئيس مجلس الإدارة   
            د/ نبيلة سامى                   

                                               

          صحافة من أجل الوطن 

              (  مجلة مصر )

                             ( أحدث إصدارتنا)

الخميس 2 أكتوبر 2025 8:52 م توقيت القاهرة

القائد والإيمان بالله تعالى

بقلم / محمـــد الدكـــروري
الحمد لله الكريم الوهاب وهبنا نعمة الإيمان، والأمن في الأوطان، وأشهد ألا إله إلا الله وحده لا شريك له، الرحيم الرحمن، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله سيد ولد عدنان المرسل بالقرآن إلى الثقلين الإنس والجان، صلى الله عليه وعلى آله وأزواجه وأصحابه وأتباعه بإحسان إلى يوم الدين، أما بعد ذكرت المصادر الإسلامية الكثير عن الملك العادل ذي القرنين، وحينما نتوقف عند قصة ذي القرنين، نجد أسس القيادة والإدارة ماثلة أمام ناظرينا، تدلنا على أهم القواعد التي ينبغي أن تنطلق منها عملية القيادة والإدارة، والمهارات المختلفة الواجب توافرها في القائد الناجح، والمدير الفعال، ومن ذلك هو القائد والإيمان بالله تعالى، فإن القائد القوي الناجح في قيادته هو الذي تنبع قوته من إيمانه بالله عز وجل، فمنه يستمد القوة، ومنه يستمد العون وعليه يتوكل، فهو يجعل من الله عز وجل مركزا لحياته.

فإيمانه بالله سبحانه هو الذي يرسم له منهجه في العمل، وتعامله مع الآخرين، ولكن لماذا؟ لأن القائد المسلم صاحب رسالة في هذه الحياة نابعة من منهج الله عز وجل، ومن خلال قيادته يعمل على تحقيقها على أسس وضعها الله عز وجل لصالح البشرية وعمارة الأرض، فذو القرنين عبد من عباد الله الصالحين، مكنه الله في الأرض، وآتاه من كل شيء سببا فأتبع سببا، فرسالته وتنقلاته في أنحاء المعمورة كانت للدعوة في سبيل الله عز وجل والعمل الصالح، وقيادة الأمم لما فيه صالحها، وهذا ما وضح من رحلته إلى مغرب الشمس، كذا، إلى مطلع الشمس، وإلى بقعة من الأرض يسميها القرآن الكريم بين السدين، ولقد اتسم حديثه دائما بذكر الله عز وجل، والثناء عليه سبحانه، فلقد بدأ حديثه إلى شعب دون السدين بقوله " ما مكني فيه ربي خير " 

وقال عندما إنتهى من إقامة الردم بضخامته وإعجازه " هذا رحمة من ربي " وفي هذا ما يشير إلى قوة إيمانه بالله سبحانه، وإرجاع كل أمره إلى الله العليم الحكيم، ولقد تكررت لفظة واحدة خمس مرات على لسان ذي القرنين في قصته، وهذا يعكس لنا شيئا من نفسيته وروحه، ولغته التي يتعامل بها وحقيقة واقعه، أدخل تلك الكلمة في سياقات متنوعة، وقالها في مواطن مختلفة، ألا وهي كلمة "ربي" ليشعر بعبوديته التامة لله تعالى وإفتقاره إليه، وأنه هو وحده مربيه و المنعم عليه وهو الذي منحه تلك المنزلة الرفيعة، وبلغه إياها، قالها حينما حكم أهل المغرب فأوحى إليهم بها أنه عبد مطيع لأمر سيده، فقال " ثم يرد إلي ربه فيعذبه عذابا نكرا " ثم قالها في موطن عز وشرف حين إرتفعت الأعناق إليه طالبين إليه بناء السد فقال " ما مكني فيه ربي خير " 

وبعد أن أتم مشروعه وأكمل بناء السد، والنفوس كلها ممتنة له مسرورة بخدمته ونجاح خطواته، أرجع الفضل كله في ذلك إلى الله تعالى وعده من شواهد رحمة الله تعالى، ليربط القلوب بالله " هذا رحمة من ربي " مستغلا لحظات النجاح تلك في تعبيد الخلق لله تعالى، وتلك هي الغاية العليا لتفوقنا ونجاحنا وتصدرنا، إن كنا نعي دورنا حقا، وقال القاسمي رحمه الله " ومن فوائد القصة هو الإعلام بالدور الأخروي، وإنقضاء هذا الطور الأوّلي، لتبقى النفوس طامحة إلى ذلك العالم الباقي والنعيم السرمدي، ولذا قال " فإذا جاء وعد ربي " فإننا بحاجة دائما لأن نتذكر أننا مهما بلغنا في العلم والمجد والعلو مبلغا رفيعا، فإننا لا نخرج عن طور عبوديتنا لله تعالى والافتقار إليه، بل ما كان ذلك لنا إلا بتوفيق الله ومعونته ورحمته "هذا رحمة من ربي " 

وكلما زاد العبد رفعة ونجاحا، إزدادت منّة الله عليه، فازداد انكسارا وذلة لله تعالى وعبّد النفوس معه لله تعالى، وهي علاقة مطردة متى ما إختلت خشي على ذلك المرء أن يكون قد تم إستدراجه عياذا بالله، وقال الإمام ابن القيم رحمه الله" فإن تمام العبودية هو بتكميل مقام الذل والإنقياد، وأكمل الخلق عبودية أكملهم ذلا لله، وإنقيادا وطاعه ".

تصنيف المقال : 

إضافة تعليق جديد

CAPTCHA
This question is for testing whether or not you are a human visitor and to prevent automated spam submissions.
9 + 10 =
Solve this simple math problem and enter the result. E.g. for 1+3, enter 4.