رئيس مجلس الإدارة   
            د/ نبيلة سامى                   

                                               

          صحافة من أجل الوطن 

              (  مجلة مصر )

                             ( أحدث إصدارتنا)

السبت 27 أبريل 2024 11:51 ص توقيت القاهرة

انها الهجرة الكبرى 

بقلم مصطفى سبتة
إِنّي لَأَعجَبُ مِن قَومٍ أُولي فِطَن
ٍباعُوا النُّهى بِالعَمى وَالسَّمعَ بِالصَّمَمِ
يَعصُونَ خالِقَهُم جَهلاً بِقُدرَتِه
ِوَيَعكُفُونَ عَلى الطاغُوتِ وَالصَّنَمِ 
فَأَجمَعُوا أَمرَهُم أَن يَبغتُوهُ إِذا 
جَنَّ الظَّلامُ وَخَفَّت وَطأَةُ القَدَمِ
وَأَقبَلُوا مَوهِناً في عُصبَةٍ غُدُر
ٍمِنَ القَبائِلِ باعُوا النَّفسَ بِالزَّعَم
ِفَجاءَ جِبريلُ لِلهادِي فَأَنبأَهُ
بِما أَسَرُّوهُ بَعدَ العَهدِوَالقَسَم
ِفَمُذ رَآهُم قِياماً حَولَ مَأمَنِهِ
يَبغُونَ ساحَتَهُ بِالشَّرِّ وَالفَقَم
ِنادى عَلِيّاً فَأَوصاهُ وَقالَ لَهُ 
لا تَخشَ وَالبَس رِدائي آمِناً وَنَمِ 
وَمَرَّ بِالقَومِ يَتلُوُ وَهوَ مُنصَرِف
ٌيَس وَهيَ شِفاءُ النَّفسِ مِن وَصَمِ فَلَم 
يَرَوهُ وَزاغَت عَنهُ أَعيُنُهُم
وَهَل تَرى الشَّمس جَهراً أَعيُنُ الحَنَمِ
وَجاءَهُ الوَحيُ إِيذاناً بِهِجرَتِهِ 
فَيَمَّمَ الغارَ بِالصِّدِّيقِ في الغَسَمِ 
فَما اِستَقَرَّ بِهِ حَتّى تَبَوَّأَهُ مِنَ الحَمائِمِ
زَوجٌ بارِعُ الرَّنَم بَنى بِهِ عُشَّه
ُوَاِحتَلَّهُ سَكناً يَأوي إِلَيهِ غَداةَ الرّيحِ 
وَالرّهَم ِإِلفانِ ما جَمَعَ المِقدارُ بَينَهُما
إِلّا لِسِرٍّ بِصَدرِ الغارِ مُكتَتَمِ 
كِلاهُما دَيدَبانٌ فَوقَ مَربأَةٍ
يَرعَى المَسالِكَ مِن بُعدٍ وَلَم يَنَمِ 
إِن حَنَّ هَذا غَراماً أَو دَعا طَرَباً 
بِاسمِ الهَديلِ أَجابَت تِلكَ بِالنَّغَمِ
يَخالُها مَن يَراها وَهيَ جاثِمَةٌ
في وَكرِها كُرَةً مَلساءَ مِن أَدَمِ 
إِن رَفرَفَت سَكَنَت ظِلّاً وَإِن هَبَطَت
رَوَت غَليلَ الصَّدى مِن حائِرٍ شَبِمِ 
مَرقُومَةُ الجِيدِ مِن مِسكٍ وَغالِيَةٍ 
مَخضُوبَةُ الساقِ وَالكَفَّينِ بِالعَنَم
كَأَنَّما شَرَعَت في قانِيءٍ سربٍ مِن
أَدمُعِي فَغَدَت مُحمَرَّةَ القَدَمِ
وَسَجفَ العَنكَبُوتُ الغارَ مُحتَفِياً 
بِخَيمَةٍ حاكَها مِن أَبدَعِ الخِيَمِ 
قَد شَدَّ أَطنابَها فَاِستَحكَمَت وَرَسَت
بِالأَرضِ لَكِنَّها قامَت بِلا دِعَم
ِكَأَنَّها سابِريٌّ حاكَهُ لَبِقٌ بِأَرضِ 
سابُورَ في بحبُوحَةِ العَجَمِ 
وَارَت فَمَ الغارِ عَن عَينٍ تُلِمُّ بِهِ
فَصارَ يَحكي خَفاءً وَجهَ مُلتَثِم
ِفَيا لَهُ مِن سِتارٍ دُونَهُ قَمَرٌ يَجلُو
البَصائِرَ مِن ظُلمٍ وَمِن ظُلَمِ
فَظَلَّ فيهِ رَسولُ اللَّهِ مُعتَكِفاً كَالدُر
