رئيس مجلس الإدارة   
            د/ نبيلة سامى                   

                                               

          صحافة من أجل الوطن 

              (  مجلة مصر )

                             ( أحدث إصدارتنا)

الجمعة 18 أبريل 2025 9:25 م توقيت القاهرة

زيادة أسعار الوقود في مصر خطوة اقتصادية حتمية أم عبء اجتماعي جديد؟

بقلم د/ سماح عزازي 

أعلنت وزارة البترول والثروة المعدنية، بدء تطبيق زيادات جديدة في أسعار المنتجات البترولية اعتبارًا من الساعة السادسة صباح يوم الجمعة 11 أبريل 2025، وذلك ضمن آلية التسعير التلقائي للوقود التي تربط الأسعار المحلية بتغيرات الأسواق العالمية وسعر صرف العملة المحلية.

وشملت الزيادة الجديدة أغلب أنواع الوقود والغاز المستخدم في القطاعات الصناعية والمنزلية، لتصبح الأسعار على النحو التالي:

بنزين 95: 19 جنيهًا للتر

بنزين 92: 17.25 جنيهًا للتر

بنزين 80: 15.75 جنيهًا للتر

السولار والكيروسين: 15.5 جنيهًا للتر

المازوت الصناعي (لباقي الصناعات): 10,500 جنيه للطن

أسطوانة البوتاجاز المنزلي (12.5 كجم): 200 جنيه

الأسطوانة التجارية: 400 جنيه

طن الغاز الصب: 16,000 جنيه

الغاز المورد لقمائن الطوب: 210 جنيهًا لكل مليون وحدة حرارية
مع تثبيت سعر المازوت المورد لمحطات الكهرباء والصناعات الغذائية، وكذلك غاز تموين السيارات.

رفع الدعم العدالة الاجتماعية أولاً
واحدة من الركائز الأساسية لهذه الخطوة هي خطة الدولة لرفع الدعم التدريجي عن الوقود والطاقة، بحيث لا يكون الدعم مفتوحًا لكل طبقات المجتمع، بل يُوجَّه مباشرة للفئات المستحقة. فالدعم الشامل كان يستفيد منه الأغنياء أكثر من الفقراء، وكانت موارد الدولة تُستنزف لتوفير بنزين وسولار للأعلى دخلًا، وحتى لغير المواطنين.

الهدف اليوم هو إعادة توجيه الدعم ليصل إلى أبناء البلد من الطبقات المتوسطة والفقيرة، عبر برامج الحماية الاجتماعية والدعم النقدي مثل "تكافل وكرامة"، ووقف استفادة اللاجئين والمقيمين الأجانب أو الطبقات العليا من دعم لا يحتاجونه ولا يستحقونه.

هذا التوجيه يُعدّ خطوة نحو تحقيق عدالة اجتماعية حقيقية، تُراعي ظروف الفئات التي تحتاج للدعم فعلًا، وتضمن كفاءة استخدام موارد الدولة المحدودة.

ما الأسباب وراء هذه الزيادة؟
1. ارتفاع الأسعار العالمية: أسعار النفط في الأسواق العالمية شهدت زيادات ملحوظة خلال الأشهر الأخيرة.

2. تحرير تدريجي للدعم: الدولة تسير بخطة تدريجية نحو تقليل دعم الطاقة لتخفيف العبء على الموازنة العامة

3. تقليل الفجوة التمويلية: رفع الأسعار يقلل من الفجوة بين تكلفة الإنتاج وسعر البيع المدعوم، مما يساعد في تقليل العجز.

التأثير السلبي على المواطن:
زيادة تكلفة النقل والمواصلات، خاصة للسيارات التي تعمل بالسولار أو البنزين 80.

ارتفاع أسعار السلع الغذائية نتيجة زيادة تكلفة الشحن والإنتاج، خاصة في الصناعات المعتمدة على الوقود.

عبء إضافي على الأسر الفقيرة التي تعتمد بشكل كبير على أسطوانات البوتاجاز في الطهي، وقد تتأثر ميزانياتها بشدة.
زيادة في تكلفة البناء والصناعة مثل مصانع الطوب التي تعتمد على الغاز.

التأثير الإيجابي المتوقع:
ترشيد استهلاك الوقود وتقليل الهدر في استخدام البنزين والسولار، مما ينعكس إيجابًا على البيئة.

توجيه الدعم لمستحقيه الأموال التي كانت تُصرف على دعم الوقود قد تُعاد توجيهها لبرامج الدعم النقدي مثل "تكافل وكرامة".

تحفيز الاستثمار في الطاقة البديلة من شأن ارتفاع أسعار الوقود أن يدفع قطاعات الصناعة والنقل للبحث عن بدائل أكثر استدامة.

