رئيس مجلس الإدارة   
            د/ نبيلة سامى                   

                                               

          صحافة من أجل الوطن 

              (  مجلة مصر )

                             ( أحدث إصدارتنا)

السبت 12 أبريل 2025 1:38 م توقيت القاهرة

تكريم الله لصاحب القرآن

 
بقلم / محمـــد الدكـــروري

الحمد لله رب العالمين ولي الصالحين ولا عدوان إلا على الظالمين والصلاة والسلام على إمام المتقين، وقدوة الناس أجمعين، وعلى آله وصحبه والتابعين ثم أما بعد لقد ذكر محمد بن إسحاق عن الإمام الزهري، في قصة أبي جهل حين جاء يستمع قراءة النبي المصطفي صلى الله عليه وسلم من الليل، هو وأبو سفيان صخر بن حرب، والأخنس بن شريق، ولا يشعر واحد منهم بالآخر، فاستمعوها إلى الصباح، فلما هَجَم الصبح تفرّقوا، فجمعتهم الطريق، فقال كل منهم للآخر، ما جاء بك؟ فذكر له ما جاء له ثم تعاهدوا ألا يعودوا، لما يخافون من علم شباب قريش بهم، لئلا يفتتنوا بمجيئهم فلما كانت الليلة الثانية جاء كل منهم ظنا أن صاحبيه لا يجيئان، لما تقدم من العهود، فلما أجمعوا جمعتهم الطريق، فتلاوموا، ثم تعاهدوا ألا يعودوا. 

فلما كانت الليلة الثالثة جاؤوا أيضا، فلما أصبحوا تعاهدوا ألا يعودوا لمثلها ثم تفرقوا، فلما أصبح الأخنس بن شريق أخذ عصاه، ثم خرج حتى أتى أبا سفيان بن حرب في بيته، فقال أخبرني يا أبا حنظلة عن رأيك فيما سمعت من محمد؟ قال يا أبا ثعلبة، والله لقد سمعت أشياء أعرفها وأعرف ما يراد بها، وسمعت أشياء ما عرفت معناها ولا ما يراد بها، قال الأخنس وأنا والذي حلفت به، ثم خرج من عنده حتى أتى أبا جهل، فدخل عليه في بيته فقال يا أبا الحكم، ما رأيك فيما سمعت من محمد؟ قال ماذا سمعت؟ تنازعنا نحن وبنو عبد مناف الشرف أطعموا فأطعمنا، وحملوا فحملنا، وأعطوا فأعطينا، حتى إذا تجاثينا على الرّكب، وكنا كفرسي رهان، قالوا منا نبي يأتيه الوحي من السماء فمتى ندرك هذه؟ والله لا نؤمن به أبدا ولا نصدقه، فخلا الأخنس بأبي جهل فقال يا أبا الحكم. 

أخبرني عن محمد أصادق هو أم كاذب؟ فإنه ليس هاهنا من قريش غيري وغيرك يسمع كلامنا، فقال أبو جهل ويحك والله إن محمدا لصادق، وما كذب محمد قط، ولكن إذا ذهبت بنو قصيّ باللواء والسقاية والحجاب والنبوة، فماذا يكون لسائر قريش؟ فذلك قول الله تعالي كما جاء في سورة الأنعام " قد نعلم إنه ليحزنك الذي يقولون فإنهم لا يكذبونك ولكن الظالمين بأيات الله يجحدون "  وهذا كبير قريش الوليد بن المغيرة ترسله قريش للرسول المصطفي صلي الله عليه وسلم ليقنع أحدهما الآخر فرق لما سمع من النبي صلى الله عليه وسلم، فعن عكرمة رضي الله عنه أن الوليد بن المغيرة جاء إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقرأ عليه القرآن، فكأنه رق له، فبلغ ذلك أبا جهل بن هشام، فأتاه فقال أي عم، إن قومك يريدون أن يجمعوا لك مالا، قال لما؟ قال يعطونكه. 

فإنك أتيت محمدا تتعرض لما قبله، قال قد علمت قريش أني أكثرها مالا، قال فقل فيه قولا يعلم قومك أنك منكر لما قال، وأنك كاره له، قال فماذا أقول فيه؟ فوالله ما منكم رجل أعلم بالأشعار مني، ولا أعلم برجزه ولا بقصيده ولا بأشعار الجن، والله ما يشبه الذي يقوله شيئا من ذلك، والله إن لقوله الذي يقول لحلاوة، وإنه ليحطم ما تحته، وإنه ليعلو وما يعلى، وقال والله لا يرضى قومك حتى تقول فيه، قال فدعني حتى أفكر فيه، فلما فكر قال إن هذا سحر يأثره عن غيره، فنزلت الآيات الكريمه " ذرني ومن خلقت وحيد " أي بمعني انه خرج من بطن أمه وحيدا، وكما قيل أنه كان يسمي في قومه الوحيد، فإذا كان كبار كفار قريش مغرمين بسماع القرآن وتدبره، فحري بنا نحن المسلمين أن نتمسك بالقرآن حفظا وتلاوة وسماعا وعملا وخصوصا ونحن في شهر القرآن. 

فالواجب علينا  في هذا الشهر الفضيل أن نهتم بالقرآن الكريم وأن نكرّم حفظة القرآن الكريم ومحفظيه ولنا القدوة في رسولنا الكريم صلى الله عليه وسلم فكان يقدم صاحب القرآن للإمامة في الصلاة تكريما له، وكان صلى الله عليه وسلم يجعل صاحب القرآن أميراً على القوم إذا أراد أن يبعث بعثا، بل إن النبي صلى الله عليه وسلم كرم صاحب القرآن ميتا كما كان يكرمه حيا، فبعد معركة أحد وعند دفن الشهداء كان النبي صلى الله عليه وسلم يجمع الرجلين في قبر واحد ويقدم أكثرهم حفظا، وهذا فضلا عن تكريم الله لصاحب القرآن وأبويه يوم القيامة على رؤوس الخلائق.

تصنيف المقال : 

إضافة تعليق جديد

CAPTCHA
This question is for testing whether or not you are a human visitor and to prevent automated spam submissions.