في البَحر أَو كَالشَمسِ في الغُسَمِ 
حَتّى إِذا سَكَنَ الإِرجاف وَاِحتَرقَت
أَكباد ُقَومٍ بِنارِ اليَأسِ وَالوَغَم
ِأَوحى الرَّسولُ بِإِعدادِ الرَّحيلِ إِلى
مَن عِندَهُ السِّرُّ مِن خِلٍّ وَمِن حَشَم
ِوَسارَ بَعدَ ثَلاثٍ مِن مَباءَتِهِ 
يَؤُمُّ طَيبَةَ مَأوى كُلِّ مُعتَصِم
ِفَحِينَ وَافى قُدَيداً حَلَّ مَوكِبُه
ُبِأُمِّ مَعبَدَ ذاتِ الشَّاءِ وَالغَنَمِ 
فَلَم تَجِد لِقِراهُ غَيرَ ضائِنَةٍ 
قَدِ اقشَعَرَّت مَراعِيها فَلَم تَسُمِ 
فَما أَمَرَّ عَلَيها داعِياً يَدَهُ حَتّى 
اِستَهَلَّت بِذِي شَخبينِ كَالدِّيَمِ 
ثُمَّ اِستَقَلَّ وَأَبقى في الزَّمانِ لَها
ذِكراً يَسيرُ عَلَى الآفاق كَالنَّسَمِ 
فَبَينَما هُوَ يَطوي البِيدَ أَدرَكَهُ
رَكضاً سُراقَةُ مِثلَ القَشعَمِ الضَّرِمِ 
حَتّى إِذا ما دَنا ساخَ الجَوادُ بِهِ في
بُرقَةٍ فَهَوى لِلسَّاقِ وَالقَدَمِ
فَصاحَ مُبتَهِلاً يَرجُو الأَمانَ وَلَو 
مَضى عَلى عَزمِهِ لانهارَ في رَجَم
ِوَكَيفَ يَبلُغُ أَمراً دُونَهُ وَزَرٌ مِنَ 
العِنايةِ لَم يَبلُغهُ ذُو نَسَمِ 
فَكَفَّ عَنهُ رَسولُ اللَّهِ وَهوَ بِهِ أَدرى
وَكَم نِقَمٍ تفتَرُّ عَن نِعَم
ِوَلَم يَزَل سائِراً حَتّى أَنافَ عَلى أَعلام
ِ طَيبَةَ ذاتِ المَنظَرِ العَمَمِ
أَعظِم بِمَقدَمِهِ فَخراً وَمَنقبَةً
لِمَعشَرِ الأَوسِ وَالأَحياءِ مِن جُشَمِ 
فَخرٌ يَدُومُ لَهُم فَضلٌ بِذِكرَتِهِ 
ما سارَت العِيسُ بِالزُّوّارِ لِلحَرَمِ 
يَومٌ بِهِ أَرَّخَ الإِسلامُ غُرَّتَهُ وَأَدرَكَ 
الدِّينُ فيهِ ذِروَةَ النُّجُمِ
ثُمَّ اِبتَنى سَيِّدُالكَونَينِ مَسحِدَهُ
بُنيانَ عِزٍّ فَأَضحى قائِمَ الدّعَمِ 
وَاِختَصَّ فيهِ بِلالاً بِالأَذانِ وَما 
يُلفى نَظيرٌ لَهُ في نَبرَةِ النَّغَم
حَتّى إِذا تَمَّ أَمرُ اللَّهِ وَاِجتَمَعَت
لَهُ القبَائِلُ مِن بُعدٍ وَمِن زَمَمِ 
قامَ النَّبِيُّ خَطيباً فيهِمُ فَأَرى نَهج
َالهُدى وَنَهى عَن كُلِّ مُجتَرَمِ
وَعَمَّهم بِكِتابٍ حَضَّ فيهِ عَلى
مَحاسِنِ الفَضلِ وَالآدابِ وَالشِّيمِ
فَأَصبَحُوا في إِخاءٍ غَيرِ مُنصَدِعٍ
عَلى الزَّمانِ وَعِزٍّ غَيرِ مُنهَدِمِ
وَحِينَ آخى رَسُولُ اللَّهِ بَينَهُمُ 
آخى عَلِيّاً وَنِعمَ العَونُ في القُحَمِ 
هُوَ الَّذي هَزَمَ اللَّهُ الطُغاةَ بِه
ِفي كُلِّ مُعتَرَكٍ بِالبِيضِ مُحتَدِم
فَاِستَحكَم الدِّينُ وَاِشتَدَّت دَعائِمُهُ
حَتّى غَدا واضِحَ العِرنينِ ذا شَمَمِ
وَأَصبَحَ الناسُ إِخواناً وَعَمَّهُمُ 
فَضلٌ مِنَ اللَّهِ أَحياهُم مِنَ َ العَدَمِ

 

تصنيف المقال : 

إضافة تعليق جديد

CAPTCHA
This question is for testing whether or not you are a human visitor and to prevent automated spam submissions.