تحقيق استقرار مالي نسبي للحكومة، مما ينعكس على قدرة الدولة في الإنفاق على البنية التحتية والتعليم والصحة.

هل هناك بدائل لتخفيف العبء؟
دعم مباشر للأسر الأكثر احتياجًا.
توسيع شبكات النقل العام وتحسينها لتقليل الاعتماد على وسائل النقل الخاصة.
دعم التحول لاستخدام الغاز الطبيعي في السيارات.
التوسع في مشاريع الطاقة الشمسية والكهربية.

دعم غير عادل
تأتي هذه الزيادة في إطار خطة الدولة لرفع الدعم التدريجي عن المحروقات، وهي خطوة تستهدف تصحيح مسار الدعم الذي طالما عانى من اختلالات هيكلية. فالدعم الذي ظل لسنوات يُقدَّم بشكل شامل، لم يكن يُوجَّه للفئات المحتاجة وحدها، بل استفاد منه الجميع دون تفرقة، بمن فيهم الطبقات المقتدرة، وأحيانًا حتى المقيمون الأجانب واللاجئون، وهو ما يمثل عبئًا مزدوجًا على موازنة الدولة وعلى العدالة الاجتماعية.

وتسعى الحكومة من خلال هذه السياسات إلى توجيه الدعم إلى مستحقيه الحقيقيين من أبناء الطبقات الفقيرة والمتوسطة، عبر أدوات أكثر كفاءة مثل برامج الدعم النقدي المباشر (تكافل وكرامة، الدعم التمويني، وغيرها)، في مقابل تقليص الدعم العيني الذي يُستنزف من دون جدوى.

التأثيرات المباشرة
من غير شك، فإن الزيادة الجديدة ستلقي بظلالها على الحياة اليومية للمواطنين، خاصة مع احتمال ارتفاع أسعار النقل والمواصلات، وكذلك السلع الأساسية التي تعتمد في إنتاجها ونقلها على الوقود. كما ستتأثر قطاعات البناء والصناعة، مثل مصانع الطوب التي تعتمد بشكل أساسي على الغاز والمازوت، مما قد يؤدي إلى ارتفاع تكاليف البناء.

وجه آخر للعملة
في المقابل، يرى بعض المحللين أن هذه الخطوة كانت حتمية في ظل الظروف الاقتصادية العالمية، وتقلّب أسعار الطاقة، فضلًا عن سعي الدولة لخفض عجز الموازنة وتوجيه الموارد إلى قطاعات أكثر إلحاحًا مثل التعليم والصحة والبنية التحتية.

كما أن رفع الأسعار من شأنه أن يساهم في ترشيد الاستهلاك وتقليل الهدر، إلى جانب تشجيع التحول إلى البدائل النظيفة للطاقة، بما فيها الغاز الطبيعي والكهرباء، وهو ما يتماشى مع أهداف التنمية المستدامة.

الموازنة بين الإصلاح والعدالة
يبقى التحدي الأساسي أمام الحكومة هو كيفية إدارة تبعات هذا القرار، وضمان ألا يتحمّل المواطن البسيط وحده تكلفة الإصلاح، وذلك عبر تفعيل آليات الرقابة على الأسواق، وتعزيز برامج الحماية الاجتماعية، وتوسيع وسائل النقل الجماعي، ودعم الفئات الأكثر تضررًا.

خاتمة
بينما تشكّل هذه الزيادة عبئًا على المواطن، إلا أن الحكومة تسعى لتحقيق التوازن بين الضرورة الاقتصادية وحماية الفئات الهشة. ويبقى التحدي الحقيقي في كيفية إدارة هذا القرار وتقديم بدائل فعالة لتقليل أثره السلبي على حياة الناس اليومية.
الإصلاح الاقتصادي لا يأتي دون ثمن، ولكن نجاحه يقاس بمدى عدالة توزيعه . رفع الأسعار مؤلم، لكنه خطوة نحو إصلاح حقيقي يتطلب إدارة حكيمة، وضمان ألا يتحمل الفقراء العبء وحدهم. يبقى السؤال: هل ستنجح الدولة في تحقيق عدالة الدعم وتخفيف الأثر ؟  فهل تنجح الدولة في تطبيق هذا التحول بما يضمن الإنصاف الاجتماعي والاستقرار الاقتصادي معًا ؟  هذا ما ستجيب عليه الأيام القادمة.

رأيك يهمنا.. هل تؤيد خطة توجيه الدعم؟ وهل ترى أنها تطبّق بالشكل العادل؟

تصنيف المقال : 

إضافة تعليق جديد

CAPTCHA
This question is for testing whether or not you are a human visitor and to prevent automated spam submissions.