رئيس مجلس الإدارة   
            د/ نبيلة سامى                   

                                               

          صحافة من أجل الوطن 

              (  مجلة مصر )

                             ( أحدث إصدارتنا)

الاثنين 21 أبريل 2025 3:41 ص توقيت القاهرة

الكاتب العراقي مصطفى الصائغ يكتب: عاد لــ .. يموت

مكتب العراق

في ليلةٍ ترسم الالوان صفتها .. وتحدد البسمة تاريخها .. في احد شرايين بغداد التي تمتزج بها الكريات الدموية المسيحية بالسنية الشيعية ... خرج من بيته كالعادة ليجلس مع اصحابه وزملائه في ذلك المقهى الذي اعتاد على ارتياده .. يمازح هذا ويشاكس ذاك متفقا ورافضا لاراء اصدقاءه بتحديد قضاء ليلة غد .. وعلى هذا الايقاع الهادئ تسكن الموسيقى الانسانية لسماع صوتٍ وحشي فإذا بخروج تنين لم يحدد موطنه .. نافخا ناره من سيارة مفخخة على مجمع لبيع الالبسة والعطور قرب المقهى لتبدا ألسنة النار بحوارية مع الاجساد والاجسام .. بلغة واحدة .. تستبدل فيها قناني العطور بقوارير الدماء والالبسة بالاكفان وتلف حبال الدخان على رقاب من افلت من العصف الهائج وهنا يفتح عادل كاميرا هاتفه ملتقطا صورة لذلك المشهد السوداوي ، كاتبا عليها( نعم لم امت وما زلت على قيد الحياة في انفجار الكرادة الاجرامي الجبان حيث كانت تفصلني خطوة عن الموت) ليسجل هذا المنشور على صفحته الخاصة في facebook مئات الاعجابا والتعليقات من متابعيه بين مطمئنا عليه ومستنكر لذلك الحدث .. لينتهي كل شئ بعد ايام فلم ينظر عادل لأعلى المنشور حيث سجل الموت له تلك اللحظة محتفظا بها .. ليأتي التاريخ ذاته بعد سنة واحدة ليخرج عادل من بيته كالعادة غير ان ما اختلف عن العام الماضي هو انه تخرج من كلية القانون قبل ايام معدودة وقد قدم على خطبة احدى الفتيات لتكن زوجة له ..

في ذلك المساء وبعد ان ابتلت عروقه بالماء معها - في دعوة افطار خاصة تقيمها ام عادل لها- بعد اتمامهم صيام ذلك اليوم .. خرج ليبل اغصان يده في حناء تختلف عن تلك التي توضع في العرس بل التي ملئت بها قناني العطر في العام الماضي .. فما لبث ان ودع خطيبته على امل الرجوع لها بعمل او وظيفة تليق ببياض وجهه وقلبه وتفكيره .. ليأتي ذات التنين ولكن هذه المره امامه ، مكشرا عن انيابه ببتسامة صفراء نافخا عليه ناره .. وهو يقول له عدت لي الان هنا بنفس المكان والزمان .. فليكن منشورك هذه المرة (انت الان على قيد الموت وكانت تفصلك خطوة عن الحياة) ..

في ليلة تبعد مقدار ثلاث منها عن يوم تغار الشمس به من بسمات الاطفال وينزل القمر به ليلاعبهم فهو عيد كما يسمى عند بقية الدول .. فكأنه (عاد ليموت) وكأن خطيبته تقول (عادل يموت) ..

عادل ذلك الشاب العراقي الذي يسكن بحي الكرادة ببغداد والذي لم يتم الخامسة والعشرين من عمره كانت له حصة بين الصور التي انتشرت على social media ملحقة بمنشورات خطيبته التي بين الوعي وعدمه اخذت تنشر رسائلهما الخاصة .. سقط شهيدا في الثالث من تموز بانفجار هز العاصمة العراقية ولم يهز ضمير سياسييها الاقزام ، قصته واحدة بين اكثر من 600 قصة شهيد وجريح سقطوا بالانفجار ذاته يغص بهم فم التأريخ العراقي الشهيد (الجديد).

تصنيف المقال : 

إضافة تعليق جديد

CAPTCHA
This question is for testing whether or not you are a human visitor and to prevent automated spam submissions.