بقلم / محمـــد الدكـــروري
الحمد لله المحمود بجميع المحامد تعظيما وثناء المتصف بصفات الكمال عزة وكبرياء، الحمد لله الواحد بلا شريك القوي بلا نصير العزيز بلا ظهير الذي رفع منازل الشهداء في دار البقاء وحث عباده على البذل والفداء أحمده سبحانه حمدا يليق بجلال وجهه وعظيم سلطانه فهو الأول والآخر والظاهر والباطن ليس كمثله شيء وهو السميع البصير، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمدا عبده ورسوله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه الأئمة الكرام النجباء وسلم تسليما كثيرا أما بعد عند إستقرار وضع المسلمون في المدينة بعد الهجرة النبوية الشريفة ظهرت قريش مجددا على الساحة مهددة ومتوعدة بإستئصال المسلمون عن بكرة أبيهم، ولم تكتفي قريش بتهديد المسلمين فحسب بل شمل هذا التهديد أيضا من يعيش معهم في المدينة في سلم.
فكتبوا إلى عبد الله بن أبي بن سلول بصفته رئيس الأنصار يقولون لهم في كلمات باتة " إنكم آويتم صاحبنا، وإنا نقسم بالله لتقاتلنه أو لتخرجنه، أو لنسيرن إليكم بأجمعنا، حتى نقتل مقاتلتكم، ونستبيح نساءكم " وبمجرد بلوغ هذا الكتاب قام المنافق عبد الله بن أبي بن سلول ليمتثل أوامر إخوانه المشركين من أهل مكة، وقد كان يحقد على النبي صلى الله عليه وسلم، لما يراه أنه أخذ ملكه، وبالفعل جمع من معه من عبدة الأوثان وإجتمعوا لقتال المسلمين إلا أن النبي صلى الله عليه وسلم، استطاع احتواءهم، ولما علمت قريش بفشل مخططها بإثارة الفتنة في المدينة عمدت إلى تهديد المسلمين مباشرة، وارسلت إليهم قائلة " لا يغرنكم أنكم أفلتمونا إلى يثرب، سنأتيكم فنستأصلكم، ونبيد خضراءكم في عقر داركم " وإزاء كل هذه الأحداث وبعد أن أصبح المسلمون قوة.
أذن الله تعالى، لهم بالقتال ورد العدوان، وهذا هو تعريف الجهاد في الإسلام، وكان وبعد ذلك شرع الجهاد أيضا لتمكين العقيدة من الانتشار دون عقبات، ويؤمن المسلمون أن من واجبهم نشر الإسلام والتعريف به في شتى بقاع العالم، وأما الدخول في الإسلام فهي حرية شخصية لا إكراه فيها، ولصرف الفتنة عن الناس، ليتمكنوا من اختيار الدين الحق بإرادتهم الحرة، فقال الله تعالى فى سورة البقره من كتابه الكريم "وقاتلوهم حتى لا تكون فتنة ويكون الدين لله، فإن انتهوا فلا عدوان إلا على الظالمين" ومن هنا ينبغى أن نؤكد على أن الجهاد حق وفريضة محكمة لا يملك أحد تعطيله ولا منعه، ولكنه إذا تفلت من الضوابط الشرعية ولم تطبق فيه الأركان والشروط والقيود التى ذكرها علماء الشريعة خرج عن أن يكون جهادا مشروعا.
فتارة يصير إفسادا فى الأرض، وتارة يصير غدرا وخيانة، فليس كل قتال جهادا، ولا كل قتل فى الحرب يكون مشروعا، وهذا يستلزم أن نفرق هنا بين مفهومين مهمين، وهما مفهوم الجهاد والإرجاف، ومفاهيم أخرى كالبغى والحرابة، التى يخلطها بعضهم بالجهاد، فإن مصطلح الجهاد فى سبيل الله، هو مصطلح إسلامى نبيل له مفهومه الواسع فى الإسلام، فهو يطلق على مجاهدة النفس والهوى والشيطان، ويطلق على قتال العدو الذى يُراد به دفع العدوان وردع الطغيان، وهذا النوع من الجهاد له شروطه التى لا يصح إلا بها، من وجود الإمام المسلم الذى يستنفر المسلمين من رعيته للجهاد، ووجود راية إسلامية واضحة، وتوفر الشوكة والمنعة للمسلمين.
إضافة تعليق جديد